اجتماع السنوی المخصّص لحقوق الطفل "حمایة حقوق الطفل فی الحالات الإنسانیّة"

رمز المدونة : #3157
تاریخ النشر : چهارشنبه, 22 فروردین 1397 7:37
الدورة الـ37 لمجلس حقوق الإنسان

فی العام 2016 وحده، احتاج 43 ملیون طفل موزّعین على 63 بلدًا إلى مساعدة إنسانیّة. أمّا الیوم، فیعیش 357 ملیون طفل فی مناطق تشهد صراعات – ما یتخطّى بنسبة 75 فی المائة العدد المسجّل فی القرن الفائت وما یعادل طفل من بین ستّة أطفال على المستوى العالمیّ.

إنّ الفیضانات التی ضربت بنغلادش، والهند، والنیبال وسیرالیون، والزلزال الذی هزّ المکسیک والإعصار الذی عصف فی الکاریبی وسواحل الولایات المتّحدة – بالإضافة إلى أوضاع أخرى یتسبب بها الإنسان من عدم استقرار سیاسی واقتصادیّ وصراعات مسلّحة مباشرة بین أطراف حکومیّین وجهات غیر تابعة للدول – فی کل مناطق العالم، والکلفة المترتّبة بسبب سوء سلوک البالغین، وانعکاسات سوء تصرّفهم بصفتهم الأولیاء السیاسیّین والاجتماعیّین والاقتصادیّین للأطفال، خیّبت آمال الملایین منهم.

لقد لفظ البحر آلان کردی؛ واختبأ عمران دقنیش فی سیّارة إسعاف؛ ولاقى عدد لا یحصى من الأطفال حتفه خلال رحلة مرعبة قام بها فی البحر المتوسّط؛ واغتُصِب الآلاف خلال الهجوم المتعمّد على ولایة الراخین فی میانمار؛ وعانت فتیات الاعتداءات الجنسیّة والاستغلال على یدّ جیوش الخوذات الزرقاء؛ وانتهکت حرمةَ الأطفال أعدادٌ لا تُحصى من عمّال الإغاثة الإنسانیّة الدینیّین والعلمانیّین– والمأساة الناتجة عن فشل البالغین هنا أیضًا یتحمّلها الأطفال، ولکن عارها لا یقع أبدًا على کاهل الأطفال.  إنّ أکبر شریحة من السکان الأکثر عرضة لانعکاسات الصراعات، والفقر المدقع والتغیر المناخیّ – هی من الأطفال. وتتسبّب الأزمات بأقسى کلفة – عند فصل الأطفال عن أُسَرِهم وتعرّضهم للاختطاف على ید المقاتلین؛ وتجنیدهم واستغلالهم من قبل القوّات المسلّحة. خلال النزوح، یواجه الأطفال المزید من الإساءة والاستغلال الجنسیّ، بالإضافة إلى تشغیلهم والإتّجار بهم. وخلال العبور، یعانون المزید من الإساءة والإهمال والحرمان من الخدمات الأساسیّة. وخلال الاستقبال، یتعرّضون للاحتجاز غیر المشروع، وکراهیة الأجانب وعدم معالجة الصدمات الجسدیّة والنفسیّة التی تعرّضوا لها.

یشکّل الأطفال نصف النازحین وأکثر من نصف اللاجئین فی العالم. أینما کانوا، ومهما کان وضع نزوحهم، ضمن الحدود أو خارجها – حتّى ولو کان وضعهم غیر شرعی – لا یجب أبدًا حرمان أیّ طفل من حقوقه. ولکن یبدو أنّ الجهات المسؤولة عن ذلک غالبًا ما تتخلّى عنهم. إلاّ أنّ الاتّفاقات العالمیّة بشأن الهجرة واللاجئین التی سنبرمها هذه السنة، ولو على المستوى الدیمغرافی وحده، سیغلب علیها تلک التی نعقدها مع أطفالنا، ومن أجلهم، وحتّى لو من دونهم. سواء أأدرکنا ذلک أم لا.

یبدو أنّ تغاضی البالغین عن الإساءة إلى الأطفال بالغٌ لدرجة أنّه مهما اکتشفنا عن نطاقها أو سعتها، أو تنوّع مصادرها، أو عمقها أو أضرارها الطویلة الأمد، لا نزال نکافح کی نتحمّل المسؤولیة تجاه الأطفال أوّلاً وبصورة طارئة.

