شبکة التعذیب فی الیمن

رمز المدونة : #2472
تاریخ النشر : دوشنبه, 12 تیر 1396 16:00
شبکة التعذیب التابعة للإمارات العربیة المتحدة والدور المحتمل للولایات المتحدة

الإمارات العربیة المتحدة هی إحدى الدول الرئیسیة المشارکة فی التحالف العسکری الذی تقوده المملکة العربیة السعودیة فی الیمن. ومن المعروف أنها تزود قوات الأمن الیمنیة العاملة فی عدن والمکلا، والمتهمة بانتهاکات خطیرة للقانون الدولی، بالمعدات العسکریة والتدریب والدعم اللوجستی.
وفی الوقت نفسه، تواصل الولایات المتحدة الأمریکیة والدول الأوروبیة الغربیة تزوید الإمارات العربیة المتحدة، وهی إحدى أکثر خمس دول فی العالم استیراداً للسلاح، بکمیات کبیرة من المعدات العسکریة.
إن الدول التی تواصل تورید الأسلحة للإمارات العربیة المتحدة وشرکائها فی التحالف کی تستخدم فی الیمن، رغم کونها أطرافاً فی "معاهدة تجارة الأسلحة"، تجازف بانتهاک الأحکام الأساسیة للمعاهدة، وبخاصة ما یتعلق منها بحقوق الإنسان.
ولطالما دعت منظمة العفو الدولیة، وعلى نحو متکرر، إلى فرض حظر شامل على عملیات نقل الأسلحة التی یمکن أن تستخدمها أی دولة طرف فی حرب الیمن عندما یتبین أن ثمة مخاطرة جوهریة فی أن تستخدم هذه الأسلحة لارتکاب جرائم حرب أو انتهاکات خطیرة أخرى، أو فی تسهیل ارتکاب مثل هذه الجرائم.

 

 

شف تحقیق أجرته وکالة أسوشیتد برس عن وجود شبکة سجون سریة فی الیمن تدیرها دولة الإمارات العربیة المتحدة، ویخضع فیها المعتقلون لصنوف مختلفة من التعذیب.

وقالت الوکالة إنها وثقت وتحققت من حوادث لاختفاء مئات الأشخاص فی هذه السجون السریة بعد اعتقالهم بشکل تعسفی فی إطار ملاحقة أفراد تنظیم القاعدة.
وبحسب المعلومات التی أوردتها الوکالة، فإن هذه السجون کانت تشهد حالات تعذیب وحشیة تصل إلى حد "شواء" السجین على النار.
وأقر عدد من المسؤولین فی وزارة الدفاع الأمیرکیة (البنتاغون) بأن واشنطن شارکت فی استجواب محتجزین فی هذه المعتقلات السریة التی تشرف علیها قوات یمنیة وإماراتیة، وبأنها تستطیع الوصول بشکل دائم إلیها، وهو ما قد یشکل انتهاکا للقانون الدولی.
وأوضح تحقیق أسوشیتد برس أن هذه السجون توجد داخل قواعد عسکریة ومطارات وموانئ یمنیة عدة، بل حتى فی مبان سکنیة.
وأشارت الوکالة إلى أنها وثقت ما لا یقل عن 18 سجنا سریا فی جنوب الیمن تحت إدارة الإماراتیین أو القوات الیمنیة التی شکلتها ودربتها الإمارات، وفق تقاریر جمعتها من معتقلین سابقین وعائلات السجناء ومحامین وحقوقیین ومسؤولین عسکریین یمنیین.


الدور الأمیرکی

 

 


وقال عدد من المسؤولین الأمیرکیین فی وزارة الدفاع الأمیرکیة -اشترطوا عدم ذکر أسمائهم- إن القوات الأمیرکیة تشارک فی التحقیق مع المعتقلین فی مواقع بالیمن، وتقدم أسئلة إلى آخرین للحصول على إجابات، وتتلقى ملفات التحقیق بالفیدیو والصور من حلفائها الإماراتیین.
وأکدوا أن القادة العسکریین الأمیرکیین کانوا على علم بمزاعم التعذیب فی السجون بالیمن، ولکنهم کانوا مرتاحین لأنه لم یکن یحدث أی تعذیب فی حضورهم.
ورغم أن جمیع من قابلتهم أسوشیتد برس لم یقروا بأن المحققین الأمیرکیین کانوا متورطین فی التعذیب فإن الحصول على المعلومات الاستخباراتیة التی قد تأتی من خلال التعذیب من قبل طرف ثالث یعد انتهاکا لقانون جنیف، وقد یرقى ذلک إلى جریمة حرب، وفق البروفیسور ریان غودمان من جامعة نیویورک.
لکن أحد الضباط الیمنیین الذی کان یعمل لفترة على متن سفینة قرب الشواطئ قال إنه رأى اثنین من المحتجزین یجلبان إلى السفینة للاستجواب، وقد قیل له إن ثمة خبراء نفسیین أمیرکیین یجرون تحقیقات، ولم یحدد ما إذا کانوا من الجهات الاستخباریة أو العسکریة الأمیرکیة، غیر أن مسؤولین فی البنتاغون نفوا قیام أمیرکیین بالتحقیق مع یمنیین على متن أی سفینة.


