الحقوق البیئیة و تنمیة محبة البیئة لدی الاطفال
الحقوق البیئیة و تنمیة محبة البیئة لدی الاطفال
یجب أن یتزامن بلورة حبّ البیئة والحرص علیها مع الارتقاء بمستوی الوعی فی المجتمع و بخلافه لایجدی الوعی نفعا بمفرده و بدون تنمیة محبة البیئة والحرص علیها. لقد اثیر هذا الموضوع خلال الملتقی التخصصی بعنوان " الوازع الاخلاقی والطبیعة" حول دور الوازع الاخلاقی فی حمایة البیئة و تمّ التأکید علی أهمیة و حیویة الوازع الاخلاقی فی معرفة البیئة التی تبرز الحاجة الیه خلال التعامل والتواصل مع الکائنات الحیّة فالاخلاقیّات کونها وسیله و آلیه للتواصل بین الفرد و بیئته تقوم علی نظام معیّن یسیر بأتجاه التکامل. یجب أن تتغیر القیم الاخلاقیّة ایضا عند تغیر الظروف الخارجیّة وبعدم الاخذ بهذه الامور لایمکن الافادة الامثل من الوازع الاخلاقی جیدا. اما المبحث الآخر فهو الوازع الاخلاقی المتجذّر فی سیاقات الاشراف والسیطة الخارجیة وبعبارة أخری فی البعد الخارجی، تتولّی الشرطة والقانون عملیّة تنظیم شئون المجتمع و بمرور الزمان تتجذّر هذه النظم فی نفسیّة الانسان و یؤدّی تأصّل هذه الحالة لدی الانسان الی الالتزام بها أخلاقیا و بدون الحاجة الی وجود الشرطة او سلطة القانون. ولکن هذه المعادلة لن تصحّ الّا فی ظل وجود نظام خارجی. و أذا أصیب هذا النظام بالوهن والضعف لن یقدر الوازع الاخلاقی علی الاستمرار فی دوره البنّاء فی هذا المجال. فالاخلاقیّات تأتی متأخّره و ترحل بسرعه و عند غیاب عامل الاشراف الخارجی لن تترسخ الاخلاقیات فی المحتمع. و لهذا السبب لا تجدی المواعظ الاخلاقیة نفعا فی عالمنا المعاصر .
لا یمکن للوازع الاخلاقی لوحده أن یتحمّل عبء تنظیم شئون المجتمع لذلک تجب الاستعانة بأنظمة الهندسة الاجتماعیّة و التقنیّات و الاسالیب العلمیّة. یجب تحفیز عامل حبّ الآخرین و حبّ الطبیعة والحرص علیها لتحقیق الاهداف المنشودة فی هذا الصدد بالاضافة الی الاجراءات العلمیّة المعمول بها ولکن ذلک لا یتحقق فی مراحل متقدمه من عمر الاشخاص لأن الصغار أکثر استعدادا لترسیخ حبّ الطبیعة والحرص علیها فی أذهانهم حسب ما اثبتته التجارب العلمیّة.
اذا کانت صلة الطفل بأترابه الآخرین و بالطبیعة و ببیئته حسنه و طبیعیّه، ستنمو و تترسّخ فیه محبة الطبیعة و الحرص علیها و کذلک محبة اترابه. و یمکن لهذه الصلة و العلاقة المترسّخة فی الانسان منذ الطفولة أن تجعل منه انسانا ملتزما بحمایة الطبیعة و حبّها و أذا أضفنا الیه عنصر التوعیة سیبح انسانا یلیق بالعیش علی الارض. یری بعض الاساتذة الجامعیین فی ایران و منهم الاستاذ وهّاب زاده استاذ البیئة فی جامعة طهران ضرورة تأسیس مدارس تهتم بشئون الطبیعة فی ایران لأنّه فی الظروف الراهنة لا توجد أحواش کبیره فی البیوت و لیست الحارات کالماضی و یقضی الاطفال طفولتهم بین اربعة جدران و و ستلعب هذه المدارس دورا ایجابیا فی هذا المجال و ستسدّ النقص الناجم عن قلّة المساحات المفتوحة بالمدارس الحالیة. و یری السید وهاب زاده بأنّ الاطفال یمضون فی الوقت اراهن اوقاتهم بین اربعة جدران فی شقق او فی الصفوف الدراسیّة و لا تتعدی علاقتهم و صلتهم بالاطفال الآخرین کونهم منافسین لهم او زملائهم فی الدراسة و الطفل الذی لایری فی الاطفال الآخرین سوی منافسین و لم یسبق له التعامل مع حیوان أو نبات، لن یتمکّن من من بناء علاقه صحیحه مع اترابه و لا یحبّ الطبیعة و البیئة و لن یدافع عنها او یحافظ علیها.
وفی الواقع یعتبر حصر و سجن الاطفال بین جدران مختلف الصفوف الدراسیّة او المساحات المغلقة علاقه خاسره للجانبین أی سنخسر الطبیعة و سنربّی جیلا منقوصا و أذا لم نعتن بأولادنا فی صغرهم ستذهب جهودنا لتحفیز الوازع الاخلاقی فی أنفسهم هباءا منثورا و لن تؤدّی جهودنا مهما بلغت الی التنمیة المطلوبة.
لذا یجب العمل علی تخلیص اطفالنا من سجن الصفوف الدراسیّة غیر الملائمة و أتاحة فرصة اللعب مع الاطفال الآخرین لهم فی بیئه طبیعیه لأنّه من خلال اللعب و المرح مع الاطفال الآخرین ینمو لدیهم حبّ الاخرین و حبّ الارض والبلاد و الطبیعة و عندها یمکننا تعلیمهم مبادئ المحافظة علی البیئة و الطبیعة والالتزام بها فی مراحل عمریه اعلی وعلیه یمکن التأکید علی أنّ دور التربیة والتعلیم والتوعیة یلی دور ترسیخ الوازع الاخلاقی و تنمیة المحبّة للطبیعة و البیئة من حیث الاهمیّة و بخلافه لن یکون للتربیة والتعلیم والتوعیة التأثیر الایجابی المطلوب.