الیمن: "کارثة من صنع الإنسان بالکامل" - تقریر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان یحث على إجراء...
الیمن: "کارثة من صنع الإنسان بالکامل" - تقریر...
ویوثق التقریر منذ أیلول/سبتمبر 2014 ، والذی جاء بتکلیف من مجلس حقوق الإنسان فی الأمم المتحدة الانتهاکات والإساءات لحقوق الإنسان والقانون الدولی الإنسانی والتی جرى ارتکابها على مدى ثلاث سنوات، وفی الفترة المحصورة من آذار/مارس 2015، الى 30 آب/أغسطس 2017 ، أی الفترة التی بدأ فیها مکتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بإعداد التقاریر حول عدد الإصابات بین المدنیین، جرى توثیق مقتل ما لا یقل عن 5,144 شخصاً وجرح أکثر من 8,749 شخصاً.
وشکَّل الأطفال 1,184 شخصاً من أصل الذین قُتلوا و1,592 من أصل أولئک المصابین بجروح. وظلت الغارات الجویة التی نفذها التحالف السبب الرئیسی لإصابات الأطفال وکذلک إجمالی الإصابات التی تعرَّض لها المدنیون. وأفادت التقاریر أن حوالى 3,233 شخصاً من المدنیین قُتلوا على ید قوات التحالف.
ویقول التقریر انه "بالإضافة إلى قصف الأسواق والمستشفیات والمدارس والمناطق السکنیة وسواها من البنى التحتیة العائدة للقطاعین العام والخاص، شهد العام الماضی تنفیذ غارات جویة على تجمعات مجالس العزاء وعلى قوارب صغیرة للمدنیین. وقد انتشرت هذه الأحداث على نطاق واسع".
ووجد التقریر أن المحافظات الأکثر تضرراً من النزاع کانت عدن والحدیدة وصنعاء وتعز. وأشار التقریر إلى أن الأزمة الإنسانیة – التی یحتاج بفعلها حوالى 18.8 ملیون شخص إلى المساعدات الإنسانیة ویقف بسببها 7.3 ملایین شخص عند حافة الجوع – هی نتیجة مباشرة لسلوک أطراف النزاع، بما فی ذلک الهجمات العشوائیة والهجمات ضد المدنیین والممتلکات المحمیة وعملیات التضییق والحصار والقیود على التنقل.
یقول التقریر "فی حالات عدة، تشیر المعلومات التی تمَّ الحصول علیها إلى أنه ربما تمَّ استهداف المدنیین مباشرة أو أن العملیات کانت تُنفَّذ من دون اکتراث للأثر الذی تخلِّفه على المدنیین ومن دون مراعاة لمبادئ حیاد للمدنیین والنسبة و التناسب والوقایة أثناء الهجوم. وفی بعض الحالات، أشارت المعلومات إلى أنه لم یتم اتخاذ أی خطوات للحد من أثر العملیات على المدنیین".
"لقد جرى قصف تعز بلا هوادة، وحتى فی وقت لاحق، بقی الأثر الذی ترکته هذه الهجمات على المدنیین والممتلکات المدنیة واضحاً بالنسبة إلى الأطراف المتورطة فی النزاع. ویبدو أن استخدام هذه الأسالیب هو انتهاک لحظر الهجمات العشوائیة والالتزام بضرورة اتخاذ کل السبل الوقائیة المجدیة لحمایة المدنیین والممتلکات المدنیة".
یضیف التقریر أن استخدام الأسلحة المحرمة لا یزال مستمراً. ویشدِّد قائلاً إن "الجهود الضئیلة المبذولة للمساءلة عمَّا ارتکب العام الماضی هی غیر کافیة کلیاً للرد على خطورة الانتهاکات والإساءات التی تتواصل یومیاً فی الیمن".
ویلفت التقریر إلى أن اللجنة الوطنیة التی أنشئت بغرض التحقیق فی انتهاکات حقوق الإنسان الحاصلة فی الیمن لا تعتبر حیادیة. وفی غیاب الاعتراف بها من قبل جمیع الأطراف المنخرطة فی النزاع، فإن اللجنة لا تستطیع أن تقدم تقریراً شاملاً وحیادیاً بشأن حالة حقوق الإنسان فی الیمن.
وکان مفوض الأمم المتحدة السامی لحقوق الإنسان زید رعد الحسین قد أشار إلى أنه من الضروری إجراء تحقیق مستقل ودولی بشأن النزاع فی الیمن. وقال "لقد دعوت مراراً وتکراراً المجتمع الدولی إلى اتخاذ مبادرة – إجراء تحقیق مستقل ودولی بشأن المزاعم المتعلقة بانتهاکات خطیرة جداً لحقوق الإنسان والقانون الدولی الإنسانی فی الیمن. وإن إجراء تحقیق دولی سیکون مفیداً جداً فی إنذار الأطراف المتورطة فی النزاع الذی یراقبه المجتمع الدولی وهو مصمم على مساءلة مرتکبی الانتهاکات والإساءات".
