استعمال ذخائر الفسفور الأبیض علی ید الارهابیین فی العراق و السوریا یعرّض المدنیین...
استعمال ذخائر الفسفور الأبیض علی ید الارهابیین...
قالت منظمة العفو الدولیة فی تقریره إن استعمال الفسفور الأبیض فی محیط مدینة الموصل یمکن أن یشکل خطراً ممیتاً للمدنیین الفارین من القتال فی الأیام والأسابیع القادمة.
إذ تلقت المنظمة شهادات من شهود موثوقین وأدلة بالصور، على انفجار مقذوفات للفسفور الأبیض فی الهواء فوق المنطقة الواقعة شمال قریة کرملش، على بعد حوالی 20 کیلومتراً إلى الشمال من الموصل. والفسفور الأبیض مادة حارقة تشتعل بدرجات حرارة عالیة عند تعرضها للهواء.
"وهذا یعنی أن المدنیین الذین یفرون من القتال حول الموصل، أو الأهالی العائدین لمعرفة ما حدث لبیوتهم فی کرملش، سیکونون، فی الأیام أو الأسابیع المقبلة، عرضة لخطر الإصابة الشدیدة؛ رغم عدم وجود سوى علامات قلیلة بادیة للعیان على ذلک."
وتظهر صور التقطها مصور نیویورک تایمز ، فی 20 أکتوبر/تشرین الأول، ذخائر من الفسفور الأبیض وهی تنفجر فی الهواء بالقرب من کرملش. وکانت اشتباکات بین قوات تنظیم "الدولة الإسلامیة" وقوات الحکومة العراقیة دائرة آنذاک فی الحمدانیة (قرقوش)، على بعد بضعة کیلومترات إلى الجنوب من کرملش.
وتظهر الصور نمطاً من التشظی أشبه بما تخلفه المقذوفات من طراز M825A1- 155 مم، المصنوعة فی الولایات المتحدة، التی تقذف 116 من الأسافین المصنوعة من اللباد والمحشوة بالفسفور الأبیض، وتتناثر لتغطی مساحة قطرها ما بین 125 و250 متراً. وقد سبق لمنظمة العفو الدولیة أن قامت بتوثیق استعمالها من قبل إسرائیل فی غزة إبان "عملیة الرصاص المصبوب" فی 2008- 2009.
وتحرم اتفاقیة جنیف عام 1980 استخدام الفوسفور الأبیض ضد السکان المدنیین أو حتى ضد الأعداء فی المناطق التی یقطن بها مدنیون، وتعتبر استخدامه جریمة حرب.
وتعرّف الاتفاقیة الأسلحة الحارقة بأنها کل سلاح أو ذخیرة تشعل النار فی الأشیاء أو تحدث لهبا أو انبعاثا حراریا یسببان حروقا للأشخاص.
الفسفور
اکتشف الفسفور فی عام 1669 بواسطة الکیمیائی الألمانی هیننج براند.
وذلک أثناء تبخیره للبول فی حیز بعید عن الهواء وکان هدفه البحث عن( حجر الفلاسفة ) والمعلوم أن البول یحتوی على میتا فسفات الصودیوم وهذه تختزل بالکربون الى الفسفور . وقد تحدث براند الى کرافت ( Kraft ) عن تجربته وقد نقلها هذا الى العالم الإنجلیزی بویل الذی تمکن من تحضیره بتسخین البول مع الرمل , وکان شیل (Scheele ) أول من حضر الفسفور من فسفات الکالسیوم الطبیعی وتسمیة الفسفور ناتجة عن الاغریقیة ( Phos ) وتعنی الضوء (وPhoros) وتعنی Bearer أی ( حامل الضوء ) وذلک لانه یتوهج فی الظلام . جزیء الفسفور الأبیض یتکون من أربع ذرات فسفور:
الفسفور الأبیض عبارة عن مادة شمعیة شفافة وبیضاء ومائلة للاصفرار، وله رائحة تشبه رائحة الثوم، وهو یتفاعل مع الاکسجین بسرعة کبیرة منتجا نارا ودخان ابیض کثیف والذی بدوره یتفاعل مع الرطوبة مکوناً حمض الفوسفوریک، وفى حال تعرض منطقة ما بالتلوث بالفسفور الابیض یترسب فی التربة او قاع الانهار والبحار او حتى على اجسام الاسماک، وعند تعرض جسم الانسان للفسفور الابیض یحترق الجلد واللحم فلا یتبقى الا العظم.