أسالیب التعذیب
وفی مرکز احتجاز رئیسی بمطار ریان فی مدینة المکلا الجنوبیة قال السجناء السابقون إنهم کانوا محاصرین فی حاویات شحن تلطخ بالبراز وهم معصوبو الأعین لأسابیع، وأضافوا أنهم تعرضوا للضرب و"الشواء" والاعتداء الجنسی.
وبحسب أحد أفراد قوات النخبة الحضرمیة -وهی قوة أمن یمنیة أقامتها دولة الإمارات العربیة المتحدة- فإن القوات الأمیرکیة کانت فی بعض الأحیان على بعد بضعة أمتار فقط.
وتحدث محتجز سابق اعتقل لمدة ستة أشهر فی مطار ریان عن صرخات المعتقلین وأجواء الخوف، فضلا عن إصابتهم بالأمراض، مشیرا إلى أن أی شخص کان یشکو یؤخذ إلى غرفة التعذیب.
من جهتها، قالت لورا بیتر -من هیومن رایتس ووتش- إن الانتهاکات تظهر أن الولایات المتحدة لم تتعلم الدرس بأن التعاون مع القوات التی تعذب المحتجزین وتفرق الأسر لیس وسیلة فعالة لمحاربة الجماعات المتطرفة.
من جانبها، دعت منظمة العفو الدولیة إلى إجراء تحقیق بقیادة الأمم المتحدة لدور الإمارات والأطراف الأخرى فی إنشاء شبکة التعذیب "المروعة" وفی مزاعم استجواب الولایات المتحدة للمحتجزین أو تلقیها معلومات ربما تم الحصول علیها من خلال التعذیب.

طالبت منظمة العفو الدولیة، الیوم الجمعة، بفتح تحقیق عاجل فی شبکة التعذیب التابعة للإمارات والدور المحتمل للولایات المتحدة فی الیمن، وذلک ردا على نتائج التحقیق الصحفی الذی نشرته وکالة “أسوشیتد برس” قالت فیه أن الإمارات وحلفاءها فی قوات الأمن الیمنیة یقومون باعتقال الأشخاص تعسفاً وبتعذیب المعتقلین، وذکرت فیه أیضاً إن قوات تابعة للولایات المتحدة تشارک فی التحقیقات مع هؤلاء المعتقلین، فی شبکة سجون سریة فی أنحاء مختلفة من جنوب الیمن.
وأضافت المنظمة، بالنظر لما تمارسه الإمارات من تعذیب داخل الإمارات نفسها، الأمر الذی دأبت منظمة العفو الدولیة على توثیقه بانتظام فی الماضی، فمن غیر المعقول، بأی حال من الأحوال، أن الولایات المتحدة لم تکن على علم بذلک، أو کان من المفترض أن تکون على علم بذلک، وبأن ثمة مخاطر حقیقیة فی أن یتعرض المعتقلون للتعذیب.

کما اتهمت منظمة “هیومن رایتس ووتش” مجددا الإمارات العربیة المتحدة بتقدیم دعم لقوات یمنیة احتجزت تعسفا وأخفت قسرا عشرات الأشخاص خلال عملیات أمنیة، وقال المنظمة إن الإمارات تمول وتسلح وتدرب هذه القوات التی تحارب فی الظاهر الفروع الیمنیة لتنظیم القاعدة أو تنظیم “الدولة الإسلامیة”، والمعروف أیضا باسم “داعش”، کما تدیر الإمارات مرکزی احتجاز غیر رسمیین على الأقل، ویبدو أن مسؤولیها أمروا بالاستمرار فی احتجاز الأشخاص رغم صدور أوامر بإطلاق سراحهم، وأخفوا أشخاصا قسرا، کما أفادت بعض التقاریر بأنهم نقلوا محتجزین مهمین خارج البلاد.

