تحدی أطفال العمل والشوارع
تحدی أطفال العمل والشوارع
مساعی المنظمات الحکومیة لمکافحة عمالة الأطفال
وفقاً لقوانین الجمهوریة الإسلامیة فی إیران فإن من المحظور استعمال الأطفال فی أکثر من أربعین عمل ضار، والحظر المطلق لاستعمال الأطفال فی الأعمال المخلة لکرامة الإنسان أو استغلالهم بالإضافة لفرض عقوبات شدیدة ودفع تعویضات.
وقد أقر مجلس الوزراء فی عام 2005 اللائحة التنفیذیة لتنظیم أطفال الشوارع ووضعت مجموعة عمل لائحة تنفیذیة جدیدة فی السنوات الأخیرة تحت عنوان اللائحة التنفیذیة "الدعم الإجتماعی لأطفال الشوارع وعمالتهم" التی زادت من الاعتراضات التی واجهتها اللائحة التنفیذیة السابقة، ولکن لم یتم إقرار هذه اللائحة إلى یومنا هذا، وعلى الرغم من جمیع الاعتراضات والخلأ الذی یمکنه نسبه إلى اللائحة التنفیذیة لتنظیم أطفال الشوارع إلا أنه لم یتم تنفیذ مفادها بالشکل الصحیح أیضاً.
اللائحة التنفیذیة التی أقرت عام 2005 والتی تعتبر الوثیقة الوحیدة التی تعنی بتحسین حیاة أطفال العمالة فی الشوارع، وبناء على هذه اللائحة تنظم مجموعة من النشاطات التی تبدأ بتحدید واستیعاب أطفال الشوارع وتستمر إلى الوصول بالأطفال إلى بر الأمان.
وتم الإشارة فی اللائحة التنفیذیة إلى طریقة تحدید الأطفال الصحیح والمنظم عن طریق الأخصائیین الإجتماعیین وبعد التحدید یجب أن یتم الاستیعاب بشکل یؤدی بناء الثقة من خلال تواصل دائم مع الأطفال بحیث یتم استقبال الأطفال بهذه الطریقة ولیس من خلال اعتقالهم دفعة واحدة من الشوارع بطریقة تؤدی إلى اضطراب الطفل وتعرضه لأضرار نفسیة لا یمکن إصلاحها.
وبعد ذلک یتم أیضاً الاعتناء بالأطفال فی مراکز تم تشییدها وفقاً للائحة التنفیذیة للإقامة القصیرة والمتوسطة وبعیدة المدى. یمکن أن تکون الإقامة القصیرة على شکل حجر صحی حتى یتم هناک تحدید وضع الأطفال ووضع عائلاتهم خلال مدة قصیرة.
ووفقاً للائحة التنفیذیة یتوجب على العدید من الأجهزة أن تعمل على تقویة وتحسین وضع معیشة هؤلاء الأطفال وعائلاتهم.
على سبیل المثال یتوجب على وزارة الصحة تأمین الاحتیاجات الطبیة وعلى وزارة العمل تأمین تسهیلات عمل لعائلات هؤلاء الأطفال. وتکون مهمة الإشراف على تنفیذ اللائحة التنفیذیة على عاتق المجلس الأعلى للرفاه والتأمین الاجتماعی حیث تقدم التقاریر بخصوص حسن تنفیذ اللائحة التنفیذیة إلى هذا المجلس ولکن غالباً ما نواجه تقصیراً فی هذا المجال.
وفی السنوات الأخیرة تم تشکیل منظمة رسمیة تکونت من ممثلی 16 وزارة ومنظمة حکومیة وممثلی منظمات غیر حکومیة وممثلین من السلطة القضائیة ومراقبین من مجلس الشورى الإسلامی والحوزة العلمیة وممثلین من نقابة المحامین لتهتم بجمیع أبعاد حقوق الطفل.
اعتراضات المنظمات المدنیة
إن نشاط المنظمات الشعبیة فی مجال حقوق الطفل فی إیران أدى إلى استفادة الحکومة والمؤسسات التنفیذیة والقضائیة من الأجواء الفکریة والبحثیة لهذه المنظمات فی تنفیذ المشاریع الاجتماعیة، وهکذا یمکن لهذه المنظمات أن ترصد بشکل جید التغیرات المتعلقة بحقوق الطفل وتستطیع أن تعرض هذه التحدیات على الدولة والمؤسسات التنفیذیة بالنسبة لأداء حقوق الطفل.
وانتقدت الکثیر من المنظمات غیر الحکومیة الفاعلة فی مجال حقوق الطفل بعض أبعاد خطة "جمع أطفال الشوارع" منذ بدایة تبلورها.
ووفقاً لرأی الکثیر من الناشطین المدنیین فإنه یستحیل إزالة الأطفال من الشوارع بدون مساعٍ لتغییر علاقات الأطفال الاجتماعیة والاقتصادیة.
