حقوق الانسان فی الاسلام(قسم الاخیر)

رمز المدونة : #3124
تاریخ النشر : یکشنبه, 20 اسفند 1396 12:50
بعد نشرها سلسله من المقالات السابقة للعلامة مجتهد الشبستری حول موضوع الاسلام وحقوق الانسان، تنشر منظمة الدفاع عن ضحایا العنف المقالة التالیة بالتعاون مع لجنة حقوق الانسان الایرانیة والدکتور مظفری.

یطرح السید شبستری اشکالیّه أخری بقوله: عند اللجوء الی الکتاب والسنّة والفول بأنّ الله سبحانه عزّوجل منح الانسان الکرامة کونه أنسانا وأنّ الله منحه الحریّة وهو الذی أعطاه حقّ الحیاة ویعترف بالحریّة الدینیّة، عندها قد شخص ویقول: لم یمنحنا الله سبحانه عزّوجل تلک الحقوق فهذا تفسیرکم ولانقبل به و بمجرّد بأنّ الله منحنا هذه الحقوق سیأتی شخص آخر لیقول لنا: کلّا .... لم یمنحنا الله إیّاها. عند أستقراء استدلالهم نجد أنّ لکلّ منهم رأیه الخاص حول عدد هذه الحقوق فبعضهم یعدّها اربعه والآخر خمسه او أکثر فی حین یحاول آخرون اللحاق برکب البیان العالمی لحقوق الانسان ویعدّونها عشرین حقا.


برأیی هذه الاشکالیّة غیر وارده لأنّنا عندما نقول نحن نؤمن بهذه الحقوق علی أساس الکتاب والسنّة ونمنحها للأنسان بما هو أنسان، فنحن لا نقول ذلک جزافا لأن للبلدان الاسلامیّة مرجعها الذی ترجع الیه الا وهو منظمة التعاون الاسلامی التی تعتبر الفیصل فی هذا الموضوع ولیس رؤیة ذلک الوهابی الذی أشرنا الیه او فتوی ذلک المفتی القابع فی جبال قندهار بأفغانستان لأنّ البلدان الاسلامیّة تعتبر منظمة التعاون الاسلامی مرجعها الرسمی بهذا الخصوص.


والأدهی من ذلک عندما نصرّح بأعترافنا بمقولة حقوق الانسان ونعتبرها منبثقه من الکتاب والسنّة، نواجه تفسیرا آخر کتفسیر ذلک الوهابی المتطرّف او تفسیر داعشی لمفاهیم الدّین. فحسب هذا التفسیر، لم تمنحنا النصوص الدینیة تلک الحقوق ولا تعترف بها وعلیه یجب إلغاؤها او تنحیة الکتاب والسنّة جانبا وعدم الرجوع الیهما نظرا لتباین الآرائ بهذا الخصوص. اذا کنّا نختلف بالتفسیر بیننا فهل نذهب الی داعش ونقول لهم أنّ تفسیرکم یختلف عن تفسیرنا لأنّکم تؤمنون بقتل وأستعباد الکفّار، ونحن لانعتقد بذلک فالانسان حرّ. وبما أنّنا نختلف بالرأی تعالوا نضع خلافاتنا جانبا ونقبل بحقوق الانسان بطابعه العلمانی حتی لا تصبح مشکله بیننا.
هل هذه هی المشکلة التی نعانیها؟ فهل سیتقبّل داعش منّا ذلک؟ فی فتره من الفترات سیطرت طالبان علی افغانستان و حاولت تفجیر تمثال بوذا وفی حینه قامت احدی الفضائیّات الاقلیمیّة بأستضافة الشیخ یوسف القرضاوی ونظرا لکونه سلفی المعتقد وطالبان قریبه من معتقداته فقد طلبوا منه ابداء النصیحة لهم بعدم تفجیر تمثال بوذا لأنّها من التراث الانسانی، فأجاب القرضاوی: صحیح ونحن کذلک نقول بقولکم ولکن نواجه مشکله تکسیرهم لاجهزة تلفازهم ویحرمونها فکیف اتحدّث الیهم وأخاطبهم؟
کیف تطلبون منّا التحدّث الی من لامنطق له ونقول له عندنا منطق متباین فلکل منّا تفسیره الخاص فی شئون الدین وعلیه یجب أن نضع تفسیراتنا جانبا ونقبل بالتفسیر العلمانی لحقوق الانسان حتی نتمکّن من التفاهم بیننا وهل سیقبل داعش بحقوق الانسان بمفهومه العلمانی؟ أذن لایمکننا التملّص من مبادئنا وقیمنا الدینیّة بسبب وجود مثل هذه الاشکالیّات.


