الاحتجاز التعسفی یطال الآلاف فی السعودیة
الاحتجاز التعسفی یطال الآلاف فی السعودیة
حللت هیومن رایتس ووتش معلومات من قاعدة بیانات عامة لوزارة الداخلیة على الإنترنت، کشفت أن السلطات احتجزت 2,305 أشخاص یخضعون للتحقیق لأکثر من 6 أشهر دون أن یمثلوا أمام قاضٍ. ویبدو أن عدد المحتجزین لفترات طویلة للغایة ازداد بشکل کبیر فی السنوات الأخیرة. کشف تحلیل مماثل قامت به هیومن رایتس ووتش فی مایو/أیار 2014 أن 293 شخصا فقط قد تم احتجازهم لغرض التحقیق فی تلک الفترة.
قالت سارة لیا ویتسن، مدیرة قسم الشرق الأوسط فی هیومن رایتس ووتش: "إذا کانت السلطات السعودیة تستطیع احتجاز معتقل لعدة أشهر دون أی اتهام، فمن الواضح أن النظام الجنائی السعودی ما زال معطلا وجائرا، ویبدو أن الأمر یزداد سوءا. یبدو أن شعار "رؤیة السعودیة 2030"، الذی رفعه محمد بن سلمان، ینطبق أکثر على مدة الاعتقال بدون تهم مما یصف العام الذی سیتحقق فیه برنامجه الإصلاحی".
یواجه استخدام السعودیة الاحتجاز التعسفی تدقیقا متزایدا منذ الاعتقالات الجماعیة التی طالت 381 شخصا بمزاعم الفساد فی 4 نوفمبر/تشرین الثانی 2017. أثارت تلک الاعتقالات قلقا بشأن حقوق الإنسان، وبدا أنها تمت خارج أی إطار قانونی معروف، حیث أُجبر المحتجزون على التخلی عن أصولهم المالیة والتجاریة مقابل حریتهم.
ینص نظام الإجراءات السعودی على جواز احتجاز الشخص دون تهمة لمدة أقصاها 5 أیام، قابلة للتجدید حتى 6 أشهر بأمر من "هیئة التحقیق والادعاء العام" (التی أصبحت "النیابة العامة" الآن). وبعد 6 أشهر، ینص القانون على أنه "یتعین مباشرة إحالته إلى المحکمة المختصة أو الإفراج عنه".
أنشات وزارة الداخلیة أوائل عام 2013 قاعدة بیانات الکترونیة باسم "نافذة تواصل"، لا تذکر أسماء المحتجزین، لکنها تذکرالأحرف الأولى من أسمائهم، جنسیاتهم، نوع وثیقة هویتهم، الأرقام الخمسة الأخیرة من أرقام جوازات سفرهم الأجنبیة أو أرقام هویاتهم السعودیة، تاریخ توقیفهم، وأوضاع قضایاهم.
فی وقت لاحق من ذلک العام، أرسلت السفارة السعودیة فی لندن رسالة إلى هیومن رایتس ووتش قالت فیها "إن حکومة السعودیة برهنت بإنشائها هذا الموقع الإلکترونی على نیتها التحلی بالشفافیة فی معاملة المحتجزین. وهذه المعاملة تتفق مع الأحکام والقوانین، وتضمن العدالة والإنصاف للجمیع".
تضمنت قاعدة البیانات 6 أوضاع محتملة، هی: "رهن التحقیق"، "أوراق قضیته لدى هیئة التحقیق والادعاء العام"، "أوراق قضیته منظورة لدى القضاء"، "جاری استکمال إجراءات إحالته للادعاء وانفاذ ماصدر بحقه من توجیه"، "محکوم"، و"محکوم خاضع للاستئناف"، وکل هذه الأوضاع قد تشیر إلى الاحتجاز قبل المحاکمة، باستثناء "محکوم" و"محکوم خاضع للاستئناف".