وأضافت هیومن رایتس ووتش إنها استطاعت أن توثیق مئات الحالات، من بینهم أطفال، تعرضوا للاحتجاز التعسفی أو الإخفاء القسری، اعتقلت معظمهم قوات أمنیة مدعومة من الإمارات، کما وثقت من عدة مصادر منها مسؤولون یمنیون، وجود عدد من أماکن الاحتجاز غیر الرسمیة والسجون السریة فی عدن وحضر موت، من بینها 2 تدیرهما الإمارات وأخرى تدیرها قوات أمنیة یمنیة مدعومة من الإمارات، بالإضافة لتوثیق حالات أشخاص معتقلین فی 11 من تلک المواقع فی المحافظتین.

وقالت سارة لیا ویتسن، المدیرة التنفیذیة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفریقیا فی هیومن رایتس ووتش: على الإمارات وشرکائها الترکیز على حمایة حقوق المحتجزین فی حملاتها الأمنیة إن کان یهمها استقرار الیمن على المدى الطویل، فلا یمکن محاربة جماعات متطرفة مثل القاعدة وداعش بنجاح، عبر إخفاء عشرات الشبان والاستمرار فی زیادة عدد الأسر التی تفقد أقارب لها فی الیمن.

وقد قادت الإمارات حملات مضادة للإرهاب فی مواجهة القاعدة وداعش فی الیمن، بدعم القوات الیمنیة التی تشن حملات أمنیة فی جنوب البلاد وشرقها، تمکنت المنظمة من توثیق انتهاکات ارتکبتها بعض تلک القوات، منها القوات المعروفة باسم “الحزام الأمنی” والمرابطة فی عدن ولحج وأبین ومحافظات جنوبیة أخرى، و”قوات النخبة الحضرمیة” فی حضرموت، حیث استخدموا القوة المفرطة خلال الاعتقالات والمداهمات، واعتقلت أقارب مشتبه بهم للضغط علیهم للاستسلام بشکل “إرادی”، واحتجزت تعسفا رجالا وشبانا، واحتجزت أطفالا مع راشدین، وأخفت العشرات قسرا، وکما قال أحد المحتجزین السابقین نقلا عن محتجز آخر فی أحد معتقلات عدن غیر الرسمیة الکثیرة: “هذا سجن لا عودة منه”، کما أفادت تقاریر بأن الإمارات تدیر بعض هذه المعتقلات، وأنها نقلت بعض المحتجزین المهمّین خارج البلاد، بما فی ذلک إلى قاعدة لها فی إریتریا.

وأعلنت عدة منظمات حقوقیة یمنیة ومحامون أنهم تلقوا مئات البلاغات عن تعرض أشخاص للاحتجاز التعسفی أو الإخفاء القسری فی مناطق تخضع رسمیا لسیطرة حکومة الرئیس هادی المعترف بها دولیا، کما تقوم قوات أخرى -غیر تلک التی تدعمها الإمارات- بارتکاب انتهاکات أیضا، فمدینة عدن الجنوبیة مثلا، تضم العدید من القوات الأمنیة والمیلیشیات المختلفة والمتنافسة فیما بینها غالبا، رغم کونها تحت إمرة وزارة الداخلیة رسمیا، إلا أنها تعمل بقیادات وبنیات تحکم مختلفة، وتشمل وحدات تابعة للیمن والسعودیة والإمارات، قال ناشطون محلیون وصحفیون ومحامون إن هذه الوحدات تعتقل أشخاصا وتحتجزهم وتدیر معتقلات غیر رسمیة.

وأعترف بعض المحتجزون السابقون وأقارب لهم، أنهم تعرضوا للانتهاکات أو التعذیب داخل هذه المعتقلات، غالبا بالضرب المبرح حیث استخدم عناصر الأمن قبضاتهم أو أسلحتهم أو أغراضا معدنیة أخرى، کما ذکر آخرون أن قوات الأمن تستخدم الصعق بالکهرباء والتجرید من الملابس وتهدیدات المحتجزین وأقاربهم والضرب أخمص القدمین.

وفضح تقریر أسوشییتد برس، فظائع التعدیب، حیث “یحشر السجناء معصوبی العینین فی حاویات شحن ملوثة بالبراز لأسابیع”، یضربون ویعرّون و”یُشوون” (تُربط الضحیة إلى رمح وتُحاط بدائرة نار) بحسب التقریر، کما یتعرض السجناء أیضا لاعتداءات جنسیة وأشکال أخرى من سوء المعاملة، وکشف التقریر أیضا عن نقل بعض السجناء إلى سفینة للاستجواب على ید “خبراء فی مجال کشف الکذب” و”خبراء نفسیین”.

