الروهینغیا و میانمار

رمز المدونة : #2801
تاریخ النشر : جمعه, 24 شهریور 1396 19:31
تقاریر منظمة العفو الدولیة

من هم الروهینغیا ولماذا یفرون من میانمار؟

شهدت الأسابیع الأخیرة فرار ما یقرب من 150,000 لاجئ من الروهینغیا إلى بنغلادش نتیجة الرد العسکری غیر القانونی وغیر المتناسب، بأی صورة من الصور، على هجمات قامت بها جماعة مسلحة من الروهینغیا.

وفیما یلی توضیح من منظمة العفو الدولیة لمحنة هذا الشعب، وللاضطهاد الذی یعانونه على ید الدولة، والآثار الإنسانیة الواسعة النطاق لهذه الأزمة.

شعب مضطهد

الروهینغیا أقلیة عرقیة أغلبیتها من المسلمین یبلغ عدد أفرادها 1.1 ملیون نسمة ویعیش معظمهم فی ولایة أراکان، غربی میانمار، على الحدود مع بنغلادیش. ومع أنهم قد عاشوا فی میانمار لأجیال، إلا أن حکومة میانمار تصر على أن جمیع أفراد الروهینغیا هم مهاجرون غیر شرعیین من بنغلادیش. وترفض الاعتراف بهم کمواطنین، ما یجعل معظمهم، بالنتیجة، بلا جنسیة.

ونتیجة للتمییز المنهجی ضدهم، یعیش هؤلاء فی ظروف بائسة. وهم فی الأساس معزولون عن باقی السکان، ولا یستطیعون التنقل بحریة، ولا یتمتعون إلا بقدْر یسیر من الرعایة الصحیة والتعلیم وفرص العمل.

وفی 2012، اندلعت توترات بین الروهینغیا وبین أغلبیة سکان الولایة من أراکان- وهم فی أغلبیتهم الساحقة من البوذیین- وتحولت إلى أعمال تمرد وشغب، وأدت إلى هرب عشرات الآلاف، جلهم من الروهینغیا، من دیارهم، وإلى لجوئهم إلى مخیمات للنازحین یتفشى فیها البؤس. ولا یستطیع من یعیشون فی المخیمات مغادرتها، کما إنهم معزولون عن التجمعات السکانیة الأخرى.

وفی أکتوبر/تشرین الأول 2016، وعقب هجمات دمویة على مراکز متقدمة للشرطة من قبل مسلحین من الروهینغیا، فی شمال ولایة أراکان، شن جیش میانمار حملة عسکریة قمعیة ضد مجتمع الروهینغیا بأسره. وقامت منظمة العفو الدولیة فی حینها بتوثیق انتهاکات واسعة النطاق لحقوق الإنسان ضد االروهینغیا، بما فی ذلک أعمال قتل غیر مشروع، واعتقالات تعسفیة، وعملیات اغتصاب، واعتداء جنسی على النساء والفتیات، وإحراق ما یربو على 1,200 مبنى، بما فیها مدارس ومساجد. وفی ذات الوقت، خلصت منظمة العفو الدولیة إلى أن هذه الأفعال قد ترقى إلى مرتبة جرائم ضد الإنسانیة.

أعمال العنف الجاریة

تأتی موجة اللجوء الأخیرة إلى بنغلادیش عقب الرد الذی قام به جیش میانمار على هجوم شنته جماعة مسلحة من الروهینغیا على نقاط متقدمة لقوات الأمن فی 25 أغسطس/آب. واتسم رد الجیش بارتکاب عملیات غیر قانونیة وغیر متناسبة، بأی صورة من الصور، حیث عاملت جمیع السکان على أنهم أعداء. ووصفت تقاریر میدانیة کیف أُزهقت أرواح المدنیین دون تمییز، وأحرقت قرى بأکملها عن بکرة أبیها.

