مذکره حول الاٍرهاب الحکومی

رمز المدونة : #2612
تاریخ النشر : دوشنبه, 16 مرداد 1396 12:28
فی ظل الظروف الراهنة التی یعانی منها عالمنا المعاصر حیث تصب الجهود الدولیة لأضفاء مکانه ومنزله واعتماداً حقیقیاً لهویة الامم وتتمحور المساعی لتتمکن مختلف امّم العالم من تقریر مصیرها،هنالک دول تحکمها آیدیولوجیات ذات طابع استبدادی تحاول عرقلة مسار أنسنة القیم والمبادئ الدولیة .

 


فبالرغم من التأثیرات الملحوظة لمختلف انواع المسجدات ومنها المناخیة على مصیر البشریة وحقوق الانسان فی العیش الکریم ونیل حقوقه الاساسیة، نجد بأن الاٍرهاب الواسع النطاق المتعدد الاتجاهات یعود بِنَا الى الوراء فی انکفائه تاریخیه قهقرائیه، والأسوء منه التطور الانحرافی العجیب الذی طال مسیرة الاٍرهاب وجره صوب التغییر الى ارهاب حکومی. 

بالرغم من سعی کافة الأوساط الدولیة لبسط مبادئ حقوق الانسان والارتقاء بمستواها وتکثّف جهودها لتعمیم القیم الشمولیة على مستوى العالم، فأن اتساع نطاق الاٍرهاب ودعمه بقوه وخاصة الحکومی منه وجّه ضربه قاصمه للنظام الدولی بحیث أثار الشکوک بخصوص جدوى أهداف وغایات وأداء النظام العالمی.


إن الدعم السعودی لمعارضی الرئیس السوری بشّار الأسد منذ بدایة الأزمة السوریة عام ٢٠١١م ولحد الآن و تزوید المجموعات الإرهابیة المسلحة بمختلف انواع الأسلحة والمعدات لتأجیج أتون الصراع تسبب فی شریانه وتغلغله فی أوصال المجتمع الدولی،لقد بذلت السعودیة قصارى جهدها لتأسیس مدارس وهابیة منطوقه فی باکستان و أفغانستان منذ سنین طویلة مضت نتج عنها وقوع حوادث ارهابیه مؤسفة مثل حادثة ١١ سبتمبر والعملیات الإرهابیة المتواصلة على الحدود الشرقیة للجمهوریة الاسلامیة الایرانیة مما جعل من السعودیة دولیه راعیه للارهاب وخاصةً الاٍرهاب الحکومی.

جمیع الإرهابیین تقریباً ممن شارک فی وقوع احداث ١١ سبتمبر کانوا یحملون الجنسیة السعودیه او ممنن سبق لهم الدراسة والارتباط بالمدارس آلتی ترعاها تلک الدولة مالیاً و فکریاً وعقائدیاً وقد سبق وان أشار الکونغرس الامریکی الى ضلوع السعودیة فی حوادث الحادی عشر من سبتمبر الإرهابیة.

على ای حال فأن حکومة السعودیة تعانی من ازمه جادّه بخصوص انتهاک حقوق الأنسان الاساسیة لیس فقط على المستوى الخارجی و إنما على المستوى الداخلی أیضاً. ان ابرز انتهاکات حقوق الانسان بحق مواطنیها هو انتهاک حق تقریر المصیر الذی یعکس کرامة الانسان الذاتیة بصفته کائناً یحظى بالاختیار و الإرادة و یتمتع بحریة العقیدة وإبداء الرأی.


ان حکومة السعودی تعانی من انتقادات بخصوص العملیة الدیمقراطیة و مراعاة حقوق الانسان وثیر قلق الأوساط الدولیة بهذا الخصوص و تتحرک عکس التیار أحیاناً من حیت ارتکاب اعمال التعذیب والإعدام بحق معارضیها و ملاحقتهم وانتهاک حقهم فی الحیاة و یعتبر اداء هذه الحکومة داخلیاً نموذجاً حیّاً للارهاب الحکومی.


وقد اشارت منظمة العفو الدولیة فی تقریرها السنوی الاخیر عن دورة عام ٢٠١٦/٢٠١٧ م الى الانتهاکات الظالمة بحق الأقلیة الشیعیة فی البلاد التی طالتها الاعتقالات التعسفیة و التعذیب و سلب الحریات بالاضافة الى حرمان المرأة من حقوقها.
اما سجلها فی المجال الدولی فیتعارض فی الأغلب مع قیم و مبادئ حقوق الانسان حیث اشارت منظمة العفو الدولیة فی تقریرها السنوی عن الدورة ٢٠١٦/ ٢٠١٧م الى الانتهاکات الواسعة من قبل الحکومةالسعودیة خارج حدود بلادها ومنها الاعتداء على الیمن و ارتکاب جرائم حرب (٢) وقصف المدارس والمستشفیات والمراکز المدنیة. و من المؤسف فأن هذه الحکومة التی تنتهک المعاییر الدولیة لحقوق الانسان، هی احد أعضاء مجموعة أصدقاء سوریا و تدعم الجماعات التکفیریة والإرهابیة فی أفغانستان و باکستان والعراق و السعودی الخ وتعقد صفات کبیره لشراء أسلحه متعارفه او غیر متعارفه لشراء أسلحه تقلیدیة و غیر تقلیدیة فی المنطقة.

