الرشوة والبیروقراطیة: نظام الجنسیة الفوضوی فی میانمار

رمز المدونة : #1357
تاریخ النشر : یکشنبه, 23 آبان 1395 0:33
عدد الزياراة : 541
طبع الارسال الى الأصدقاء
سوف ترسل هذا الموضوع:
الرشوة والبیروقراطیة: نظام الجنسیة الفوضوی فی...
  • Reload التحديث
بزرگ یا کوچک بودن حروف اهمیت ندارد
الإرسال
عاش أونغ کیاو مین تون فی میانمار طوال سنوات عمره الـ24، لغته الأم هی البورمیة وولد والداه وأجداده جمیعاً هنا، لکنه لیس مواطناً رسمیاً فی هذه البلاد التی یعتبرها وطنه ولیس لدیه أی فکرة إذا کان سیصبح أحد مواطنیها فی أی وقت على الإطلاق.

وتکمن المشکلة فی أنه ینتمی إلى طائفة التامیل الهندوس، وهی عرقیة لا تتوافق جیداً مع قانون الجنسیة المعقد بشکل یثیر الارتباک فی میانمار، والذی تستند بموجبه الجنسیة إلى الانتماء إلى واحدة من 135 عرقیة تسمى "الأجناس الوطنیة"، التی من المفترض أن تکون قد عاشت داخل حدود البلاد قبل غزو البریطانیین لها فی عام 1823. ویستثنی هذا القانون، الذی سنته الدکتاتوریة العسکریة فی میانمار فی عام 1982، الآخرین من المواطنة الکاملة، لکنه یسمح لهم بالتقدم بطلبات للحصول على مستویین أدنى منها یوفران عدداً أقل من الحقوق.

وقد أدى ترکیز القانون الشدید على العرق إلى جعل جماعات حقوقیة تصفه بأنه تمییزی. کما یتم فرضه بشکل عشوائی وانتقائی، وتضیف طبقات متعددة من البیروقراطیة والفساد المستشری مزیداً من الارتباک. بالإضافة إلى ذلک، تم إصدار مجموعة متنوعة ومخصصة من وثائق الإقامة والجنسیة على مر السنین.

ویمکن أن یصبح الانتظار لسنوات طویلة هو النتیجة الحتمیة بالنسبة لأولئک الذین لا ینتمون بشکل واضح إلى قائمة الأجناس الوطنیة، بما فی ذلک ذوی العرقیات الصینیة والهندیة والنیبالیة، والکثیر من المسلمین، والأشخاص الذین ینتسب أحد آبائهم أو أجدادهم إلى إحدى الجنسیات الأجنبیة.

وفی هذا الشأن، یرى رونان لی، وهو مستشار سیاسی وطالب دکتوراه فی جامعة دیکین فی ملبورن ویدرس هذه القضیة، أن "الفوضى تعم عملیة منح الجنسیة، مثل الکثیر من الإجراءات البیروقراطیة فی میانمار، على الأقل منذ تولی الجیش السلطة فی عام 1962".

مواطنون من الدرجة الثانیة

وتجسد عائلة أونغ کیاو مین تون حالة الفوضى هذه.

یحمل والده بطاقة الجنسیة التی حصل علیها قبل صدور القانون فی عام 1982، فی حین دفع شقیقه رشوة تبلغ حوالی 300 دولار للحصول على نفس البطاقة فی مطلع الألفیة الثالثة. أما والدته وشقیقته الأکبر سناً، فلدیهما فقط تصریحا إقامة، ولم یتمکن هو أو شقیقته الصغرى من الحصول على أیة وثائق على الإطلاق. وعلى الرغم من أنهما مؤهلان من الناحیة الفنیة للحصول على وضع مواطن من الدرجة الثانیة "مواطنون منتسبون"، فقد أفاد أنهما أُرغما على التنقل من مکتب إلى آخر لسنوات دون جدوى.