ویمکن تلخیص انتقادات الناشطین المدنیین المعترضین على "خطة جمع الأطفال" بأربعة محاور:
ألف- عدم وجود تنسیق بین الأجهزة المسؤولة عن عملیة جمع الأطفال
ب- دخول الأطفال السوق السوداء وغیر الرسمیة للعمل من أجل کسب المال
ج- الحرمان من الحضانة
د- أطفال الشوارع المتنقلین
ألف- عدم وجود تنسیق بین الأجهزة المسؤولة عن عملیة جمع الأطفال
تعارض "مطهرة ناظری" کالعدید من المنظمات المدنیة المختصة بشؤون الأطفال خطط جمع أطفال الشوارع المتسرعة، وتقول المحامیة ورئیسة مجلس إدارة "جمعیة حمایة أطفال الشوارع": وفقاً للائحة التنفیذیة الخاصة بتنظیم أطفال الشوارع فإن المسؤول الأساسی للتنظیم هو الرعایة الاجتماعیة بینما وجدنا طوال المدة التی تابعنا فیها نهج تنفیذ هذه الخطة واعتراضاتنا علیها بأن تنفیذ الخطة یتم وفقاً لتعلیمات المجلس الاجتماعی فی المحافظة وقیادة المحافظة على رأس متخذی القرارات.
وتتابع: دخل مسؤولو الخطة مرحلة التنفیذ رافعین شعار استیعاب أطفال الشوارع وعمالة الأطفال. بعد جمعهم یتم الاحتفاظ بالأطفال لمدة قد تطول أحیاناً فی مراکز إقامة مخصصة أساساً للإقامة القصیرة المدى، وبعد فترة وبدون تطبیق أی عمل خاص بخصوص الأطفال یتم إطلاق سراحهم، وبدلاً من أن تکون نتیجة الخطة تنظیم حیاة الأطفال وعائلاتهم فإنها تصیبها بنوع من الاضطراب.
ب- إزالة عمالة الأطفال وانضمامهم لجیش "الاقتصاد الأسود"
وفقاً لتقریر إیسنا یقول الناشطون فی حقوق الطفل بأن أطفال العمل یترکون الشوارع بمجرد سماع بعض أجراس هکذا خطط خوفاً من الاعتقال، ولکن إلى من یلجأون؟ إن أغلبهم معیلین لأسرهم ویضطرون لتأمین نفقات الحیاة إلى العمل فی ظروف أخرى. یقول ناشطو حقوق الطفل الذین یدرسون منذ سنوات أوضاع هؤلاء الأطفال: إن وجهة أغلب هؤلاء الأطفال سوق العمل غیر الرسمی وورش العمل تحت الأرض.
ج- الحرمان من الحضانة مسألة مختلف علیها
یسعى مسؤولو هذه الخطة لطرح مسألة حرمان الوالدین لهؤلاء الأطفال من حق الحضانة. واعتماداً على هذا الأمر ففی حالة تحدید أحد الأطفال ثلاث مرات ضمن برنامج جمع الأطفال فسیتم سلب حق الحضانة من والدیه. وأدت هذه المسألة إلى وجود مؤیدین ومعارضة جدیة للبرنامج. لم تطرح هذه المسألة فی اللائحة التنفیذیة لتنظیم أطفال الشوارع ولا تمنح قوانین الجمهوریة الإسلامیة فی إیران صلاحیات کهذه للمنظمات الحکومیة الراعیة للطفل. لکن هذه الحالة قد تشیر إلى عدم صلاحیة الوالدین لحضانة الأطفال ویمکن من خلال هذا الأمر طرح مسألة حرمانهم من حق الحضانة. ومع هذا یعتقد بعض الحقوقیین أن هذا السبب غیر کاف بحد ذاته لإصدار حکم الحرمان من الحضانة ویجب توافر أسباب أقوى لهذا الأمر، ذلک لأن أغلب هؤلاء الأطفال لدیهم عائلات تعیش فی ظروف معیشیة صعبة ولا تعد هذه المسألة سبباً ملائماً لحرمان الوالدین من حق حضانتهم.
د- أطفال الشوارع المتنقلین
إن من بین أطفال العمل الکثیر من الأطفال المهاجرین الأفغانیین. یعانی أطفال العمل على اختلاف أعراقهم وأجناسهم من مشکلات مشترکة. وبما أن إیران قد انضمت لمعاهدة حقوق الطفل وتتضمن قوانینها الداخلیة أحکامها، وأن المادة 22 من المعاهدة تقول بوجوب تقدیم الدعم لأطفال اللاجئین على جمیع الأصعدة، فإیران ملزمة على رعایة قوانین الدعم والحمایة بالنسبة لجمیع الأطفال سواء الأطفال الإیرانیین وغیر الإیرانیین.
