أطفال هم الخاسر الوحید بسبب الحرب فی السوریة

رمز المدونة : #1526
تاریخ النشر : چهارشنبه, 8 دی 1395 11:37
بالنسبة لأطفال کثیرین فی سوریا، یمثل ارتیاد المدرسة مجازفةً تحفها المخاطر. ففی کل یوم، یخاطر الأطفال والمدرسون بأرواحهم للوصول إلى فصولهم الدراسیة على وقع الهجمات التی تطال المدارس، ولکنهم برغم تلک المخاطر یحرصون على بذل کل ما بوسعهم للحصول على حقهم فی التعلیم. وقد غدت قصصهم مثلاً للعزیمة والصمود.

 

یخاطر الأطفال السوریون بأرواحهم کل یوم لکی یذهبوا إلى المدرسة. فمنذ بدء الصراع فی عام 2011، تعرّضت المدارس لما یزید على 4,0000 هجمة. وفی شمال محافظة إدلب، حوَّل مدرِّسان سابقان کهفاً موحشاً إلى فصل دراسی لکی یتعلم الطلاب فی مکان آمن.

صارت المدرسة بالنسبة للکثیر من الأطفال السوریین من ذکریات الماضی البعید، حیث سرق الصراع من حیاتهم المدرسیة خمس سنوات وأکثر. وبالنسبة لأطفال آخرین، صارت المدرسة کلمةً یسمعونها دون أن یدرکوا معناها، لأنهم لم یروا فی حیاتهم فصلاً دراسیاً قط. ولا یزال التعلیم مطمح هؤلاء الأطفال جمیعاً.
فی سوریا الیوم، ثلث المدارس غیر مستخدم. أمّا المدارس العاملة فیفتقر الکثیر منها إلى المدرسین ودورات المیاه الملائمة، ویسقط العدید من أطفال تلک المدارس قتلى أو جرحى بسبب الهجمات التی تطالها. إنهم یعیشون فی خوف دائم لأنهم لا یعرفون متى سیقع الهجوم المقبل.
وفی إدلب، یواصل أحمد وزوجته عملهما غیر الرسمی فی ظروف قاسیة وصعبة. یقول أحمد: "نواجه صعوبات کثیرة، ونحتاج أشیاء کثیرة – کالکتب المدرسیة والدفاتر والملابس والحقائب المدرسیة والمواد التعلیمیة الأخرى." ویضیف: "الأطفال هم الخاسر الوحید بسبب هذه الحرب، وإذا لم نفعل شیئا لهؤلاء الأطفال فسیخسرون تعلیمهم أیضاً."
من تلک القصص، تبرز واحدة من ریف محافظة إدلب بشمال سوریا، حیث اضطر کل الأطفال تقریباً فی إحدى المدارس إلى الفرار قبل عام ونیّف من العنف الدائر فی ریف حماة، ولجأوا إلى العیش فی کهوف وخیام منتشرة على امتداد تلک المنطقة الریفیة.

 

 


وفی العام الماضی، حظی بعض الأطفال القاطنین فی ریف إدلب بفرصة لتعویض بعض ما فاتهم من التعلیم، عندما عثر أحمد* وزوجته، وهما معلمان من حماة اضطرا للنزوح منها، على کهف مهجور نظَّفاه وحوَّلاه إلى مدرسة. یقول أحمد: "بدأنا مع الأطفال القاطنین فی الجوار، ثم توسعنا إلى أن أصبح لدینا الآن قرابة 120 طالب وطالبة."
إن ازدیاد عدد الطلاب فی المدرسة شاهدٌ على إصرار الأطفال على التعلم بالرغم من هول الظروف المحیطة بهم. یقول أحمد: "یأتینا الکثیر من الأطفال حتى اضطررنا إلى تقسیم الیوم إلى فترتین بحسب العمر. یضیق الکهف عن استیعاب جمیع الأطفال لصغر مساحته، فوضعنا أوقاتاً منفصلة، بحیث یأتی الأطفال الأصغر سناً لتعلم الأبجدیة، ثم یأتی الأطفال الأکبر سناً، الذین کانوا ملتحقین بالمدارس أصلاً، لتعلم موضوعات أخرى فی وقت لاحق."
هناک بعض السلبیات لإنشاء مدرسة فی کهف. یقول أحمد: "فی فصل الشتاء الماضی، فاضت المیاه وغمرت الکهف، وفکرنا فی إیقاف المشروع برُمّته، ولکن الأطفال أصروا على أن نستمر، فانتقلنا إلى خیمة حتى جفَّ الکهف. المدرسة بدائیة للغایة، ولکنها تحمی الأطفال من القصف على الأقل."
التجربة بالنسبة للأطفال الذین یرتادون المدرسة حلوة مرّة. یقول محمد ذو التسع سنوات الذی غادر بلدته فی حماة قبل 10 أشهر: "لم أستطع الذهاب إلى المدرسة بسبب القصف، وکنا خائفین من الطائرات. أشتاق إلى أصحابی کثیراً وأتمنى العودة إلى مدرستی القدیمة. على الأقل کان لدینا مقاعد نجلس علیها. أمّا هنا فنحن نجلس على الأرض فتؤلمنا أقدامنا وظهورنا."
تقول نادیة بنت التسع سنوات: "أتعلم اللغة العربیة والإنجلیزیة والریاضیات، وألعب مع أصدقائی أحیاناً. الإضاءة لیست کافیة فی هذه المدرسة، ولکننا لسنا خائفین هنا."
طلقت الیونیسف مؤخراً حملة "العودة إلى الدراسة" بهدف الوصول إلى 2.5 ملیون طفل بمن فیهم 200,000 طفل یعیشون فی 59 منطقة محاصرة أو یصعب الوصول إلیها فی حلب والحسکة وحماة وحمص وإدلب والرقة وریف دمشق. ستزوِّد الیونیسف الأطفال بالمواد التعلیمیة والحقائب المدرسیة والقرطاسیة. وتشمل الحملة أیضاً التعبئة الاجتماعیة لتحفیز الآباء على إرسال أبنائهم إلى المدرسة أو الاستفادة من فرص التعلیم البدیلة فی المناطق التی تعطلت فیها المدارس.

مصدر: الیونیسف