وبحسب تقدیراته، فإن حوالی ثلثی أفراد طائفته فی یانغون یواجهون نفس المشاکل - ومعظمهم من أولئک الذین یمنعهم فقرهم الشدید من دفع رسوم غیر رسمیة کبیرة. وأضاف أنه من دون وثائق المواطنة، لا یستطیع هو وآخرون التنقل بحریة داخل البلاد، أو الحصول على جواز سفر، أو شراء العقارات.

"إذا حاول شخص ما طردنا، فإننا نضطر إلى الرحیل، لأننا لا نمتلک أیة وثائق. إنه أمر مخیف،" کما أشار.

وأضاف قائلاً: "لقد ولدت هنا وسوف أموت هنا، ولذلک ینبغی أن تکون لدی وثائق تثبت ذلک".


عدیمو الجنسیة فی جمیع أنحاء البلاد

وتجدر الإشارة إلى أن معظم الحدیث عن المواطنة فی میانمار یبدأ وینتهی بالروهینجا، وهم أقلیة مسلمة عدیمة الجنسیة تتألف من نحو ملیون شخص یعیشون فی ولایة راخین، التی تقع على الحدود الغربیة للبلاد مع بنجلادش.

والروهینجا لیسوا مدرجین فی قائمة الـ135 عرقیة وطنیة، وعدم قدرتهم على ترسیخ حقوق المواطنة الخاصة بهم تعنی أنهم عرضة لاضطهاد الحکومات العدائیة وکذلک بعض جیرانهم البوذیین المنتمین إلى عرقیة راخین والمدرجین فی قائمة الأعراق الوطنیة ویتمتعون بحقوق کاملة کمواطنین. فی المقابل، یعیش الروهینجا فی ظل نظام یشبه نظام الفصل العنصری الذی یقید قدرتهم على الحرکة بحثاً عن العمل أو لأسباب أخرى، ویحد بشدة من قدرتهم على الحصول على الرعایة الصحیة والتعلیم. وخلال نوبات العنف الطائفی، یشکل الروهینجا الغالبیة العظمى من الضحایا، ولا یزال ما یقرب من 120,000 شخص منهم یعیشون فی مخیمات بائسة بعد طردهم من دیارهم فی عام 2012.

الخوف یطارد ولایة راخین فی میانمار فی أعقاب هجمات دمویة

وقد تم الإعراب عن غضب دولی إزاء محنة الروهینجا، التی یبدو أنه من غیر المرجح أن تتحسن من دون إجراء مراجعة شاملة لقانون الجنسیة. لکن انعدام الجنسیة یعتبر مشکلة أکبر بکثیر فی میانمار، وهی مشکلة لم تبدأ الحکومة بعد فی التصدی لها.

وفی السیاق نفسه، قالت سیسیل فاردو، وهی کبیرة مسؤولی الحمایة فی مکتب مفوضیة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئین فی یانغون، الذی یتعامل مع قضایا المواطنة: "إن النظر إلى هذه القضیة من خلال عدسة راخین لا یقدم صورة کاملة. من الواضح أنها القضیة الأکثر وضوحاً، ولکن هناک مجموعات أخرى فی البلاد تواجه أیضاً صعوبات للحصول على وثائق مدنیة".

"ولعل المشکلة الأکبر هی أنه لم یتم إجراء مسح شامل لحالات انعدام الجنسیة فی البلاد، ونحن نفتقر إلى بیانات مفصلة وکاملة،" کما أضافت.

تغییر العرق

وقد أجرت مؤسسة سیغال (Seagull Foundation)، وهی إحدى منظمات حقوق الإنسان وبناء السلام دراسة استقصائیة فی الأونة الأخیرة حول 100 أقلیة دینیة أو عرقیة فی مدینة ماندالای فی شمال البلاد ووجدت أنهم جمیعاً تقریباً یواجهون مشاکل للحصول على بطاقة التسجیل الوطنیة. وأشار أفرادها إلى الانتظار لفترات طویلة وبشکل یبدو تعسفیاً، وذکر کثیرون منهم أنه قیل لهم أنه یتعین علیهم تغییر انتمائهم العرقی أو الدینی لکی یتوافقوا مع الفئة المنصوص علیها بغرض الحصول على تلک الوثیقة.