إن إعتراض الناشطین بالنسبة لمسألة خطة جمع أطفال الشوارع المهاجرین یتعلق بعدم وجود تقییمات دقیقة وخطط تقوم بشکل متزامن بالإلمام بجمیع جوانب معضلة الأطفال المهاجرین.
ویشترک فی إیران أطفال العمل الأفغانیین مع شرکاء عملهم من الأطفال الإیرانیین فی مسائل عدة یمکن تصنیفها فی أربعة محاور:
مشکلات إقتصادیة: فقر وانخفاض دخل الأسرة والعطالة عن العمل و... التی تعتبر العامل الرئیسی لتوجه الأطفال للعمل.
مشکلات ثقافیة: عدم الوعی والأمیة والعنف تجاه الأطفال واستغلال الأطفال بکافة الأشکال و...
مشکلات اجتماعیة: الإدمان والهجرة وآثارها و التمییز بکافة أشکاله و...
مشکلات عائلیة: عدم وجود المعیل ووجود معیل سیء والعوائل المفککة وعدد الأطفال الکبیر و...
بالنسبة لعمل الأطفال -کبقیة المسائل والمشکلات الاجتماعیة- لا یوجد عامل مؤثر لوحده بل هناک مجموعة من العوامل المؤثرة. إذا طرح العامل الاقتصادی کسبب رئیسی فإن بقیة العوامل أیضاً تلعب دوراً أساسیاً کأرضیة لإعادة إنتاج عمالة الاطفال. تم إعداد بحث فی عام 2006 حول وضع أطفال العمل والشوارع فی طهران تمت فیه دراسة هذه العوامل بالنسبة للأطفال الإیرانیین والأفغانیین. تشیر نتائج هذا البحث أنه هناک اختلاف بین أطفال العمل الإیرانیین والأفغانیین بالنسبة لدور العوامل الأربعة إلا أنه لا یوجد اختلاف مهم فی العوامل الاقتصادیة والاجتماعیة بینما هناک فروقات فی العوامل الثقافیة والعائلیة. فالأطفال الأفغانیین بالنسبة للوضع الثقافی والعائلی یعانون من ظروف أکثر سوءاً من الأطفال الإیرانیین وتعود هذه الاختلافات إلى الوضع الخاص للأطفال الأفغانیین وخاصة الأطفال الذین لیس لدیهم رخصة قانونیة للإقامة فی إیران.
الحل المقدم من قبل بعض المنظمات غیر الحکومیة
على الرغم من وجود منظمات عدیدة متوازیة مختصة بشؤون الطفل إلا أن مسألة أطفال العمل بقیت بدون حل إلى الآن. ومن جهة أخرى تبرز الأهمیة الکبیرة لإجراءات مثل النظرة المطولة وبعیدة المدى وإقرار الخطط المدعومة تنفیذیاً. من الناحیة التنفیذیة هناک حاجة کبیرة للتعاون بین المؤسسات المسؤولة فی وزارة الداخلیة والسلطة القضائیة ومؤسسة الرعایة الاجتماعیة وبقیة مؤسسات المحافظة.
من جهة أخرى لا ترى المنظمات المدنیة وغیر الحکومیة المختلفة أن حل هذه المسألة یکمن فی المشاریع المؤقتة. تحتاج هذه المسألة للتخطیط الفعال والاستفادة من الخبرات المتراکمة للمنظمات المدنیة والحکومیة. فی مجال الطفل هناک فی کل محافظة وسطیاً من 10 إلى 15 منظمة مدنیة ومؤسسة غیر حکومیة وخیریة تهتم بالأطفال وهناک الکثیر منها أیضاً تنشط على مستوى البلاد باسم المؤسسات الخیریة فی مجال الطفل.
یعتبر رئیس لجنة حقوق الطفل فی وزارة العدل بأن الحل یکمن فی تنمیة المنظمات غیر الحکومیة إلى أکبر حد ممکن. ویؤمن بأن "تنمیة المنظمات غیر الحکومیة فی مجال حقوق الطفل یجب أن تواکبها المشارکة الشعبیة فلا یمکن للحکومة باعتبارها جهاز حکومی دخول هذا المجال. ویکمن حل الدولة فی هذا المجال بتقویة ودعم المنظمات غیر الحکومیة الناشطة فی هذا المجال وخاصة فی الاستفادة من الخبرات العلمیة والتخصصیة لهذه التشکیلات.
مصادر:
http://yon.ir/gRwnm
http://journals.police.ir/backend/uploads/baffc28b3995715e63fcae34f64567f7814f38e1.pdf
http://yon.ir/gkCQQ
http://yon.ir/aRyTw
http://yon.ir/60H78