میانمار: القیود على المعونة الدولیة تعرض حیاة الآلاف للخطر

قالت منظمة العفو الدولیة الیوم إن القیود التی تفرضها سلطات میانمار على المعونة الدولیة فی ولایة راخین تعرض عشرات الآلاف من البشر للخطر فی المنطقة التی یعانی سکانها بالفعل، ولاسیما أبناء الروهینغیا، من انتهاکات مروعة جراء حملة عسکریة غیر متناسبة.

وأبلغ موظفو المعونة الدولیة، منظمة العفو الدولیة بأن الوضع الإنسانی یزداد تدهوراً فی ولایة راخین، حیث یقوم الجیش بعملیة واسعة النطاق منذ تَعَرُّضِ عشرات المواقع الأمنیة فی 25 أغسطس/آب لهجمات أعلنت الجماعة المسلحة التی تطلق على نفسها اسم " جیش إنقاذ الروهینغیا فی أراکان " مسؤولیتها عنها.

وقالت تیرانا حسن، مدیرة الاستجابة للأزمات فی منظمة العفو الدولیة "ولایة راخین على شفا کارثة إنسانیة. لا شیء یمکن أن یبرر حرمان من یعانون البؤس من المعونة التی یمکن أن تنقذ حیاتهم. وقد عَرَّضَت سلطات میانمار عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر بمنعها المنظمات الإنسانیة من الوصول إلى المنطقة مبدیةً استخفافاً یتسم بالقسوة بحیاة البشر.

"وستشمل هذه القیود بتأثیرها جمیع الطوائف فی ولایة راخین. ولا بد للحکومة أن تحید على الفور عن هذا المسار، وأن تسمح للمنظمات الإنسانیة بالوصول، بشکل کامل ودون معوقات، إلى جمیع أنحاء الولایة لمساعدة المحتاجین".

وقد عُلِّقَت أنشطة المعونة فی الجزء الشمالی من الولایة على مدى الأسبوع الأخیر، بینما تمنع السلطات فی أجزاء أخرى المعنیین بالإغاثة الإنسانیة من الوصول إلى المجتمعات المحلیة التی تحتاج إلى المساعدة ولاسیما مجتمعات أقلیة الروهینغیا. ویقول موظفو الإغاثة الإنسانیة إن القیود على أنشطتهم وعلى الوصول إلى المنطقة بدأت فی أوائل أغسطس/آب لکنها شُدِّدَت إلى حد بعید منذ هجمات 25 أغسطس/آب.

وقد اضطر عشرات الألوف إلى الفرار من دیارهم منذ بدء العنف. وتفید أحدث تقدیرات للأمم المتحدة بأن 90000 لاجئ من الروهینغیا عبروا الحدود إلى بنغلادیش، بینما أجلت حکومة میانمار ما یربو على 11000 شخص من أبناء أقلیات عرقیة أخرى یعیشون فی شمال ولایة راخین. ویُعتَقَد أن آلاف الأشخاص، أغلبهم من الروهینغیا، محصورون فی جبال شمال ولایة راخین حیث لا یمکن للأمم المتحدة والمنظمات غیر الحکومیة الدولیة أن تقیِّم حاجاتهم أو توفر لهم المأوى، والغذاء، والحمایة.

وقال أحد مسؤولی الإغاثة الإنسانیة المعنیین بالعمل فی ولایة راخین لمنظمة العفو الدولیة:

"المسلمون یتضورون جوعاً فی منازلهم. فالأسواق مقفلة ولا یمکن للناس أن یغادروا قراهم إلا للفرار. وقد تفشى الترهیب على نطاق واسع على أیدی السلطات التی تستخدم الغذاء والماء بوضوح کسلاح".

وتحدث لاجئو الروهینغیا الذین فروا إلى بنغلادیش عن مشاهدة انتهاکات مروعة ترتکبها قوات الأمن التابعة لمیانمار، بما فی ذلک قتل من یحاولون الفرار وحرق قرى بأکملها.