یترسب الفوسفور الأبیض فی التربة أو فی أعماق الأنهار والبحار وعلى الکائنات البحریة مثل الأسماک، وهو ما یهدد سلامة البیئة والإنسان.
الفوسفور الأبیض یحرق جسم الإنسان ولا یبقی منه إلا العظام، کما أن استنشاقه لفترة قصیرة یسبب السعال ویهیج القصبة الهوائیة والرئة، أما استنشاقه لفترة طویلة فیسبب جروحا فی الفم ویکسر عظمة الفک.
وبالإضافة إلى کونه سلاحا محرقا، تنبعث من الفوسفور الأبیض أثناء اشتعاله سحابة کثیفة من الدخان تستغلها الجیوش للتغطیة على تحرکات الجنود.
تاریخ الاستعمال
استعمل هذا السلاح لأول مرة فی القرن 19 من قبل من کانوا یعرفون بالوطنیین الأیرلندیین، وکان على شکل محلول عندما یتبخر یشتعل ویخلف حریقا ودخانا، ثم استعمله بعد ذلک فی أسترالیا عمال موسمیون غاضبون.
فی نهایة عام 1916 صنعت بریطانیا أولى القنابل الفوسفوریة، وفی الحرب العالمیة الثانیة استخدمت القوات الأمیرکیة وقوات دول الکومنولث الفوسفور الأبیض بکثافة، کما استعمله الیابانیون بنسب أقل.
قبل الحرب العالمیة الثانیة کان مصنعو القنابل الحارقة یستعملون فیها المغنیزیوم لإشعال خلیطها، لکنهم أثناء الحرب وبعدها أصبحوا یستعملون فیها الفوسفور لسرعة اشتعاله وانفجاره بمجرد الاحتکاک مع الهواء.
کما استعمل الجیش الأمیرکی أیضا القنابل الفوسفوریة فی حرب فیتنام، وتحدثت تقاریر إعلامیة عن أن القوات الأمیرکیة استخدمتها کذلک فی هجومها على مدینة الفلوجة العراقیة فی نوفمبر/تشرین الثانی عام 2004.
وکشف عن هذه المعلومات شریط وثائقی عرضته قناة إیطالیة أورد صورا لضحایا معرکة الفلوجة وشهادات لجنود أمیرکیین تثبت استخدام القوات الأمیرکیة هذا السلاح الحارق.
وفی سنة 1991 واجه نظام الرئیس العراقی صدام حسین اتهامات باستخدام الفوسفور الأبیض ضد الأکراد، وکذلک اتهم الجیش الروسی باستخدامه ضد المقاتلین الشیشان فی منتصف التسعینیات من القرن الماضی.
وقد استعملت إسرائیل أیضا سلاح القنابل الفوسفوریة أثناء اجتیاحها لبنان سنة 1982 وفی حربها علیه فی یولیو/تموز 2006، وکذلک فی بعض حروبها مع المقاومة الفلسطینیة.