على مستوى نزاعات والثقافة والتجارة؛ وفی أماکن العبادة؛ وفی أروقة السلطة؛ وفی الأندیة الریاضیّة؛ حتّى بین أیدیّ عمّال الإغاثة –عبر القطاعات وفی مختلف الأوضاع – من خلال تفویض أو تقصیر – تؤدیّ معاملتنا الأطفال معاملة وحشیّة إلى کلفة قاسیة بعملة لا یمکن أحد منا أن یتحمّلها – أقله الأطفال – ویجب أن تشعرنا جمیعنا بالخزی والعار.

وفی هذا الموضع، على الأمم المتّحدة أن تتحمّل مسؤولیّة العار الذی أتت به على نفسها. لمَ على الأمین العام أن یضطرّ فی العام 2018 على أن یؤکّد من جدید على عدم التسامح إطلاقًا فی حالات الاستغلال الجنسیّ والإساءة إلى الأطفال والبالغین المرتکبة على مستوى الأمم المتّحدة؟ وأن یذکّر الأمم المتحدة بواجبها فی منح الأولویّة إلى حقوق ضحایا الاستغلال الجنسیّ؛ وفی ضمان أن یتمحور کلّ من الدعم الإنسانیّ والمساعدة حول الضحیّة، وأن یراعی النوع الاجتماعیّ والأطفال؟

إنّ القانون الدولیّ لحقوق الإنسان یُطبّق دائمًا وفی جمیع الأوقات، وکافة الحالات وعلى جمیع الناس مهما بلغ عمرهم. ولإعلان العالمیّ لحقوق الإنسان، فی عقد السابع– یؤکّد على أنّ مبدأ کامل الحقوق للجمیع هو أساس الأمم المتّحدة – وعلینا أن نشدّد على أنّ حقوق الإنسان تبقى قائم وثابتة حتّى فی الحالات الإنسانیّة، ولا سیّما بالنسبة إلى الأطفال. حقوق الطفل هی من حقوق الإنسان. وقد وقّعت کلّ الدول على الاتّفاقیّة بشأن حقوق الطفل من دون أیّ استثناء. ولا بد من احترامها – بغضّ النظر عن الظروف، والحالات، ومن دون أیّ تمییز وبصرف النظر عن هویّة البالغین.

یجب أنّ تحتل مصالح الطفل الفضلى الأولویّة عند صنع القرار – دومًا وفی کلّ مکان. ومن أجل تحقیق ذلک، یجدر إشراک الأطفال – فیجلسون على طاولة صنع القرار ویشارکون فیها لا سیّما على مستوى تصمیم أنشطة المساعدة الإنسانیّة وتنفیذها ومراقبتها.

 

اطفال الیمن

سنة جدیدة أقبلت بعد أن اُسدل الستار عن سنة 2017 التی تتلفظ أنفاسها الأخیرة تارکة خلفها الکثیر من الأحداث والأزمات السیاسیة والأمنیة فی الکثیر من البلدان العربیة ومن بینها الیمن، ذلک البلد الفقیر الذی تکالبت علیه الکثیر من بلدان ما یسمى بالتحالف العربی بقیادة السعودیة وشنت علیه الکثیر من الهجمات الوحشیة مستخدمه فی هجماتها تلک کافة الأسلحة. لقد مر عام 2017 على أطفال الیمن کأسواء کابوس رأوه فی حیاتهم وذلک بسبب المجازر التی قامت بها قوات العدوان والتی ارتکبت ابشع الجرائم فی حق هؤلاء الأطفال الذین عاشوا فی خوف وجوع وقلق مستمر وانتهکت طفولتهم واصبحوا یائسین من هذه الحیاة التی زادت من أوجاعهم ولم تحترم حقوقهم کأطفال صغار.

وحول هذا السیاق نشرت العدید من المنظمات الدولیة تقاریر تفید بأن الأوضاع فی الیمن اصبحت کارثیة، حیث نشرت منظمة "الیونیسف" الدولیة تقریراً حول الوضع الذی عاشه أطفال الیمن خلال عام 2017 والذی وصفتها بأنها اسوأ سنة مرت على هؤلاء الأطفال الابریاء. ولقد جاء فی هذا التقریر أن الأطفال فی الیمن تعرضوا خلال عام 2017 للکثیر من الهجمات الشرسة والوحشیة التی شنتها قوات العدوان السعودی والتی لم تفرق بین المنازل والمدارس وساحات اللعب الخاصة بهؤلاء الأطفال.

