هیئات حقوق الإنسان البحرینیة، المدعومة بریطانیاً، تخفق فی تحقیق وعود الإصلاح التی أُطلقت فی 2011

رمز المدونة : #1385
تاریخ النشر : دوشنبه, 1 آذر 1395 15:44
قالت منظمة العفو الدولیة فی تقریر جدید ، بعد مرور أکثر من خمس سنوات على انتفاضة 2011 فی البحرین، التی شهدت تعرض المتظاهرین السلمیین للضرب، وإطلاق النار، والقتل فی الشوارع، إن الإصلاحات الرئیسیة التی اُعلن عنها للتصدی لانتهاکات حقوق الإنسان التی ارتکبتها قوات الأمن لم تحقق العدالة للغالبیة العظمى من الضحایا وعائلاتهم.

                                                                                                                                                                                                      

  قالت منظمة العفو الدولیة فی تقریر جدید ، بعد مرور أکثر من خمس سنوات على انتفاضة 2011 فی البحرین، التی شهدت تعرض المتظاهرین السلمیین للضرب، وإطلاق النار، والقتل فی الشوارع، إن الإصلاحات الرئیسیة التی اُعلن عنها للتصدی لانتهاکات حقوق الإنسان التی ارتکبتها قوات الأمن لم تحقق العدالة للغالبیة العظمى من الضحایا وعائلاتهم.

ویکشف التقریر المعنون "تجمیل شکلی أم تغییر جذری؟ تقییم أداء هیئات الرقابة على حقوق الإنسان فی البحرین" النقاب عن أوجه القصور فی أداء اثنتین من المؤسسات التی تحظى بدعم المملکة المتحدة، واللتان لطالما هللت السلطات البحرینیة والبریطانیة لهما کدلیل على التقدم الذی أحرزته البحرین فی مجال حقوق الإنسان.

وبهذه المناسبة، قالت لین معلوف، رئیسة قسم البحوث ونائبة مدیرة المکتب الإقلیمی لمنظمة العفو الدولیة فی بیروت: "لا ینکر أحد أن الحکومة البحرینیة قد خطت خطوة إیجابیة عندما قامت بإنشاء مؤسسات تُعنى بالتحقیق فی انتهاکات حقوق الإنسان، ومحاسبة المشتبه بمسؤولیتهم عنها. ولکن لا زالت هذه الإصلاحات مع الأسف تتسم بالقصور الشدید، ویستمر التعذیب وغیره من ضروب المعاملة السیئة على أیدی قوات الأمن من خلال نظام یتسم بترسخ الإفلات من المساءلة والعقاب وافتقار القضاء للاستقلال".

وأردفت معلوف القول إن "التغییر الحقیقی لا بد أن یکون أکثر من مجرد جراحة تجمیلیة، ولا یجوز أن تمضی السلطات البحرینیة فی تضلیل العالم بالترویج لقشرة زائفة من الإصلاح، لا سیما فی ظل ندرة المساءلة والمحاسبة على الانتهاکات المرتکبة، واستمرار تعرض منتقدی السلطات والمدافعین عن حقوق الإنسان للاعتقال التعسفی والمحاکمات الجائرة، أو الإدانة والسجن، أو المنع من السفر إلى الخارج، أو سحب الجنسیة منهم".

واستجلب قمع الحکومة البحرینیة الوحشی لانتفاضة عام 2011 الکثیر من الإدانات الدولیة. واستجابت السلطات لتوصیة اللجنة البحرینیة المستقلة لتقصی الحقائق، التی شکلها العاهل البحرینی حمد بن عیسى آل خلیفة، وعدلت عدداً من القوانین، وأنشأت عدة مؤسسات تُعنى برصد انتهاکات حقوق الإنسان، والتحقیق فیها، وملاحقة الجناة المشتبه فی ارتکابهم تلک الانتهاکات.

وتم بالتالی إنشاء الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلیة، ووحدة التحقیق الخاصة التابعة للنیابة العامة فی عام 2012. وتتلقى المؤسستان مساعدات فی مجالی التدریب وبناء القدرات من المملکة المتحدة التی تُعد من أعتى حلفاء البحرین.

وتمکنت المؤسستان من إصابة شیء من النجاح وفق بعض المقاییس، ولکن یبرز تقریر منظمة العفو الدولیة الحالی کیف تقاعستا حتى الساعة عن ردع انتهاکات حقوق الإنسان بشکل ملموس.