کما ذکر المشارکون فی الدراسة أنهم قد دفعوا رشاوى تصل إلى 500,000 کیات (حوالی 390 دولاراً)، وأن أطفالهم یُستبعدون بشکل منهجی من برامج إصدار بطاقات التسجیل الوطنیة فی المدارس. وقال الکثیر من الأشخاص، وخاصة المسلمون، أنهم قد أُجبروا على قبول وضع "متجنس" من الدرجة الثالثة من أجل الحصول على وثائقهم، وهذا یعنی أنهم لن یکونوا قادرین على شغل مناصب سیاسیة على الإطلاق، من بین قیود أخرى.

من جانبه، قال مینت کیانغ، السکرتیر الدائم فی وزارة الهجرة فی میانمار، أن الحکومة تحاول محاربة هذا الفساد عن طریق إجراء تفتیشات مفاجئة على مکاتب الهجرة المحلیة والتحقیق فوراً فی جمیع الشکاوى. ولکنه امتنع عن التعلیق على المشاکل الأوسع نطاقاً فی قانون الجنسیة.

لکن هاری میو لین، رئیس مؤسسة سیغال، یرى أن الإصلاح الأساسی ضروری، بالإضافة إلى جهود أکثر صرامة لمکافحة الفساد. وأضاف أنه "لا ینبغی إدراج العرق والدین فی بطاقات الهویة. یجب أن یشمل نظام الهجرة کل من المواطنین وغیر المواطنین".

عالقون

  وبالنظر إلى الاضطرابات فی راخین وغیرها من الولایات، فضلاً عن صعود القومیة البوذیة فی البلاد من جدید، فإنه لیس من المستغرب أن یتحمل المسلمون العبء الأکبر لهذا الفساد فی کثیر من الأحیان.

وفی هذا الصدد، قال لی، الأکادیمی فی جامعة دیکن، أنه حتى المسلمین المؤهلین للحصول على الجنسیة بموجب قانون عام 1982 واجهوا مشاکل عرقلت تأکید حقوقهم کمواطنین.

"یبدو أن القیود المفروضة على السفر فی ولایة راخین تُطبق على أساس الدین ولون البشرة، ولیس على أساس امتلاک الناس لوثائق صحیحة،" کما أضاف.


ومن بین الضحایا فوای فوی نیو، وهی امرأة من عرقیة کامان تبلغ من العمر 26 عاماً ظلت عالقة فی مخیم ثات کای بین فی سیتوی منذ اندلاع أعمال العنف فی عام 2012. وعلى الرغم من إدراج المسلمین من عرقیة کامان فی قائمة الأعراق الوطنیة، إلا أنهم مازالوا یعانون من هجمات وحرمان مماثل لذلک الذی یعانی منه الروهینجا. وقبل عام 2012، لم یکن یخطر ببال نیو أنها قد تحتاج إلى بطاقة المواطنة. وکانت تعتبر وضعها أمراً مفروغاً منه، وتسافر بحریة.

ولکن فی أعقاب أعمال العنف، عندما أُحرق منزلها، لجأت الى المخیم ووجدت نفسها غیر قادرة على مغادرته. ثم سعت إلى الحصول على وثائق، لکنها تقول أن ذلک استغرق عامین کاملین نظراً لتعقید هذه العملیة، والرشاوى التی اضطرت لدفعها، وصعوبة الانتقال من المخیم إلى مکتب الهجرة الحکومی فی وسط سیتوی، الذی یستغرق ساعتین ویتطلب رکوب عدة عربات ریکاشة وسیارات أجرة.