وکان جیش میانمار قد بدأ فی أواخر عام 2016 حملة شعواء رداً على هجوم شنه متشددو الروهینغیا. ووثقت منظمة العفو الدولیة آنذاک انتهاکات ارتکبها الجیش قد تُعَدُّ من قبیل الجرائم ضد الإنسانیة، من بینها حالات اغتصاب، وقتل، وتعذیب، وحرق للقرى.

وقالت تیرانا حسن "لقد رد جیش میانمار على هجمات المتشددین بطریقة غیر متناسبة بالمرة. فحملة العنف التی یقوم بها تستهدف من جدید أفراد الروهینغیا العادیین بسبب انتمائهم العرقی والدینی ولا بد أن تنتهی على الفور".

"المسلمون یتضورون جوعاً فی منازلهم. فالأسواق مقفلة ولا یمکن للناس أن یغادروا قراهم إلا للفرار. وقد تفشى الترهیب على نطاق واسع على أیدی السلطات التی تستخدم الغذاء والماء بوضوح کسلاح".

وتحدث لاجئو الروهینغیا الذین فروا إلى بنغلادیش عن مشاهدة انتهاکات مروعة ترتکبها قوات الأمن التابعة لمیانمار، بما فی ذلک قتل من یحاولون الفرار وحرق قرى بأکملها.

وکان جیش میانمار قد بدأ فی أواخر عام 2016 حملة شعواء رداً على هجوم شنه متشددو الروهینغیا. ووثقت منظمة العفو الدولیة آنذاک انتهاکات ارتکبها الجیش قد تُعَدُّ من قبیل الجرائم ضد الإنسانیة، من بینها حالات اغتصاب، وقتل، وتعذیب، وحرق للقرى.

وقالت تیرانا حسن "لقد رد جیش میانمار على هجمات المتشددین بطریقة غیر متناسبة بالمرة. فحملة العنف التی یقوم بها تستهدف من جدید أفراد الروهینغیا العادیین بسبب انتمائهم العرقی والدینی ولا بد أن تنتهی على الفور".

 

میانمار: انفجارات الألغام الأرضیة الجدیدة تشیر إلى إنها استهدافٌ متعمد للروهینغیا

قالت منظمة العفو الدولیة إن الحادثین الجدیدین لانفجار لغمین أرضیین الیوم، بما فی ذلک انفجار أدى إلى الإطاحة بساق شاب، یرفع عدد المواقع إلى ثلاثة مواقع معروفة حیث قامت سلطات میانمار بزرع ألغام على المعابر الحدودیة التی یستخدمها الروهینغیا الفارین من العنف.

فقد وطأ مزارع بنغلادیشى، فى اوائل العشرینیات من عمره، لغماً ارضیاً بالقرب من قریة بیش بارى البنغلادیشیة، صباح الیوم، عندما کان یرعى الماشیة فى منطقة عازلة على طول الحدود مع میانمار. وأخبر شهود عیان منظمة العفو الدولیة بأن رجلاً من الروهینغیا قد نُقل على وجه السرعة لتلقی العلاج الطبی فى بازار کوکس فى بنغلادیش الیوم، بعد وقوع انفجار لغم ارضى منفصل بالقرب من قریة امتالى البنغلادیشیة، وهى نقطة عبور حدودیة اخرى معروفة.

وقالت تیرانا حسن، مدیرة برنامج الاستجابة للأزمات، التابع لمنظمة العفو الدولیة، وهی متواجدة حالیاً فی بنغلادیش بجوار الحدود: "تشیر جمیع المؤشرات إلى أن قوات الأمن فی میانمار تتعمد استهداف المواقع التی یستخدمها اللاجئون الروهینغیا کنقاط عبور. وتعد هذه طریقة وحشیة وقاسیة تضاف إلى ما یعانیه الفارین من بؤس فی حملة ممنهجة من الاضطهاد".