فیما یلی بعض الحقائق الرئیسیة عن الفوسفور الابیض:
التطبیقات العسکریة :
تستخدم ذخائر الفوسفور الابیض بشکل اساسی لصنع سواتر من الدخان او لتحدید اهداف کالیة للاشارة للمواقع لکنها ایضا اسلحة حارقة. وقالت هیومان رایتس ووتش ان اسرائیل تستخدم فیما یبدو هذا النوع من الذخائر لاخفاء عملیاتها العسکریة "وهو استخدام مسموح به من حیث المبدأ وفقا للقانون الانسانی الدولی". ولا یعتبر الفوسفور الابیض سلاحا کیماویا بموجب المعاهدات الدولیة. وهو مادة شبه شفافة تشبه الشمع وهی عدیمة اللون او ضاربة للصفرة تشبه رائحتها رائحة الثوم قلیلا. وتشتعل هذه المادة بسهولة فی الهواء عند حوالی 30 درجة مئویة وقد یکون من الصعب اطفاؤها.
الاتفاقیة الدولیة :
بدأ سریان معاهدة حظر استخدام اسلحة تقلیدیة معینة عام 1983. ویحظر البروتوکول الثالث من الاتفاقیة استخدام اسلحة حارقة ضد المدنیین. کما یحظر البروتوکول استخدامها ضد اهداف عسکریة داخل تجمعات سکانیة الا اذا کانت الاهداف منفصلة بوضوح عن المدنیین واذا جرى اتخاذ "جمیع الاحتیاطات الممکنة" لتجنب سقوط ضحایا مدنیین.
استخدمها الجیش الامریکی فی العراق :
أقر البنتاجون باستخدام ذخائر تحتوی على الفوسفور الابیض ضد من وصفهم بمقاتلین اعداء فی هجوم بقیادة مشاة البحریة الامریکیة فی مدینة الفلوجة العراقیة فی نوفمبر تشرین الثانی 2004 شمل قتالا ضاریا داخل مناطق حضریة. واطلقت قذائف تحتوی على الفوسفور الابیض على مسلحین فی خنادق او مواقع مغطاة اخرى لاخراجهم منها تحت تأثیر الدخان ثم ضربهم بعد ذلک بقذائف مدفعیة شدیدة الانفجار.
اثار الفیلم الوثائقى الذى عرضتة قناة ر.أ.ى الایطالیة بعنوان "الفلوجة المذبحة الخفیة" جدلا واسعا ، حیث تضمن الفیلم ادلة دامغة على استخدام القوات الأمریکیة الفسفور الابیض فی هجومها على الفلوجة.وجاء الفیلم مدعوما بصور للضحایا وشهادات للجنود الأمریکیین تثبت استخدام القوات الأمریکیة هذا السلاح الحارق. وعلى الرغم من ان القوات الأمریکیة قد صنفت الفسفور الابیض على انه سلاح کیماوى، وذلک ابان حرب الخلیج الاولى ، فضلا عن اتهامها نظام الرئیس صدام حسین باستخدامه ضد الاکراد ، الا انها استخدمته فی قصفها للفلوجة.
وکانت الولایات المتحدة من المشارکین فی اتفاقیة عام 1980 التى تحرم استخدام الفسفور الابیض کسلاح حارق ضد السکان المدنیین او حتى ضد الاعداء فی المناطق التى یقطن بها مدنیین.وبجانب استخدامه فی العملیات العسکریة فی الذخیرة واخفاء تحرکات الجیش والاهداف المهمة، یستخدم ایضا لانتاج الاحماض الفسفوریة وبعض الکیماویات الاخرى.وفى الماضى کانت تستخدم کمیة صغیرة من الفسفور الابیض فی المبیدات الحشریة والالعاب الناریة. وفى حال تعرض منطقة ما بالتلوث بالفسفور الابیض یترسب فی التربة او قاع الانهار والبحار او حتى على اجسام الاسماک. ونتیجة لذلک قد یتعرض الانسان للضرر نتیجة اکله اسماک مترسب علیها. کما یسبب اضرارا بالغة للکبد والقلب والکلى. وتعرض المدنیین فی الفلوجة لویلات هذا السلاح من خلال الهجوم الذى شنته الولایات المتحدة على المدینة فی نوفمبر من عام 2004 واحترقت اجساد الضحایا من الرجال والنساء والاطفال على السواء، ولم یبق منها الا العظم. وهو ما اعتبر دلیلاً على استخدام الولایات المتحدة لهذا السلاح المحرم دولیا.