وقال المفوض السامی "إن تحفظ المجتمع الدولی عن طلب العدالة لضحایا النزاع فی الیمن لهو أمر مخز، ویساهم بطرق عدة فی استمرار الرعب". وأضاف "أدعو جمیع الأطراف المنخرطة فی النزاع، والأشخاص الذین یدعمونهم والأشخاص الذین لدیهم تأثیر علیهم إلى أن یتحلوا بالرحمة على شعب الیمن، وإلى أن یتخذوا تدابیر فوریة لضمان الإغاثة الإنسانیة للمدنیین والعدالة لضحایا الانتهاکات".
ولا تزال جهات مسلحة أخرى تستفید من انعدام الأمن السائد فی الیمن. فخلال العام الماضی، عززت بعض الجماعات المتطرفة تواجدها وقامت بأقلمته. وعلى سبیل المثال، بعد إخراج تنظیم القاعدة من مدینة المکلا فی محافظة حضرموت فی نیسان/أبریل 2016، بدأ التنظیم ینشط حالیاً فی مدینة تعز.
ویثیر التقریر المخاوف من حدوث عملیة واسعة النطاق فی الحدیدة، من شأنها أن تؤدی إلى وقوع إصابات بالغة بین المدنیین وتزید من تشرید المدنیین، فضلاً عن الصعوبة فی الحصول على السلع الضروریة لبقاء السکان والتی یتم تزوید معظم أنحاء البلاد بها من خلال میناء الحدیدة. ویقول التقریر "لقد خلَّفت عملیات التضییق والحصار التی فرضتها الأطراف المتحاربة أثراً مدمراً على المدنیین، إذ منعتهم من مغادرة المناطق المتضررة بفعل النزاع إلى برِّ الأمان، وعندما یبقون فی هذه المناطق، فإنها تمنعهم من الحصول على السلع الضروریة للبقاء".
وقال المفوض السامی زید "أدعو جمیع الأطراف المنخرطة فی النزاع إلى وقف الأعمال القتالیة والعمل بحزم باتجاه حل یتم التفاوض بشأنه ویکون دائماً، حتى یعرف شعب الیمن السلام فی نهایة المطاف".
تصاعد حدَّة القتال فی الیمن یتسبَّب بمعاناة شدیدة للمدنیین
بثینة محمد منصور البالغة من العمر أربع سنوات، والناجیة الوحیدة من إحدى الغارات الجویة التی ضربت أخیراً العاصمة الیمنیة صنعاء، هی من بین آخر الضحایا فی النزاع الذی أدَّى إلى حصول أکبر أزمة إنسانیة فی العالم. وتسبَّب الانفجار الذی أحدثته الغارة بمقتل والدی بثینة وخمسة من أشقائها، تارکاً إیاها مع ارتجاج فی المخ وکسور فی الجمجمة. وأثارت الصورة التی نُشرت للطفلة بثینة وهی تقبع فی المستشفى، فیما تظهر علیها آثار الکدمات وتعلو جسدها الضمادات محاولةً أن تفتح عینیها المتورمتین لرؤیة ما حولها، سخطاً عالمیاً بشأن عدد الخسائر التی خلَّفها النزاع على الشعب الیمنی.
وقُتل فی النزاع ما لا یقل عن 5,000 مدنی، بما فی ذلک 1,120 طفلاً وجُرح أکثر من 8,500 شخص، وفق مکتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الذی رصد الأحوال فی الیمن منذ اندلاع الحرب فی آذار/مارس 2015. وفی أحدث تقریر سیقدمه إلى مجلس حقوق الإنسان فی أیلول/سبتمبر، من المنتظر أن یعرض المکتب النتائج التی توثق ازدیاد الانتهاکات لحقوق الإنسان فی الفترة الممتدة بین 1 تموز/یولیو 2016 و30 حزیران/یونیو 2017.
وتبیِّن المقابلات التی أجریت مع مجموعة من الناجین والشهود وأفراد أسر الضحایا، إلى جانب بعض الزیارات الموقعیة والاجتماعات مع السلطات، تصعیداً فی الأعمال القتالیة وازدیاداً فی حالات الوفاة بین المدنیین وتدهوراً سریعاً فی الحالة الإنسانیة فی الیمن. ووفقاً لأحدث تقریر جرى إعداده، فاق عدد الغارات الجویة فی النصف الأول من هذا العام ذاک المسجل فی العام 2016 بأکمله. وکانت النتیجة زیادة فی حصیلة حالات الوفاة بین المدنیین وتدهوراً فی حالة الطوارىء الإنسانیة.