"عندما کنت أذهب إلى المکتب فی ذلک الوقت، کانوا یطلبون رشاوى. فی إحدى المرات طلبوا 20,000 أو 30,000 کیات، وإذا تغیر المسؤول، یتعین علیک أن تتفاوض من جدید. لقد أنفقت الکثیر من المال، وأنا أعیش فی مخیم للنازحین داخلیاً، ولذلک لیس من السهل الانتقال من هنا إلى هناک،" کما أوضحت.

وعلى الرغم من حصولها أخیراً على بطاقة هویة فی عام 2015، فإنها لا تستطیع مغادرة مخیم النازحین لأن زوجها، وهو أیضا من طائفة کامان، لا یزال ینتظر صدور بطاقته. وکانت نیو تدیر متجراً فی وسط مدینة سیتوی، لکنها الآن تقبل الخیاطة بالقطعة لجیرانها مقابل کمیات صغیرة من الأرز. ولا تزال تنتظر.

ما قیمة الاسم؟

أما بالنسبة للروهینجا، الذین من الواضح أنهم المجموعة الأکثر تضرراً من قانون عام 1982، فقد تعثرت الجهود الرامیة إلى تطبیع وضعهم. ولا یرجع ذلک فقط إلى العداء الذی یکنه لهم البوذیون القومیون، ولکن إلى عدم ثقة الروهینجا فی الحکومة وتضامنهم العرقی المتزاید، الذی یتغذى على سنوات من السیاسات التمییزیة.


والجدیر بالذکر أن کثیراً من الناس فی میانمار یعتبرون الروهینجا متطفلین من بنجلادیش، على الرغم من أن بعضهم ینحدرون من أجداد عاشوا فی المنطقة منذ قرون. وقد عاشت عائلات أخرى من طائفة الروهینجا فی ما أصبح الآن ولایة راخین منذ عدة أجیال، بعد أن هاجروا عبر المنطقة قبل وبعد قیام البریطانیین برسم الحدود بشکل تعسفی، عقب احتلال جزء من ما کان یعرف آنذاک باسم بورما فی عام 1824.

وقد فشل برنامج تجریبی للتحقق من الجنسیة دشنته الحکومة السابقة المدعومة من الجیش فی عام 2014 بسبب إجبار الروهینجا على وصف انتمائهم العرقی بأنه "بنغالی"، ما یعنی أنهم کانوا مهاجرین من بنجلادیش. وفی وقت سابق من هذا العام، حاوت الحکومة المنتخبة حدیثاً بقیادة حزب الرابطة الوطنیة من أجل الدیمقراطیة، الذی تتزعمه أون سان سو تشی الحائزة على جائزة نوبل، تجنب هذه المسألة من خلال السماح للروهینجا بالتسجیل دون إدراج أی عرق أو دین. ولکن ثبت أن هذا الخیار أیضاً لا یحظى بشعبیة.

 هل یصبح روهینجا میانمار مواطنین فی بلدهم؟

وأوضح شوم شول ألوم، وهو رجل من طائفة الروهینجا ویعیش فی مخیم ماو ثی نیار للنازحین، أن العرقیة مهمة جداً للنسیج الاجتماعی والسیاسی فی میانمار، ولذلک فإنه سیرفض قبول أی وثیقة هویة لا تحدد أنه مسلم ینتمی إلى عرقیة الروهینجا.

وأضاف وهو یشیر إلى هاتفه المحمول: "إذا لم تضع بطاقة تحدید هویة المشترک (SIM) داخل الهاتف، فإن الهاتف لن یعمل ولن یمکنک الاتصال بأی شخص. وإذا حاولت توزیع بطاقات هویة دون تحدید العرق أو الدین، فإن ذلک لن ینجح، ولن نقبله".

 

 

مصدر:جولیا والاس
صحفیة مستقلة تغطی جنوب شرق آسیا

“ الرشوة والبیروقراطیة: نظام الجنسیة الفوضوی فی میانمار ”
الكلمات المفتاحية حقوق الانسان میانمار

التعليقات

bolditalicunderlinelinkunlinkparagraphhr
  • Reload التحديث
بزرگ یا کوچک بودن حروف اهمیت ندارد
الإرسال