هنالک ملاحظه أخری، لو افترضنا جدلا وجود خلاف فی الرأی بیننا هل یعنی ذلک عدم تباین الآراء لدی مکوّنات الطرف الآخر. هل اصحاب الرؤیة العلمانیّة او حتی الملحدین علی رأی واحد؟ فعلی سبیل المثال تضمّن البیان العالمی لحقوق الانسان، الاعتراف بحقّ الملکیّة ولکن لم یتطرّق المیثاق الی هذا الحقّ بسبب وجود دول مختلفه منها الدول الاشتراکیّة التی لا تعترف بالملکیّة الخاصّة، فأین تکمن المشکلة؟ یشیر البیان العالمی لحقوق الانسان الی الحقوق السیاسیّة والمدنیّة والحقوق الاقتصادیّة والاجتماعیّة والثقافیّة ولکن تباین فی مواقف الدول المختلفة أتجاهها فالدول ذات الطابع اللیبرالی اوالدول التی ترتکز عقیدتها السیاسیّة علی الایدیولوجیّة اللیبرالیّة تعترف جمیعها بالحقوق السیاسیّة والمدنیّة ولکنّها قد لاتعترف بالحقوق الاقتصادیة والاجتماعیّة والثقافیّة فأی مشکله قد یتسبّب بها هذا الواقع والأدهی من ذلک نجد أنّ میثاق حقوق الانسان الامریکی یحترم حق حیازة السلاح ضمن حقوق الانسان. ما المشکلة فی ذلک؟ علی أیّ حال هنالک أختلاف حول تفسیر هکذا أمور ولا ضیر فی ذلک. فأنا عندی تفسیر معیّن عن العیش والحیاة وهو لدیه تفسیر آخر عنها. فالدول اللیبرالیّة الغربیّة تفسّر حق الحیاة بأن لاتقتل أحدا. فعلی سبیل المثال نفترض أنّ هنالک شخص یتولّی مسئولیّة نجاة الغرقی فی المسبح ویعمل من الساعة الرابعة الی الساعة الثّامنة مساءا وبعدها لن یکون مسئولا عن نجات الغرقی لنفرض انه شاهد شخصا یغرق فی الساعة الثامنة وخمسة دقائق، لماذا یجب علیه ازعاج نفسه فلا مسئولیّع علیه لأنّه خارج نطاق ساعات العمل اذن لا مسئولیّه علی عاتقه.


ولکن مفهوم حق الحیاة عند الدول الافریقیّة او الدول الاسلامیّة یختلف عنه عند الغرب ویعنی اطعام الجائع حتی لایمقله الجوع. هذا هو حقّ الحیاة عندهم ولکن مفهوم حق الحیاة لایقتصر علی عدم قتله اواطعامه من الجوع بل یتعدّاه لضمان حیاته انطلاقا من ولادة الانسان وحتی مماته. فنحن نعتقد بأنّ حقّ الانسان فی العیش والحیاة أوسع وأشمل من تلک التفاسیر. وحتی تمتد الی ماقبل مولده ففی عقیدتنا من یسلب الجنین حقّه فی الحیاة یرتکب جریمة القتل. وعلیه هنالک تباین فی وجهات النّظر وأختلاف فی تفسیر المفاهیم ولا ضیر فی ذلک. فکما أنّ مفهوم حقوق الانسان عند الانسان الاشتراکی ینطلق من معتقداته ولدی الانسان المسیحی یقوم علی یقوم علی عقیدته الدینیّة، کذلک مفهوم حقوق الانسان عندنا نحن المسلمون یستند الی عقیدتنا الاسلامیّة. ولکنّنا فی العالم الذی نعیش فیه سواءآ کنّا مسلمین، أم مسیحیین، أم یهود، أو بوذیین او هندوس او ملحدین ومهما تباینت مبادئنا الفلسفیّة او عقائدنا الدینیّة، فأنّنا نجتمع ونتّفق مع بعضنا البعض. فقد التزم بهذه الحقوق من منطلق المبادئ التی اؤمن بها والآخر کذلک یلتزم بها بناءا علی معتقداته الدینیّة او غیرها فکلّ منّا یلتزم بها حسب المعتقدات والمبادئ التی یؤمن بها. وعلیه لایصح القول بأنّ الالتزام بهذه الحقوق یستلزم الابتعاد عن معتقداتنا لذلک یمکننا القول بأمکانیّة التوافق بین الاسلام وحقوق الانسان وحتی الاذعان لضرورته وحتی وجوبه. فالقبول بالدولة الحدیثة یعنی قبول الحکومة الوطنیّة (Nation State) و بالتالی القبول بتوأمهما أی حقوق الانسان. ولکنّ الفکر الداعشی لایقبل بالدولة الحدیثة والحکومة الوطنیّة و یطالب بالخلافة مما یعنی إلغاء القوانین الدولیّة و عدم قبول میثاق الامم المتّحدة و البیان العالمی لحقوق‌ الانسان. ولکن عندما نؤسّس للدولة الحدیثة والحکومة الوطنیّة ویصبح لدینا أمّه وبلد نعیش فیه فسیکون لها توأم وقرین أی حقوق الانسان. لایمکننا قبول الدولة الحدیثة فی حین ننتهک حقوق الافراد ونحتکر حقوق الانسان وعدم ضمان حقوق الآخرین. فالدولة الوطنیّة الحدیثة وحقوق الانسان توأمان لایمکن الفصل بینهما