إلا ان الولایات المتحدة تنصلت من المسؤولیة، ونفت رسمیا معرفتها بحالات تعذیب وسوء معاملة فی المراکز الیمنیة، لکن التقریر یؤکد إن العدید من مسؤولی وزارة الدفاع الأمریکیة أکدوا معرفة کبار القادة العسکریین الأمریکیین بمزاعم التعذیب، لکن هؤلاء المسؤولین عملوا على تقلیل المسؤولیة الأمریکیة إلى أدنى حد، قائلین إن القادة نظروا فی الادعاءات، وشعروا بالرضا لعدم وجود أی انتهاک حصلت “بحضور القوات الأمریکیة”.

کانت قوات التحالف بقیادة السعودیة قد شنت منذ مارس 2015 حملة جویة وبریة لدعم الرئیس عبد ربه منصور هادی ضد الحوثیین والقوات الموالیة للرئیس السابق علی عبد الله صالح التی سیطرت على العاصمة صنعاء فی سبتمبر 2014، وقدمت الولایات المتحدة الدعم العسکری للتحالف.

وذکرت فیه أیضاً إن قوات تابعة للولایات المتحدة تشارک فی التحقیقات مع هؤلاء المعتقلین، فی شبکة سجون سریة فی أنحاء مختلفة من جنوب الیمن، أدلت لین معلوف، مدیرة البحوث بمکتب بیروت الإقلیمی لمنظمة العفو الدولیة، فی تعلیق على التحقیق الصحفی الذی نشرته الوکالة،بالتصریح التالی:
"على الأمم المتحدة فتح تحقیق فوراً فی دور الإمارات العربیة المتحدة والأطراف الأخرى فی إقامة شبکة التعذیب المروعة هذه. فقد اختفى آلاف الیمنیین فی هذه السجون. والاختفاء القسری والتعذیب جریمتان جنائیتان بمقتضى القانون الدولی. ویتعین التحقیق فیما ارتکب من جرائم، کما یتعین إخضاع الأشخاص المسؤولین عنها للمحاسبة.
على الأمم المتحدة فتح تحقیق فوراً فی دور الإمارات العربیة المتحدة والأطراف الأخرى فی إقامة شبکة التعذیب المروعة هذه. فقد اختفى آلاف الیمنیین فی هذه السجون.


"ویتعین التحقیق فوراً کذلک فی المزاعم القائلة بأن قوات الولایات المتحدة تشارک فی عملیات استجواب المعتقلین، أو تتلقى معلومات یمکن أن تکون قد انتزعت تحت التعذیب. فهذا یمکن أن یضع الولایات المتحدة فی موضع المتواطئ والشریک فی هذه الجرائم، بموجب القانون الدولی. وبالنظر لما تمارسه الإمارات العربیة المتحدة من تعذیب داخل الإمارات نفسها، الأمر الذی دأبت منظمة العفو الدولیة على توثیقه بانتظام فی الماضی، فمن غیر المعقول، بأی حال من الأحوال، أن الولایات المتحدة لم تکن على علم بذلک، أو کان من المفترض أن تکون على علم بذلک، وبأن ثمة مخاطر حقیقیة فی أن یتعرض المعتقلون للتعذیب.
"وفضلاً عن ذلک، یتعین على الولایات المتحدة الأمریکیة، ومعها الدول الأوروبیة، أن توقف على الفور عملیات نقل الأسلحة إلى الإمارات العربیة المتحدة، فمن المرجح تماماً إمکان أن تستعمل الإمارات هذه الأسلحة فی تسهیل عملیات الاختفاء القسری والتعذیب، أو سواها من الانتهاکات الخطیرة للقانون الدولی الإنسانی. وبخلاف ذلک، فمن الممکن أن تشکل عملیات التزوید بالأسلحة هذه تواطؤاً فی جرائم حرب."
واختتمت قائلة: "إن الإمارات العربیة المتحدة ملزمة باحترام ’الاتفاقیة الدولیة لمناهضة التعذیب ‘، التی أصبحت دولة طرفاً فیها فی 2012. وبصفتها دولة موقعة على’ معاهدة تجارة الأسلحة‘الدولیة، یتعین على الإمارات کذلک الامتناع عن أیة أفعال من شأنها أن تحبط غرض المعاهدة فی التخفیف من المعاناة الإنسانیة."

 مصدر الصور

مصادر:

 


http://araapost.com/breaking-news/

https://www.amnesty.org/ar/

http://www.aljazeera.net/news/arabic