وأضافت لین معلوف قائلةً: "إن وصف حکومة المملکة المتحدة للأمانة العامة للتظلمات ووحدة التحقیق الخاصة على أنهما من المؤسسات النموذجیة، لهو وصف غیر حکیم بالنظر إلى أوجه القصور التی یبرزها التقریر. وبدلاً من سرد أنصاف الحقائق على العالم بشأن التقدم الذی تحرزه البحرین، حریٌّ بالمملکة المتحدة وغیرها من الحلفاء الدولیین أن تتوقف عن إعطاء الأولویة للدفاع والتعاون الأمنی على حساب حقوق الإنسان".


ویمکن القول إن الأمانة العامة للتظلمات کانت فعالة بالمجمل على صعید إحالة شکاوى التعذیب وغیره من الانتهاکات الخطیرة لحقوق الإنسان إلى وحدة التحقیق الخاصة کی تباشر تحقیقاتها بشأنها. ولکن تقاعست الأمانة فی بعض الحالات عن التحرک بسرعة من أجل حمایة المحتجزین من التعذیب وغیره من ضروب المعاملة السیئة، أو أنها لم تحقق بفعالیة فی مزاعمهم، وعدم حصولهم على الرعایة الطبیة.

فعلى سبیل المثال، تقاعست الأمانة العامة للتظلمات عن المسارعة إلى زیارة المدافع البحرینی عن حقوق الإنسان، حسین جواد، للتحقق من ظروف احتجازه، وضمان عدم تعرضه للتعذیب؛ وذلک على الرغم من التحذیرات الکثیرة التی أطلقتها منظمة العفو الدولیة بشأن احتمال تعرضه للتعذیب عقب اعتقاله فی 16 فبرایر/ شباط 2015. وقال جواد لاحقاً أنه قد جرى تعصیب عینیه، وضربه ویداه مقیدتان خلف ظهره، وتهدیده بالاعتداء الجنسی بغیة انتزاع "الاعترافات" منه.

وعمدت الأمانة العامة للتظلمات إلى تأخیر التحقیق أکثر من سنتین فی مزاعم تعرض محمد رمضان للتعذیب، على الرغم من تلقیها إشعارات بهذا الخصوص من عائلة رمضان وإحدى المنظمات غیر الحکومیة الدولیة. ویُذکر أن رمضان عمل حارساً فی أمن المطار قبل أن یُحکم علیه بالإعدام عقب إدانته بالضلوع فی إحدى التفجیرات.

وعلى الرغم من إحراز وحدة التحقیق الخاصة بعض التقدم على صعید المساءلة، وملاحقتها 93 عنصراً من قوات الأمن، فلم یتجاوز عدد الذین تمت إدانتهم من بینهم 15 عنصراً من ذوی الرتب الدنیا. ولم تتم أبداً ملاحقة أی ضابط کبیر أو مسؤول رفیع ممن أشرفوا على الانتهاکات الخطیرة لحقوق الإنسان المرتکبة أثناء انتفاضة 2011.

ولم تُحل وحدة التحقیق الخاصة إلى المحاکمة الغالبیة العظمى من قضایا التعذیب وغیره من ضروب المعاملة السیئة، والوفیات فی الحجز، وعملیات القتل غیر المشروع. ومن بین ما یقرب من 200 قضیة مسجلة منذ انتفاضة 2011، ووثقتها منظمة العفو الدولیة، أُحیلت 45 قضیة فقط إلى مرحلة المحاکمة.

وتبرز من بین تلک القضایا غیر المحالة، قضیة الفتى علی حسین نعمة (16 عاماً)، الذی سقط قتیلاً بنیران الشرطة فی سبتمبر/ ایلول 2012. وأثبتت الأدلة المصورة، وشهادة الوفاة أنه قد تم إطلاق النار على الفتى من الخلف؛ ومع ذلک، خلصت وحدة التحقیق الخاصة إلى أن الشرطی قد أطلق النار دفاعاً عن النفس، ما یعفیه بالتالی من الملاحقة الجنائیة، متذرعةً بأن الفتى القتیل قد ألقى رفقة فتى آخر زجاجات حارقة (مولوتوف) على الشرطة.