 

وأضافت قائلة: "إن هذا یقدم دلیلاً إضافیاً على أن هذه لیست مشکلة سوف تختفی من تلقاء نفسها. ویجب على سلطات میانمار أن تضع حدا لهذه الممارسة البغیضة، وأن تسمح لفرق إزالة الألغام بالوصول إلى مناطقها الحدودیة ".

فقد وقعت الانفجارات الجدیدة على طول الحدود، حیث تقدر الأمم المتحدة أن 290 ألف من الروهینغیا الفارین من العنف قد عبروا الحدود خلال الأسبوعین الماضیین. ویقول السکان المحلیون إنهم کثیراً ما یرون أن قوات الأمن فی میانمار تقوم بدوریات فی المنطقة.

ویعتبر جیش میانمار واحداً فقط من بضع قوات دول قلیلة، فی شتى أنحاء العالم، إلى جانب کل من کوریا الشمالیة وسوریا، التی تستخدم الألغام المضادة للأفراد علناً فی السنوات الأخیرة. وقد حظرت معاهدة دولیة فی عام 1997 استخدام هذه الأسلحة.

ففی 8 أیلول / سبتمبر، أکدت منظمة العفو الدولیة أن قوات الأمن فی میانمار قد زرعت الألغام على طول الجزء الشمالی من حدودها مع بنغلادیش على طریقین مزدحمین بالقرب من تونغ بیو لیت ویا [المعروف محلیا باسم تومبرو] حیث یمر العدید من الروهینغیا الفارین من العنف. وقد أصیب ثلاثة اشخاص على الأقل من بینهم طفلان بجروح خطیرة، حیث وقعت جمیع الانفجارات على طول الطرق التی تستخدم للسفر بشکل کبیر.

ومضت تیرانا حسن تقول: "فبدلاً من إنکار میانمار مسؤولیتها عن ذلک، یجب علیها أن تضع سلامة الناس فی المنطقة الحدودیة فی صدارة اهتماماتها. فثمة سبب یجعل استخدام الألغام الأرضیة المضادة للأفراد غیر مشروع: فهی تقتل وتشوه عشوائیاً، ولا تستطیع التمییز بین المقاتلین والأشخاص العادیین ".

واختمت قائلة: " ویجب السماح لخبراء الأمم المتحدة بالتحقیق فی الانتهاکات الواسعة النطاق والممنهجة التی وقعت فی ولایة أراکان، بما فی ذلک استخدام میانمار للألغام الأرضیة المحظورة. وینبغی محاسبة المسؤولین عن ذلک".

 

میانمار: حملة أسلوب الأرض المحروقة تؤجج عملیة التطهیر العرقی للروهینغیا من ولایة أراکان

 

 

 

 

 


تستطیع منظمة العفو الدولیة أن تکشف عن أدلة جدیدة تشیر إلى حملة واسعة النطاق باستخدام سیاسة الأرض المحروقة فی شتى أنحاء ولایة أراکان الشمالیة، حیث تقوم قوات الأمن فی میانمار، وحشود الغوغاء، بإحراق قرى الروهینغیا بالکامل، وإطلاق النار عشوائیاً على الناس أثناء محاولتهم الفرار.

 

ویبین تحلیل المنظمة لبیانات الکشف عن الحرائق المندلعة، وصور الأقمار الصناعیة، والصور ومقاطع الفیدیو الملتقطة من الأرض، إلى جانب المقابلات التی أجریت مع العشرات من شهود العیان فی میانمار، وعبر الحدود فی بنغلادیش، کیف استهدفت حملة منسقة من الحرائق الممنهجة قرى الروهینغیا عبر شمال ولایة أراکان مدة ثلاثة أسابیع تقریباً.
وقالت تیرانا حسن، مدیرة برنامج الاستجابة للأزمات التابع لمنظمة العفو الدولیة: "إن الأدلة قاطعة ودامغة -فقوات الأمن المیانماریة تضرم النیران فی ولایة أراکان فی حملة تهدف لدفع الروهینغیا إلى مغادرة میانمار. وبدون أدنى شک: تعد هذه بمثابة عملیة تطهیر عرقی".