حللت هیومن رایتس ووتش البیانات فی 2 أبریل /نیسان، وقد تم تحدیثها حتى 31 مارس/آذار. ومن بین الأشخاص الـ5,341 فی قاعدة البیانات، تم احتجاز 3,380 شخصا لأکثر من 6 أشهر دون إدانة أو کان ملفهم تحت خانة "أوراق قضیته منظورة لدى القضاء"، بما فی ذلک 2,949 لأکثر من سنة، و770 لأکثر من 3 سنوات. وذکرت قاعدة البیانات أن السلطات السعودیة تحتجز 2,305 أشخاص "رهن التحقیق" لأکثر من 6 أشهر، و1,875 لأکثر من سنة، و251 لأکثر من 3 سنوات.
تحتجز السلطات مواطنا سعودیا دون إدانة منذ سبتمبر/أیلول 2003 وآخر "رهن التحقیق" منذ دیسمبر/کانون الأول 2006. ومن أصل المحتجزین "رهن التحقیق" الـ251 لأکثر من 3 سنوات، یوجد 233 سعودیا.
قالت ویتسن: "عندما تحتجز السلطات مواطنین لأکثر من عقد دون تهم لأنهم "رهن التحقیق"، یصبح الواقع أشبه بروایة عبثیة. هذا یعنی فعلیا أن السلطات السعودیة یمکن أن تعتقل وتحتجز أی شخص تریده بدعوى أنها تحقق معه، ولو کان التحقیق لا نهایة له".
لا تقدم قاعدة البیانات معلومات عما إذا کانت السلطات مکنت المحتجزین من السعی إلى الخروج بکفالة أو نظام مماثل. کما لا تبین ما إذا کانت السلطات قد وجهت تهما رسمیة إلى المعتقلین الذین أحیلت قضایاهم إلى الادعاء العام أو قاضٍ.
کتبت هیومن رایتس ووتش إلى الشیخ سعود المعجب، المدعی العام السعودی، فی 1 فبرایر/شباط للحصول على تفسیر للارتفاع الظاهر فی عدد حالات الاحتجاز التعسفی، ولکنها لم تتلق أی رد.
توثق هیومن رایتس ووتش الاحتجاز التعسفی من قبل السلطات السعودیة منذ سنوات. وکشف استعراض 2014 عن أرقام أقل بکثیر فیما یتعلق بالاحتجاز التعسفی. فقد أظهرت البیانات وجود 2,766 شخصا رهن الاحتجاز، من بینهم 293 محتجزا لأکثر من 6 أشهر دون إحالة إلى القضاء على ما یبدو، و16 منهم لأکثر من عامین، وواحد لأکثر من 10 سنوات.
قرر فریق الأمم المتحدة العامل المعنی بالاحتجاز التعسفی أن الاحتجاز التعسفی هو عدم التزام سلطة الاحتجاز، کلیا أو جزئیا، بالمعاییر المتعلقة بالحق فی محاکمة عادلة، بما فی ذلک عقد جلسة استماع عاجلة أمام القاضی بعد الاحتجاز الأولی. وینص المبدأ 11 من مجموعة مبادئ الأمم المتحدة لحمایة جمیع الأشخاص الذین یتعرضون لأی شکل من أشکال الاحتجاز أو السجن على أنه یجب أن تتاح للمحتجز "فرصة حقیقیة للإدلاء بأقواله فی أقرب وقت أمام سلطة قضائیة أو سلطة أخرى"، وأنه یجب تمکین سلطة قضائیة أو سلطة أخرى من مراجعة قرار مواصلة الاحتجاز.
کما یضمن "المیثاق العربی لحقوق الإنسان"، الذی صادقت علیه السعودیة عام 2009، حق أی شخص تم اعتقاله أو احتجازه بتهمة جنائیة فی أن یُعرض على وجه السرعة أمام قاضٍ أو مسؤول قضائی آخر، وأن یحاکم فی غضون فترة زمنیة معقولة، أو أن یطلق سراحه. وینص المیثاق على أن "فی کل الأحوال لا یجوز أن یکون الحبس الاحتیاطی هو القاعدة العامة".
الاحتجاز المطول بدون تهمة أو محاکمة أو بدون مثول أمام قاض هو إجراء تعسفی، وینتهک القانون السعودی والمعاییر الدولیة لحقوق الإنسان.
قالت ویتسن: "وعود محمد بن سلمان بتحدیث حکم القانون وتعزیزه تصبح دون أهمیة تذکر عندما تتمکن السلطات من إقفال الزنازین على الآلاف لسنوات ورمی المفتاح".