واستمرت هذه الکارثة مرة اخرى حیث قامت فوات الاحتلال الإسرائیلی باستخدم الفسفور الابیض مرة اخرى ضد المدنیین فی قطاع غزة الفلسطینی بحربها بنهایة عام 2008 وبدایة عام 2009 حیث استخدم ضد منطقة سکانیة مدینة تعد أکثر المناطق کثافة سکانیة فی العالم .یستخدم الفسفور الابیض بکثرة فی ذخائر الدخان ویرمز له بالرمز WP ولتدمیر مثل هذا النوع من الذخائر یجب ان تکون حشوة التدمیر اسفل الذخیرة اذا کانت غیر مطلوقة حتى تتناثر مادة الفسفور الابیض فی الهواء لتحترق بشکل کامل والاکثر من ذلک فلیس هناک أی اتفاقیة تمنع استخدام الفسفور الأبیض ضد أهداف عسکریة ، فالمادة الثالثة من اتفاقیة جنیف والتی تتعلق بأسلحة تقلیدیة معینة تحظر استخدام الأسلحة الحارقة ضد الأهداف المدنیة کما تحد من استخدام تلک الأنواع ضد الأهداف العسکریة المتاخمة لمواقع ترکز المدنیین ، إلا ان ذلک ینطبق على القنابل التی تسقطها الطائرات ولیست تلک المقذوفة من المدافع کما حدث فی الفلوجة. وعلى أیة حال فإن الولایات المتحدة لم توقع على معاهدة تلزمها بهذه المادة. وهناک ادعاء آخر أثیر بأن الفسفور الأبیض یحرم استخدامه من الناحیة القانونیة وهو غاز سام ، وهناک من ذکر أن مواقع حکومیة امیرکیة تحتوی على وثائق تؤکد ان الفسفور الأبیض هو سلاح کیمیائی غیر أن هذه الادعاءات لم تثبت صحتها. ولأن خطورة الفسفور الأبیض هی فی اشتعاله بشدة عند تعرضه للهواء، فإنه یمکن التعامل معه بأمان من تحت الماء. والفسفور الأبیض قابل للذوبان فی الوقود والبنزین، أما ذوبانه فی الماء فهو محدود.
فی عام 2009 طالبت منظمة "هیومان رایتس ووتش" إسرائیل السبت، بوقف استخدام الفوسفور الأبیض فی العملیات العسکریة التی تقوم بها ضد مناطق مکتظة بالسکان فی قطاع غزة. وکان باحثون من المنظمة قد لاحظوا فی عام 2009 أن المدفعیة الإسرائیلیة تطلق قذائف متعددة فی الجو تحتوی على الفوسفور الأبیض فی سماء مدینة غزة وجبالیا...ویذکر أن الفوسوفر الأبیض له آثار کبیرة وعرضیة وحارقة، ویمکن أن تطال الأشخاص والمبانی والحقول وغیرها من الأهداف المدنیة، بحسب البیان الصادر عن المنظمة.
وقال مارک غارلاسکو، المحلل العسکری لدى المنظمة، إن "الفوسفور الأبیض یمکن أن یحرق البیوت، ویسبب حروقاً مروِّعة حینما یلامس جلد الإنسان."
وفی ذلک الوقت کان یعتقد المنظمة أن استخدام الفوسوفر الأبیض فی مناطق مأهولة بالسکان فی غزة ینتهک متطلبات القانون الدولی الإنسانی، الذی طالب بالأخذ باحتیاطات کافیة لتجنیب المدنیین الإصابات وفقدان الأرواح.
مصدر: https://www.amnesty.org/