وفی سیاق متصل استنکرت هذه المنظمة الدولیة فی تقریرها هذا الاستهداف المتعمد الذی تقوم به تلک القوات المعادیة على أطفال الیمن والتی تسببت بمقتل وجرح الکثیر منهم فی مناطق مختلفة داخل الیمن. ولفتت هذا المنظمة إلى أن الأطفال فی الیمن یعانون أیضا من تفشی وانتشار وباء الکولیرا نتیجة لذلک الحصار الذی فرضته قوات العدوان السعودی على هذا البلد الفقیر.

نتائج العدوان هذا لاتنتهی الى هنا فحسب؛ بل تسبب أیضا فی انهیار کافة الخدمات العامة والخاصة مما أدى إلى تفاقم وضع الطفولة فی الیمن وإلى إصابة الکثیر من أولئک الأطفال بالأمراض المختلفة وبسوء التغذیة الحاد ولقد أعلنت هذه المنظمة الدولیة ومنظمة الصحة العالمیة وبرنامج الغذاء العالمی یومنا هذا بأن هنالک 9.9 ملیون طفل یمنی بحاجة إلى مساعدات إنسانیة عاجلة ولقد أشارت إحصائیات هذه المنظمات الدولیة بأن هنالک 2.6 ملیون طفل یمنی معرضون للإصابة بمرض "الحصبة" وهنالک أیضا 1.3 ملیون طفل یمنی تعرضوا للالتهابات الرئویة الحادة بسبب الغازات المنبعثة من تلک الصواریخ والقنابل التی ألقتها قوات العدوان السعودی على رؤوس أولئک الأطفال وأعربت هذه المنظمات أیضا بأن هنالک 2.5 طفل یمنی معرضون للإصابة بالإسهالات، فی حین أن 25 بالمائة من المرافق الصحیة أصبحت مغلقة إلى جانب توقف المستشفیات بسبب انقطاع الکهرباء وعدم توفر المشتقات النفطیة جراء الحصار الذی فرضته السعودیة على هذا البلد الفقیر.

من جهة اخرى لفتت هذه المنظمات الدولیة أیضا بأن هنالک الکثیر من الأطفال الیمنیین لم یستطیعوا أن یکملوا عامهم الدارسی 2017 وذلک بسبب الغارات والهجمات المتواصلة لقوات العدوان السعودی ولقد اجبر نحو 1.8 ملیون طفل یمنی على البقاء فی منازلهم وعدم ذهابهم إلى المدارس خوفا من تلک الهجمات او تدمیرها من قبل قوى العدوان مما زاد من تفاقم الأوضاع التی کانت لها آثار سلبیة على هؤلاء الأطفال الابریاء.

وفی سیاق متصل ذکرت "میریتشل ریلانیو" ممثلة منظمة الیونیسف فی الیمن خلال مقابلة صحفیة انه خلال الأسبوع الماضی فقط قتل 13 طفل یمنی وجرح 12 آخرین وخلال شهر دیسمبر الماضی أیضا قتل نحو 42 طفل یمن وجرح 38 آخرین ولفتت إلى أن الیمن شهدت خلال عام 2017 اسوأ تفشی لمرض الکولیرا ووصل عدد المصابین إلى اکثر من ملیون شخص ووصلت أیضا معدلات سوء التغذیة إلى أرقام قیاسیة مقارنة بالأعوام السابقة وفی نهایة هذه المقابلة الصحفیة شددت "ریلانیو" على أن الحلول السیاسیة السلمیة هی الکفیل الوحید لتجنب وقوع المزید من هذه الحوادث بین الأطفال الیمنیین خلال عام 2018.

یذکر أن أطفال الیمن وجهوا الکثیر من الرسائل للقادة السیاسیین فی الداخل والخارج وللمنظمات والمؤسسات الدولیة أیضا وطالبوا بوقف ذلک العدوان الغاشم الذی لم یفرق بین الأهداف العسکریة والمدینة واستباح کل الأراضی الیمنیة وعمل على تدمیر البنیة التحتیة لهذا البلد وتشرید الکثیر من المواطنین الابریاء وقتلهم بدون رحمة.