محو تاریخ العوامیة
محو تاریخ العوامیة
وقالت الصحیفة، فی تقریرها الذی ترجمته "عربی21"، إن سکان منطقة العوامیة یشهدون الیوم اندثارا تدریجیا لتاریخ منطقتهم؛ بسبب الممارسات العسکریة التی تفرضها عائلة آل سعود. فی الواقع، تعدّ هذه المنطقة ذات أهمیة تاریخیة وإستراتیجیة کبیرة بالنسبة للمملکة. ویعود الفضل فی ذلک إلى موقعها الجغرافی، وتاریخها الدینی والثقافی، الذی من شأنه أن یجعلها هدفا واضحا لعائلة آل سعود، شأنها شأن العاصمة الیمنیة صنعاء.
وأفادت الصحیفة بأن منطقة العوامیة، الواقعة فی محافظة القطیف على مقربة من الساحل الشرقی للبلاد، تعیش على وقع "غضب” عائلة آل سعود، منذ أوائل سنة 2017. فمنذ عدة أشهر، أمرت الریاض بفرض الحصار على کافة أراضی المنطقة، التی تتضمن العدید من المواقع الأثریة التی تشهد على دینامیکیتها التاریخیة، فضلا عن هدم المنازل والمساجد فی مرکزها التاریخی "المصارة”.
وتجدر الإشارة إلى أن المرکز التاریخی، المصارة، لا یعدّ فقط من أهم المعالم التاریخیة التی تتمیز بها المحافظة، بل ینم أیضا عن مجموعة کبیرة من الأدلة التاریخیة التی تثبت عراقة العوامیة وأهمیتها. أما الیوم، فیبدو أن هذه المدینة دمرت بالکامل بسبب التفجیرات.
وفی هذا الصدد، أفاد مصدر رسمی تابع للقوات الخاصة السعودیة بأن التفجیرات أجبرت ما یربو على 20 ألف ساکن على ترک منازلهم.
وبینت الصحیفة أن الریاض تسعى إلى تدمیر معالم مدینة العوامیة؛ قصد إعادة إعمارها بالمساکن الحدیثة، وبعلّة العمل على توفیر وسائل الراحة المتطورة لفائدة سکانها، وذلک وفقا لما نصت علیه الوثائق الرسمیة. ولتحقیق مبتغاها، أوکلت الریاض مهمة إعادة تهیئة المصارة إلى الشرکات الخاصة، التی ستقوم بدورها بتشیید منازل جدیدة ومرکز تسوق، على الرغم من رفض السکان ومقاومتهم.
وأضافت الصحیفة أن السلطات المرکزیة السعودیة شرعت فی تنفیذ مخططها بطریقة غیر مباشرة وغیر مشکوک فیها، تمثلت فی تعیین موظفین فی تلک المنطقة؛ لبدء أشغال إمدادات المیاه والکهرباء، قبل إرسال الفرق الأمنیة وانطلاق عملیات الهدم.
وعلى خلفیة هذه الأشغال، اضطر العدید من السکان إلى مغادرة منازلهم والتوجه إلى أماکن أخرى. ومع ذلک، شهدت السلطات السعودیة مقاومة من بعض السکان، الذین رفضوا ترک منازلهم لاستکمال الأشغال؛ وهو ما دعا الریاض إلى فرض الحصار، والإقدام على خطوة الترحیل القسری، التی لا تزال جاریة.
وذکرت الصحیفة أن وراء هذه الوثائق الرسمیة والادعاءات الزائفة تقبع رغبة دفینة فی ضرب الأقلیة الشیعیة الموجودة هناک. فی الحقیقة، لا تقل عملیات الهدم -التی نفذتها الریاض لمعالم یعود تاریخها إلى خمسة قرون- وحشیة عن العملیات التدمیریة التی نفذتها التنظیمات الإرهابیة فی کل من تدمر وأفغانستان.
وبالتالی، تسببت جمیع عملیات الهدم والتدمیر فی محو رمزیة تلک المعالم، وتجرید سکان تلک المناطق من تاریخهم. ولکن، فی حین کان دافع الریاض "الحداثة”، اتخذت التنظیمات من الذرائع الدینیة وسیلة لتبریر جرائمها.
وذکرت الصحیفة أن الریاض تدّعی أن ما تفعله فی منطقة العوامیة باسم "الحداثة”، لکنها فی الحقیقة ترغب فی ضرب الأقلیة الشیعیة الموجودة هناک منذ عدة قرون، علما بأن محافظة القطیف، خاصة العوامیة والمصارة، کانت أول من رحب بالطائفة الشیعیة.
وأضافت الصحیفة أن الریاض تعتزم محو کل ما من شأنه أن یرمز إلى الطائفة الشیعیة الموجودة فی محافظة القطیف، سواء من الناحیة التاریخیة أو الثقافیة، وهذا یوضح مشروعها التدمیری الذی ستجسده العملیات العسکریة.
وذکرت الصحیفة أن محافظة القطیف تعدّ بمثابة المرض الخبیث الذی یجب على عائلة آل سعود استئصاله؛ فقد أصبحت محافظة القطیف تثیر القلق فی المملکة منذ تولی آل سعود مقالید الحکم.
وأضافت الصحیفة أن الاحتجاجات الأولى، التی نفذها شیعة القطیف سنة 1980، دفعت الریاض إلى إعادة النظر فی سیاسة التمییز والمقاطعة التی بدأتها. واتخذت هذا الإجراء لأنها وجدت أنه من غیر الصائب أن تقاطع إحدى أغنى المناطق بالنفط، الذی یشکل العمود الفقری لاقتصادها وسیاستها. وأفضت هذه الاحتجاجات إلى اعتراف الریاض بالأقلیة الشیعیة، وإبرام اتفاق سنة 1993، الذی یتضمن وعودا بتخصیص إصلاحات لهذه المنطقة.
وأوردت الصحیفة أن الثورات العربیة، وما تبعها من توتر فی الشرق الأوسط، کانت السبب الرئیسی لتغیر سیاسة الریاض تجاه هذه المحافظة. فخلال هذه السنوات، ساهم التوتر بین إیران والسعودیة فی تعزیز قرار آل سعود بقطع العلاقات مع شعب القطیف، وإعدام الزعیم الشیعی نمر النمر وبعض القادة الآخرین.
وفی الختام، نوهت الصحیفة بأن مخاوف الریاض ساهمت فی تدمیر تاریخ هذه المنطقة، علما بأن هذا السیناریو لا یختلف کثیرا عن ذلک الذی تعیشه صنعاء، حیث قصفت الطائرات السعودیة أجمل مبانیها، ومحت تاریخها.
الصحیفة: لی أوکی دیلا غویرا