الریاضة و حقوق الإنسان

یؤکد الإعلان العالمی لحقوق الإنسان بأن جمیع الناس یولدون أحراراً ومتساوون کرامةً وحقوقاً. ومن حق کل شخص أن یتمتع بجمیع الحقوق والحریات المنصوص علیها فی الإعلان دون تمییز لأی سبب کان، لا سیما الآسباب التی تتعلق بالعنصر أو اللون أو الهویة الوطنیة.
إن الریاضة حق اساسی لکافة افراد المجتمع ممّا لها من تأثیر کبیر على شخصیة افراد المجتمع لأنها تسعى لتنمیة قدرات الانسان البدنیة والذهنیة والمعنویة.
ینبغی أن تحفل الأحداث الریاضیة بالطاقات البشریة وأن تبتعد عن وجهات النظر الضیقة التی محورها ال‍ "أنا" مقابل أل‍ "آخر".
الریاضة حق أساسی من حقوق الإنسان فی التمتع بصحة جیدة. إن مبادرة الدولة بتشجیع الریاضة تأکید على کافة القیم الإنسانیة الدولیة التی تحملها الریاضة فی طیاتها کما أنها جاءت من باب تشجیع الاستمراریة فیها لکونها رافداً أساسیاً من روافد تنمیة المجتمع. لافتاً للنظر فی هذا السیاق إلى أن الریاضة تشترک مع مبادئ حقوق الإنسان فی العدید من الأهداف والقیم الأساسیة وموضحاً بأن المیثاق الأولمبی أکد علی أن‏" الفکر اﻷوﻟﻤﺒﻲ یهدف إﻟﻰ جعل اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ وسیلة للتطور اﻟﻤﺘﻨﺎﺳﻖ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﺑﻐﻴﺔ تکوین ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻳﺴﻮدﻩ ‏اﻟﺴـﻼم وﻳهتم ﺑﺎﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ الکراﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎنیة.‏
ففی الواقع یمکن أن تصبح الریاضة أداة قلیلة الکلفة وقویة التأثیر فی المجالات الإنسانیة والإنمائیة. فالریاضة لدیها القدرة الفریدة من نوعها على اجتذاب الناس وآن تصبح مصدر الهام لهم فی الحیاة لأن لها القدرة علی فتح عقول وقلوب مقفله لذا تتسم الریاضة بالقدرة على رسم الابتسامة على وجوه الناس وتوحید أهوائهم، خاصةً فی العصر الراهن الذی تسوده الکراهیة و الحروب.
ووفق مکتب الأمم المتحدة لشؤون الریاضة من أجل التنمیة والسلام، فإن الأنشطة الریاضیة المنظمة ‏جیداً والتی تجسّد أفضل القیم الریاضیة من حیث الانضباط والاحترام المتبادل والروح الریاضیة والعمل ‏الجماعی، یمکن لجمیعها الإسهام فی دمج فئات المجتمع وتساعد على توعیة الأفراد بأهمیة قیم السلم الاجتماعی.
لقد أدت الحادثة التی تعرضت لها میکی ماثیسون الی عدم قدرتها على استخدام قدمیها ولکن مشارکتها فی النشاطات الریاضیة لاحقاً، أعادت إلیها حیاتها وهی الان مدیرة مشروع فی مرکز دعم الألعاب الأولمبیة للمعوقین التابع لمؤسسة نیبون وحائزة علی ثلاث میدالیات ذهبیة فی الألعاب الأولمبیة للمعوقین فی سباق التزلج السریع على الجلید. وقد أوضحت فی هذا المضمار بأن الریاضة ساعدتها بعد الحادث، فی الحفاظ على هویتها کریاضیة، وعلی التحمس لها فی حیاتها ومشارکتها فیها.ولهذا تعتبر الریاضة من أفضل السفراء لتعزیز حقوق الإنسان ودمج الجمیع فی بوتقه واحده.
وکانت ماثیسون واحدة من ضمن ستة مشارکین فی نقاش حول دور الریاضة والمثل الأولمبیة العلیا فی تعزیز حقوق الإنسان للجمیع، بما فی ذلک لذوی الإعاقة. وقد عُقدت حلقة النقاش خلال الدورة الثانیة والثلاثین لمجلس حقوق الإنسان وتضمنت الحلقة متحدثین من مختلف أطیاف الریاضة – ریاضیین ومخططی أحداث ریاضیة ومشارکین فی رعایة حقوق الإنسان – وطلبت وجهات نظرهم حول الدور الذی یمکن أن تلعبه الریاضة والأحداث الریاضیة فی مجال تعزیز حقوق الإنسان.
لقد قالت: أحثّ السلطات على کافة المستویات لبذل جهداً أکبر بکثیر من الجهود الحالیة لترسیخ حقوق الإنسان وتعزیز المساواة وعدم التمییز فی عالم الریاضة وخاصة من خلال إقامة البرامج التعلیمیة، لکی یتعلم الأطفال والبالغون، تقدیر واحترام التنوع البشری.
و من جانب الاخر فإن حدثاً ریاضیاً کبیراً کالألعاب الأولمبیة قد یوفر فرصة حقیقیة لتحقیق "النهوض بحقوق الإنسان" بالعمل مع مختلف القطاعات ذات العلاقة لتوفیر البنی الأساسیة. فعلى سبیل المثال لا الحصر، فإن البرازیل تعهدت بالإمتثال للقوانین المحلیة والوطنیة التی تدعم وتحمی وتحترم حقوق العمل ولدیها برنامج لمساعدة العاملین للحصول على وظائف ثابته بعد دورة الألعاب الاولمبیة.
یمکن للمنظمات الدولیة والأمم المتحدة استغلال الریاضة لترسیخ حقوق الإنسان وخلق فرص هائلة فی المجال الریاضی لتحقیق هذا الهدف فی کافة أنحاء العالم، سواءاً فی الحلبة أوخارجها.
امّا ستافرولا کوزومبولی، عضوة اللجنة الدولیة للألعاب الأولمبیة والحائزة علی ثلاثة میدالیات فضیة أولمبیة فی کرة الماء عن الیونان فقد اشارت الی أنّ الناس ومن خلال الریاضة، یتعلمون قیماً تتخطى نوع الجنس أو القومیات أو السن وحتى الحالة البدنیة. وهذه القیم أداة حقیقیة لتحقیق المساواة وقالت:
"أنا ریاضیة منذ الخامسة من العمر ولعبت فی الفریق الأولمبی الیونانی لکرة الماء مدة 15 عاماً". وأضافت "إننی أعتقد اعتقاداً راسخاً بأن القیم الأولمبیة والریاضة (بوجه عام) یمکنها التأثیر فی مجال حقوق الإنسان وأن تلعب دوراً إیجابیاً کبیراً"