 

"هناک نمط واضح وممنهج من سوء المعاملة هنا. فقوات الأمن تقوم بمحاصرة إحدى القرى، وتطلق النار على الناس الفارین فی حالة من الذعر، ومن ثم تضرم النیران فی المنازل لتأتی علیها بالکامل. ویعتبر ذلک من الناحیة القانونیة، بمثابة جرائم ضد الإنسانیة – وهجوم ممنهج وإبعاد قسری للمدنیین ".

عملیات حرق متعمدة على نطاق واسع

لقد اکتشفت منظمة العفو الدولیة وقوع ما لا یقل عن 80 عملیة حریق واسع النطاق فی المناطق المأهولة فی ولایة أراکان الشمالیة، منذ 25 أغسطس/آب، عندما شن جیش میانمار عملیة عسکریة فی أعقاب الهجمات التی شنتها الجماعة المسلحة "جیش إنقاذ روهینغیا أراکان" على نقاط للشرطة. ولم تکشف أجهزة استشعار الأقمار الصناعیة، خلال نفس الفترة الممتدة على مدى السنوات الأربع الماضیة، عن أی حرائق بهذه الضخامة فی أی مکان فی الولایة.

وقد تم اکتشاف الحرائق عبر مساحات شاسعة من مناطق وغالبیتها من الروهینغیا داخل ولایة أراکان. وبینما لا یمکن التحقق من مدى الضرر، بصورة مستقلة، على الأرض بسبب القیود التی تفرضها حکومة میانمار على دخول المنطقة؛ فإنه من المحتمل أن یکونوا قد أحرقوا قرى بأکملها، مما أجبر عشرات الآلاف على الفرار من عملیات الإرهاب. وقد قامت منظمة العفو الدولیة بمطابقة صور الأقمار الصناعیة من الحرائق مع شهادات شهود العیان وصور المنازل التی أُحرقت.

ومن المرجح أن یکون العدد الحقیقی للحرائق، ومدى تدمیر الممتلکات، أعلى من ذلک بکثیر، لأن السحب التی غطت السماء خلال موسم الریاح الموسمیة جعلت من الصعب على الأقمار الصناعیة التقاط صور لکافة الحرائق. وفضلاً عن ذلک، فإن الحرائق الصغیرة لا تکتشفها أجهزة استشعار الأقمار الصناعیة البیئیة.

کما تُظهر صور الأقمار الصناعیة بوضوح رقعة واسعة من قریة إن دین، وهی منطقة عرقیة مختلطة فی جنوب مونغداو، کیف أحرقت منازل الروهینغیا فیها بشکل کامل، فی حین یبدو أن المناطق غیر الروهینغیة التی بجانبها لم تُمس بسوء.

وتحدثت منظمة العفو الدولیة إلى رجل، عمره 27 عاماً، من قریة إن دین، الذی وصف کیف حاصر الجیش فی 25 أغسطس/آب، مصحوباً بمجموعة صغیرة من جماعات الأمن الأهلیة، القریة وأطلقوا النار فی الهواء، قبل دخولهم القریة وإطلاق النار عشوائیاً على السکان الروهینغیا وهم یفرون. وقال إنه اختبأ فی غابة مجاورة، وشاهد الجیش الذی بقی ثلاثة أیام فی القریة، وینهب ویحرق المنازل.

وینطبق الشیء نفسه على المناطق الحضریة، حیث تُـظهر صور الأقمار الصناعیة کیف أُحرقت بالکامل أحیاء فی مدینة مونغداو التی تسکنها أغلبیة روهینغیة، بینما لا تزال مناطق أخرى من المدینة لم تمس بسوء.