ووصف أحد الناجین المشهد فی أعقاب غارة جویة ضربت فی آب/أغسطس 2016 حی صوفان بمدیریة الثورة فی محافظة صنعاء. والجدیر بالذکر أن الهجوم دمَّر معملاً للمواد الغذائیة، متسبباً بمقتل 10 عمال وجرح 13 آخرین. وقال "کانت جثث الضحایا متفحمة جداً إلى درجة أن أسرهم واجهت صعوبة فی التعرف على هویاتهم. وبقی بعض الناجین عالقین تحت الرکام لساعات".
ویقدِّر مکتب الأمم المتحدة لتنسیق الشؤون الإنسانیة أن حوالى ثلاثة ملایین شخص أجبروا على الفرار من منازلهم منذ بدء النزاع، فی حین یواجه أکثر من سبعة ملایین شخص خطر الجوع ویحتاج نحو 19 ملیون شخص من أصل 27.4 ملیون شخص یشکلون سکان البلاد إلى المساعدات الإنسانیة. ومنذ نیسان/أبریل 2017، أصیب أکثر من نصف ملیون شخص بمرض الکولیرا الذی ارتبط تفشیه بغیاب الحصول على المیاه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحی المناسبة.
وقال العبید العبید، رئیس مکتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فی الیمن "للأسف، استمرت حالة حقوق الإنسان فی الیمن فی التدهور نتیجة للنزاع". أضاف "لقد زاد عدد إصابات المدنیین واستمرت الانتهاکات لحقوق الإنسان، بما فی ذلک الهجمات على المرافق التعلیمیة والصحیة بالإضافة إلى تجنید الأطفال کجنود عسکریین. وثمة قمع مستمر لحریة التعبیر ومجموعة من الانتهاکات للحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة".
وتبیِّن المعلومات التی جمعها مکتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تنفیذ هجمات عشوائیة واضحة ضد السکان المدنیین من قبل طرفی النزاع، ویبدو أنه جرى استهداف المدنیین مباشرة بالغارات الجویة وعملیات القصف. کما یشیر التقریر إلى أن الأشخاص الذین عارضوا الأطراف المنخرطة فی النزاع تعرضوا للمضایقة والاعتقال، وبین الحین والآخر، للتعذیب والقتل، ما یثیر المخاوف بشأن ازدیاد التدهور فی الانتهاکات والإساءات المعنیة بحقوق الإنسان ضد المدنیین.
وتوسعت الهجمات على المدنیین أخیراً إلى المیاه قبالة الساحل الغربی للیمن، حیث تعرضت مراکب للصید وقوارب تقلُّ على متنها بعض المهاجرین لإطلاق نار. وفی إحدى الحوادث، تعرض قارب ینقل 146 مهاجراً صومالیاً لإطلاق نار نفذه مهاجمون على متن سفینة ومن الجو عبر مروحیة هیلیکوبتر، ما أدى إلى مقتل 42 مدنیاً. ولم یعلن أی طرف مسؤولیته عن الهجوم.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامی لحقوق الإنسان زید رعد الحسین "لقد دعوت مراراً وتکراراً المجتمع الدولی إلى اتخاذ مبادرة – إجراء تحقیق مستقل ودولی بشأن المزاعم المتعلقة بانتهاکات خطیرة جداً لحقوق الإنسان والقانون الدولی الإنسانی فی الیمن". أضاف "إن إجراء تحقیق دولی سیکون مفیداً جداً فی إنذار الأطراف المتورطة فی النزاع الذی یراقبه المجتمع الدولی وهو مصمم على مساءلة مرتکبی الانتهاکات والإساءات". کما أعرب المفوض السامی عن مخاوفه الجدیة فی ما یتعلق بظهور مجموعات مسلحة جدیدة مرتبطة بتنظیم القاعدة تستغل الفراغ الأمنی السائد فی الیمن والذی نشأ نتیجة تصاعد حدَّة النزاع.
وقال المفوض السامی "أدعو جمیع الأطراف المنخرطة فی النزاع، والأشخاص الذین یدعمونهم والأشخاص الذین لدیهم تأثیر علیهم إلى أن یتحلوا بالرحمة على شعب الیمن، وإلى أن یتخذوا تدابیر فوریة لضمان الإغاثة الإنسانیة للمدنیین والعدالة لضحایا الانتهاکات".