 

ان الانفعالیة الکبیرة الطاغیة على اداء المؤسسات الدولیة الفاعلة فی مضمار حقوق الانسان ازاء الانتهاکات الصارخة لهذه الحقوق والتی تسببت بها تدخلات وتجاوزات الحکومة السعودی ضد البشریة، مثیر للقلق جداً.
ان جرأة وتهور السعودی فی إیجاد ودعم وتوجیه الاٍرهاب بلغ حداً لا یُطاق فقبیل وقوع اعمال ارهابیه فی بلد مستقل ودیمقراطی فی الشرق الأوسط، سبق وان قامت شخصیات قیادیه علیا ومسئولة فی السعودی بتهدید ذلک البلد الشرق أوسطی بجرّ الحرب الى داخل حدود ذلک البلد.
و بناءاً على أسس و مبادئ القانون الدولی وحقوق الانسان فأن الحکومة السعودیة تنتهک الحقوق التالیة:
١- انتهاک الحقوق الاساسیة للبشریة وارتکاب جرائم حرب و جرائم ضد الانسانیة بحق شعبها وشعوب المنطقة والعالم عبر اللجوء الى العنف وتشکیل ودعم و توجیه و تجهیز المجموعات الإرهابیة.


٢- انتهاک سیادة واستقلال الدول الاخرى عبر التدخل فی شئونها الداخلیة و دعم و توجیه المجموعات الإرهابیة فیها.


٣- تشکیل و دعم و تقویة و توجیه المجموعات الإرهابیة وغض الطرف عن الالتزام بمعاهدة مکافحة الاٍرهاب وقرارات مجلس الأمن الملزمة الاخرى والتی تنص على تجفیف منابع الاٍرهاب مثل معاهدات S/RES/2253(2015 و A/63/L.48و S/RES/2255/3025


٤- لا تقتصر الانتهاکات أعلاه على الانتهاک الصارخ لحقوق الانسان الاساسیة و إنما تنقض الأسس والمبادئ التی تتحکم بالقانون الدولی والضامنة لاستمراریة وثبات السلم والنظام العالمیین و تعمل على دعم النظام العالمی القائم و تحول دون تهور الدول والحکومات على المستویین الداخلی والخارجی. ومع هذا الوصف الشمولی العام فأن هذه المبادئ تشکّل المرجعیة الدولیة لمحاسبة و تأدیب الدول عبر الدیمقراطیة و المثیرة للفوضى والقلاقل.

وعلیه نجد أن الحکومة السعودىة تتحمل مسئولیه دولیه ازاء تشکیل ودعم وتوجیه المجامیع الإرهابیة بصوره وأصحها للعیان وقد نص البند الثانی من مشروع المسئولیة الدولیة التی تعتبر عرفاً دولیاً یتم الاستناد الیه فأن تصرفات هذه الحکومة تعتبر مصداقاً بارزاً للمخالفات على المستوى الدولی یترتب عنها مجموعه من الجرائم والانتهاکات الدولیة.