هجمات ممنهجة ومنسقة

یصف شهود عیان من الروهینغیا داخل ولایة أراکان، واللاجئون فی بنغلادیش، أسلوباً تقشعر له الأبدان تقوم به قوات الأمن. فالجنود والشرطة وجماعات الأمن الأهلیة أحیانا یقومن بتطویق القریة، ویطلقون النار فی الهواء قبل الدخول، ولکن غالباً ما یقتحمون القریة، ویطلقون النار فی جمیع الاتجاهات، مع فرار الناس فی حالة من الذعر.

وفی الوقت الذی یحاول فیه القرویون الباقون على قید الحیاة جاهدین مغادرة المنطقة، تقوم قوات الأمن بإضرام النیران فی منازلهم باستخدام الوقود أو قاذفات صواریخ محمولة على الکتف.

وقال رجل، یبلغ من العمر 48 عاماً، إنه شهد مجموعة من الجیش والشرطة تقتحم قریته یی توین کیون فی بلدة ماونغداو الشمالیة فی 8 أیلول / سبتمبر: "عندما جاء الجیش، بدأوا یطلقون النار على الناس الذین تملکهم الخوف الشدید، فبدأوا یرکضون. رأیت الجیش یطلق النار على الکثیر من الناس، ویقتلون الصبیة. استخدموا أسلحة لحرق منازلنا. لقد کان فی قریتنا 900 منزل، والآن تبقى فقط 80 منزلاً. ولم یتبق أحد حتى لدفن الجثث ".

وقد تمکنت منظمة العفو الدولیة من إثبات وقوع الحریق عن طریق تحلیل الصور المأخوذة عبر نهر ناف فی بنغلادیش، تظهر أعمدة ضخمة للدخان المتصاعد داخل میانمار.

وقال رجل من الروهینغیا فر من منزله فی میو تو غیی فی بلدة مونغدو فی 26 أغسطس/آب:

"قام الجیش بالهجوم فی الساعة 11 صباحاً. وبدأ یطلق النار على المنازل وعلى الناس، واستمر لمدة ساعة تقریباً. بعد أن توقف إطلاق النار رأیت صدیقی میتاً على الطریق. وفی وقت لاحق، فی الساعة 4 عصراً، بدأ الجیش فی إطلاق النار مرة أخرى. وعندما فر الناس، أحرقوا المنازل بزجاجات من البنزین، وقاذفات الصواریخ. استمر الحرق لمدة ثلاثة أیام. والآن لا توجد منازل فی منطقتنا - کلها محترقة تماما".

واستطاعت منظمة العفو الدولیة، بتحلیل بیان الأقمار الصناعیة المکتشفة لإطلاق النار، تأکید وقوع الحرائق على نطاق واسعة فی میو ذو غیی فی 28 أغسطس/آب.

ومما یبعث على القلق أن السلطات المحلیة قد حذرت سکان القرى المحلیة مسبقاً من أن منازلهم سوف تتعرض للحرق، مما یدل بوضوح على أن الهجمات متعمدة ومخططة على حد سواء.

وقال رجل، یبلغ من العمر 47 عاما، فی کیان تشونغ فی بلدة مونغداو، إن والی القریة جمع القرویین الروهینغیا وأبلغهم بأن الجیش قد یحرق منازلهم، وحثهم على التماس المأوى خارج القریة على جانب ضفة النهر المجاور.

وفی الیوم التالی، جاء 50 جندیاً عبر القریة من الجانبین، واقتربوا من الروهینغیا على ضفاف النهر، وبدأوا فی إطلاق النار عشوائیاً، فأصیب الناس بالذعر ورکضوا؛ على الرغم من أن هناک خیارات قلیلة للهروب لأولئک الذین لا یستطیعون السباحة عبر النهر. وبدأ الجنود باستهداف الرجال، وأطلقوا النار من مسافة قریبة، وطعن أولئک الذین لم یتمکنوا من الفرار.