اذا أسّسنا للحکومة الحدیثة لایمکننا عدم القبول بتوأمها أی حقوق الانسان. ولکن فی عصر هابز الذی کان یقول إنّ أهم مخاوف الانسان هو فقدان الأمن والأمان وأهم حقوقه هو حقّ البقاء وحفظ النفس وصونها. فغندما یؤسّس الانسان حکومته بناءا علی عقد إجتماعی فأنّه فی الواقع ینیط بکافّة حقوقه الی الحکومة ویتنازل عن حقوقه الخاصّة لتمنحه تلک الحکومة المقتدرة، الأمن والأمان. هذا الکلام قد یصدق فی عهد هابز حیث سادت الفوضی وأنعدم الأمن والأمان. ولکن عند تأسیس الدولة الحدیثة ومجئ حکومه قویّه فقد أصبحت تلک الدولة التی کانت تخشی من جیرانها من أن یسلبوها الامن والامان، أکبر خطرا علی الانسان من المئات من أمثاله وأصبح یخشی من أن تسلبه حقوقه وعلی هذا الاساس یقول جان لاک وبعض فلاسفة عصر التنویر: عندما یتنازل الانسان عن حقوقه بناءا علی عقد اجتماعی و یفوضها الی الحکومة، یجب علی تلک الحکومة تحدید ماهی الحقوق الفردیّة التی ستضمنها له وعلیه لایمکن الفصل بینهما. وبعبارة أخری عندما نؤسس الدولة الحدیثة یجب قبول توأمها أی ضمان الحقوق والحریات الاساسیة الفردیّة للمواطن. قد یأتینا أحد ویقول: لا اقبل بحقوق الانسان لأنّه مفهوم وخطاب غربی کما أرفض الدیمقراطیّة الغربیّة ویطرح بالمقابل نموذج الدیمقراطیّة الدینیّة المنبثق من الخطاب الدینی.لابأس إن رفضنا الدیمقراطیّة الغربیّة ولکن لا مناص من ضمان الحقوق والحریّات الاساسیّة للمواطنین و اذا تحقّق ذلک فلایهم الأسم الذی سنطلقه علی هذا النموذج فالمهم أن نضمن الحریّة والعدالة فی المجتمع. من حسن الحظ توجد هکذا مؤسّسات فی نصوصنا الدینیّة یمکنها أن تحل محلّ حقوق الانسان، مثل مؤسسة الامر بالمعروف والنهی عن المنکر والتی بأمکانها أن تصبح البدیل الافضل لحقوق الانسان. یجب الاخذ بنظر الاعتبار بأنّ مؤسسة الامر بالمعروف والنهی عن المنکر لیست مؤسسه حکومیّه. فالامر بالمعروف والنهی عن المنکر الذی یتدخل فی الحیاة الخاصة للمواطنین ویثیر لهم المتاعب لایصلح أن یکون بدیلا عن حقوق الانسان.

اما النموذج الاصلح لمؤسسة حقوق الانسان لیکون بدیلا عن حقوق الانسان فهو النموذج الذی یقف بوجه الحکومات ویطالبها بضمان حقوق المواطنین ازاء انتهاکها من قبل الآخرین. أنّ نطاق مسئولیات هکذا مؤسسه یمتد حتی مجالات حفظ البیئة و الامور الصناعیّة و الاقتصادیّة و حتی الحریّات السیاسیّة. فهذه المجالات تعتبر من صلب مسئولیّات مؤسّسة الامر بالمعروف و النهی عن المنکر. اذا تمکّنّا من الارتقاء بالامر بالمعروف والنهی عن المنکر الی هذا المستوی فأنها بلاشک ستعطی نتائج أفضل من حقوق الانسان
فعلی سبیل المثال نواجه فی مجال صناعة السیّارات العدید من الاشکالیّات التی تتسبّب بوقوع أضرار و خسائر بالاموال والانفس وکما أنّ منظومة حقوق الانسان یمکنها المطالبة بمراعاة حقوق المواطنین، فمن الأولی أن یتمکن الامر بالمعروف والنهی عن المنکر من المطالبة بها. اذا فسّرنا مفهوم الامر بالمعروف والنهی عن المنکر هکذا سیکون بأمکانه الحلول بدلا عن حقوق الانسان. لیس المطلوب أن تصبح مؤسسة الامر بالمعروف والنهی عن المنکر مؤسسه حکومیّه تثیر المتاعب للمواطنین بل المطلوب أن تکون مؤسسه مدنیّه تواجه مثیری المشاکل والمتاعب للناس وتدافع عن حقوق وحریات المواطنین. من السهل أن یحلّ هذا الخطاب محل خطاب حقوق الانسانوأن یکون أکبر تأثیرا وأسرع نتیجة.


وختاما اتقدم بجزیل الشکر لکافة القائمین علی شئون هذا الملتقی وأتمنّی لهم التوفیق.



 :: 404
404 Not Found!  
The requested resource could not be found but may be available again in the future.

Back to Previouse | Back to Home