واتسم عمل وحدة التحقیق الخاصة بالبطء أیضاً على صعید النظر فی الشکاوى والتعامل معها. واستغرق الأمر محققیها، فی إحدى القضایا، أکثر من سنتین قبل أن یقوموا بأخذ الأدلة من أحد سجناء الرأی ادعى تعرضه للتعذیب. وبعبارة أخرى، فلم تتحرک الوحدة إلا بعد ضیاع الأدلة الجنائیة والطبیة التی کان من شأنها أن تعزز من مزاعمه، لو تم توثیقها فی حینه.

وعلاوة على ذلک، أخفقت الأمانة العامة للتظلمات ووحدة التحقیق الخاصة فی کسب ثقة الجمهور، ویُعزى ذلک جزئیاً إلى الفکرة السائدة بأنهما تفتقران للاستقلالیة والحیادیة. ویرى الجمهور أن المؤسستین مقربتان أکثر من اللازم لوزارة الداخلیة، وغیرها من المؤسسات الحکومیة؛ وأخفقتا فی إبلاغ الضحایا وعائلاتهم على نحو ملائم بسیر تحقیقاتهما، الأمر الذی أجج انعدام الثقة فیهما.

ووصفت الصحفیة نزیهة سعید کیف تعرضت للضرب والرکل والإذلال والصعق بالکهرباء أثناء استجوابها على أیدی قوات الأمن فی مایو/ أیار 20011. وقامت وحدة التحقیق الخاصة بعد ثلاث سنوات باصطحابها إلى نفس الغرفة التی تعرضت للتعذیب فیها، وذلک من أجل التعرف على جلادیها، وهو ما عرضها للصدمة مجدداً. ولکنها تمکنت مع ذلک من التعرف على خمسة من الجناة المشتبه بهم، ولکن لم تتم محاسبة أحد، وأُغلق ملف التحقیق فی قضیتها بداعی "عدم کفایة الأدلة".

وتحمل قضیة علی عیسى التاجر أهمیة رمزیة. وقال التاجر أنه تعرض للتعذیب طوال 25 یوماً أمضاها فی الحجز. ومع ذلک، فقد خذلته الأمانة العامة للتظلمات من خلال عدم حرصها على احتجازه فی مکان آمن، وعدم توفیر الحمایة له من التعذیب. وتعرض التاجر للخذلان أیضاً من طرف وحدة التحقیق الخاصة التی تقاعست عن التحقیق بشکل سریع وشامل فی مزاعم تعرضه للتعذیب، لا سیما من خلال تقاعسها عن إحالته للعرض على الطبیب الشرعی. وعلاوة على ذلک، خذلته المؤسستان معاً من خلال تقاعسهما عن التحرک بأسرع وقت والاستجابة للمؤشرات التی حذرت من تعرضه للتعذیب، ولم تقوما بإبلاغ عائلته بسیر تحقیقاتهما بشکل ملائم.


تمتلک الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلیة، ووحدة التحقیق الخاصة، صلاحیة مشترکة تخولهما تحقیق التغییر المنشود، وتحسین أوضاع حقوق الإنسان فی البحرین عموماً. ولکن یتعین علیهما أن تعملا بشکل سریع وشفاف، وتبرهنا على استقلالیتهما إذا ما أرادتا أن تتوخیا الفعالیة بکل معنى الکلمة. وینبغی أن یأتی ذلک کله ضمن عملیة أوسع نطاقاً تهدف إلى لوضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب والممارسات القمعیة، بما فی ذلک ضمان استقلال القضاء.

قامت الحکومة البحرینیة بخطوة هامة عندما أنشأت هاتین المؤسستین، ومنحتهما ولایة تخولهما تحقیق التغییر الفعلی. ویجب علیهما الآن أن تکونا مثالاً یُحتذى، وتُظهرا القدرة على تجاوز العقبات السیاسیة والقضائیة التی تحول دون تحقیق المساءلة فی البلاد. وعلیهما أن تبرهنا على امتلاکهما الشجاعة والإرادة السیاسیة اللازمة لجعل الأمانة العامة للتظلمات ووحدة التحقیق الخاصة مؤسستین على درجة من الصلابة والقوة، بما یکفل منحهما القدرة على الفوز بثقة الجمهور، والقیام بدور الرادع الفعال لانتهاکات حقوق الإنسان.

مصدر:  

منظمة العفو الدولیة