ان الاٍرهاب الحکومی السوری یقع تحت طائلة بنود مهمه من مشروع المسئولیة الدولیة للحکومات، منها بنود شامله عامه ومبادئ إشرافیة تستلزم على الأقل استدعاء وتدخل مجلس الأمن الدولی ومجلس حقوق الانسان والمدعی العام بالمحکمة الجنائیة الدولیة بالاضافة الى تهیئة الإمکانیة اللازمة للاستناد الیها قانونیاً من قبل الدول المتضررة من الاٍرهاب و من قبل المجتمع الدولی ولکن سکوت و تساهل المؤسسات الدولیة المذکورة یزید من عمق المأساة ویحرف مشروع عولمة حقوق الانسان عن مساره.
تقتضی الواجبات الاساسیة لتلک المؤسسات الدولیة ان تفتح ملف الجرائم الدولیة والارهاب الحکومی الدولی للحکومة السوریة فعدم العمل بهذا الاتجاه سیؤدی الى تقهقر تاریخی و امنی وقانونی ازاء المجتمع الإنسانی بأجمعه. ان مجلس الأمن الدولی الذی ادان واستنکر الاعمال الإرهابیة مراراً و تکراراً و طالب الجمیع للتعاون لکبح الاٍرهاب والقضاء علیه و الى التعاون مع لجنة مکافحة الاٍرهاب، یواجه حالیاً کماً هائلاً من حالات انتهاک أساسیه فی مجال حقوق الانسان فی العالم أجمع وفقد زمام المبادرة العام والفعال امام قضایا دعم الاٍرهاب و نشر الفتن والرعب والخراب من قبل بعض الدول و کذلک ازاء الاٍرهاب الحکومی السوری على کافة الاصعدة و ازاء الجرائم لأخرى مثل دعم المجموعات الإرهابیة وتغذیتها فکریاً وعقائدیاً على مستوى دول المنطقة والعالم .
فالمعاییر التاریخیة الدولیة کقضیة نیکاراغوا عام ١٩٨٦م بخصوص الإشراف المؤثر للمؤسسات الدولیة ودیوان یوغسلافیا السابقة الجنائی بخصوص الإشراف العام للمؤسسات المذکورة، تعتبر کلها مصادیق بسیطه للتعامل مع انتشار الاٍرهاب الحکومی السوری و المساعدة على ارتکاب الاعمال الإرهابیة. فالدول الغربیة وخاصةً أمریکا و بریطانیا تتعامل بسخاء و بتسامح منقطع النظیر مع عملیات بیع الأسلحة المتعارف علیه و غیر المتعارف علیها لبعض دول المنطقة ولکنها من جهة اخرى تتصرف بأزدواجیه مع دول اخرى کأیران و تمنع تصدیر حتى السلع ذات الاستهلاک المزدوج و تدقق فی شحناتها بحساسیة کبیره.

هذه القضایا لا تنفی المسئولیة الدولیة لمثل هذه الحکومات ازاء مساندتها وتسهیلها للأعمال العدوانیة ولارتکاب الجرائم الدولیة فهی بناءاً على المعاهدات الدولیة وروح مبادئ حقوق الانسان تعتبر بلا شک مسئوله امام المجتمع الدولی وعلیه فأن دعم ومساندة و توجیه الاعمال الإرهابیة فی ایران من قبل شخصیات قیادیة بالسعودیة وسکوت الأوساط الدولیة ازائها یدل على ان المؤسسات الدولیة ذات العلاقة سواءاً الأمنیة منها کمجلس الأمن الدولی او القانونی منها کالدواوین الدولیة او کالتی تهتم بحقوق الانسان کمجلس حقوق الانسان لا تعیر اهتماماً کبیراً للانتهاکات الکثیرة لحقوق الانسان الاساسیة ومواقفها انفعالیه ازاء الاٍرهاب الحکومی للدول بشقیه الداخلی او الخارجی.
ان أفضل خطوه یمکن اتخاذها فی الوقت الحساس الراهن هو لفت انتباه هذه المؤسسات الدولیة الى مسئولیاتها الذاتیة و الاستمرار بمسار المجتمع الدولی نحو تحقیق أهداف الامم المتحدة وتجلیل مقام الانسان فی کافة الجوانب و فی کل زمان و مکان.
ولعل الساعون لترسیخ عقیدة محوریة السلطة بدلاً عن عقیدة محوریة الانسان منذ الحرب العالمیة الثانیة وحتى الآن قد یذعنوا للقیم والقواعد الدولیة ویلتزموا بها و یکفوا عن استغلال القوانین الدولیةفی مجال حقوق الانسان لصالح ترسیخ سلطتهم و هیمنتهم.

 

حسین موسوی فر

 



1. http://www.independent.co.uk/news/world/middleeast/saudi-arabia-threatens-to-sell-off-us-assets-if-congress-passes-911-bill-a6987281.html . https://www.nytimes.com/interactive/2016/07/15/us/document-september-11-28-pages.html
28 Pages of the 2002 Congressional Inquiry into Sept. 11 Attacks. Congress released the so-called “28 pages” on Friday that discuss the possible involvement of Saudi Arabia in the terrorist attacks of Sept. 11, 2001. The pages have been withheld since the conclusion in 2002 of a congressional inquiry into the attacks. JULY 15, 2016
https://www.theguardian.com/us-news/2016/jul/15/911-report-saudi-arabia-28-pages-released
2. Saudi Arabia to increase the stock of its military hardware, accounting for 7% of the world’s arms imports: http://www.worldatlas.com/articles/world-s-largest-importers-of-military-arms.html
3. For more information: Counter-Terrorism Committee : https://www.un.org/en/sc/ctc/resources/res-sc.html
4. See: S/RES/2231 (2015) Procurement Working Group JCOPA
Photo
The views expressed in this article are the author's opinion and do not necessarily reflect the views of the ODVV.