ووصف أحد شهود العیان، من قریة بان کیانغ فی بلدة راثدونغ، کیف جاء الجیش، فی الصباح الباکر من یوم 4 سبتمبر/ أیلول، مع والی القریة: "وقال إنه بحلول الساعة العاشرة صباحاً کان لدینا فرصة أفضل لمغادرة القریة، لأن کل شیء سیتم حرقه. وعندما کانت عائلته تحزم أمتعتها، رأى ما وصفه بأنه "کرة نار" تضرب منزله، وعند هذه اللحظة فروا فی حالة من الذعر. وشهد القرویون الذین اختبؤوا فی حقل الأرز القریب جنوداً یحرقون المنازل باستخدام، على ما یبدو، قاذفات صواریخ.

وقد نفت سلطات میانمار مسؤولیة قوات الأمن عن الحرائق، وادعت بشکل مناف للعقل، أن الروهینغیا هم الذین أضرموا النیران فى منازلهم.

وأضافت تیرانا حسن قائلة: “إن محاولات الحکومة إلقاء اللوم على السکان الروهینغیا ما هی إلا أکاذیب صارخة. فتحقیقنا یوضح بشکل تام أن قوات الأمن الحکومیة، إلى جانب غوغاء جماعات الأمن الأهلیة، هی المسؤولة عن حرق منازل الروهینغیا".

وقد تلقت منظمة العفو الدولیة أیضا تقاریر من مصادر موثوقة عن قیام میلیشیات من الروهینغیا بإحراق منازل جماعات عرقیة فی أراکان، وأقلیات أخرى، غیر أن المنظمة لم تتمکن حتى الآن من التحقق من هذه الأعمال أو إثباتها.

فرار مئات الآلاف

تقدر الأمم المتحدة أن أعمال العنف وحرق القرى قد أجبر أکثر من 370 ألف شخص على الفرار من ولایة أراکان فی میانمار إلى بنغلادیش منذ 25 أغسطس/آب. ومن المحتمل أن یکون عشرات الآلاف آخرون من النازحین قد فر داخل الولایة. هذا بالإضافة إلى نحو 87 ألف شخص تقریباً قد فروا فی أواخر 2016 وأوائل 2017 خلال عملیة عسکریة واسعة النطاق فی الولایة.

ومضت تیرانا حسن تقول: "إن الأرقام تتحدث عن نفسها - لیس من قبیل المبالغة القول بأن ما یقرب من نصف ملیون من الروهینغیا اضطروا إلى الفرار من منازلهم فی أقل من عام واحد. فیجب التحقیق فی الجرائم التی ترتکبها قوات الأمن ومحاسبة مرتکبیها. وفی نهایة المطاف، یجب على میانمار کذلک أن تضع حداً للتمییز الممنهج ضد الروهینغیا، والذی هو السبب الرئیسی للأزمة الحالیة".

لقد آن الأوانلأ لکی یستیقظ المجتمع الدولی من الکابوس الذی یعیشه الروهینغیا. فالأدلة الأولیة تشیر إلى أن هذه الهجمات یجری حسابها وتنسیقها عبر بلدات متعددة. ویجب أن یمارس ضغط أکبر بکثیر على أونغ سان سو کی، والقیادة العسکریة فی میانمار، الذین یرتکبون الانتهاکات، من أجل وضع حد لهذه المذبحة.

واختتمت قائلة: "فی غضون بضعة أیام سیتم مناقشة قضیة میانمار فی مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وهذه فرصة للعالم لإظهار أنه قد استوعب نطاق الأزمة الجاریة، وأن یتبنى قراراً قویاً یعکس ذلک الأمر. ویجب على المجلس أیضاً أن یمدد ولایة البعثة الدولیة لتقصی الحقائق، التی ینبغی لسلطات میانمار أن تتعاون معها بشکل کامل".

 

مصدر:منظمة العفو الدولیة