التقریر السنوی والإحاطة الشفهیة فی الدورة الرابعة والثلاثین لمجلس حقوق الإنسان
التقریر السنوی والإحاطة الشفهیة فی الدورة...
"تشکل مقولة "نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلینا على أنفسنا أن نؤکد من جدید إیماننا... بما للرجال والنساء من حقوق متساویة" أحد البنود المأخوذة من دیباجة میثاق الأمم المتحدة"
فی کل أنحاء العالم، سعیاً إلى تحقیق المساواة، فی ما یتعلق بحقِّهن فی التعلیم والعمل والتصویت – وفوق کل ذلک حقِّهن فی اتخاذ قراراتهن الخاصة. وتعتبر إنجازاتهن عظیمة، فیما یوصف تحرکهنَّ بالاستثنائی، وقد شهدت علیه التظاهرات التی حصلت فی الحادی والعشرین من کانون الثانی/ینایر. أحیِّی جهودهن، خصوصاً فی ظل حجم التحدیات التی لا تزال المرأة تواجهها حول العالم، والتی کنت قد أثرتها فی بیان أصدرته مسبقاً بمناسبة یوم المرأة العالمی.وأنا على یقین بأن کل الوفود ستولیه اهتماماً کبیراً.
الأشکال العنف و الارهاب
لقد شهد العام المنصرم إراقة دماء بالغة على ید جماعات متطرفة وإرهابیة، وأغتنم هذه الفرصة لأدین مجدداً بقوة کل هذه الأشکال من العنف، وفی کل حالة من الحالات. ولن یتطرق بیانی الیوم إلى التفاصیل المتعلقة بأوضاع حقوق الإنسان فی أفغانستان أو کولومبیا أو قبرص أو غواتیمالا أو غینیا أو هندوراس أو لیبیا أو سری لانکا أو سوریا أو الیمن، بما أن المجلس سیتلقى إحاطات فی هذا الشأن من مکتبنا خلال هذه الجلسة وفی الجلسة العلیا التی تُعقد حول سوریا فی الأسبوع المقبل. وکما تعلمون، واجه مکتبنا صعوبة فی الدخول إلى بعض المناطق. لقد طرحت هذه المسألة أمام المجلس فی أیلول/سبتمبر، مشیراً إلى دول عدة من بینها إثیوبیا وسوریا ومنطقة جنوب شرق ترکیا وفنزویلا وجانبی خط المراقبة بین الهند وباکستان فی ولایة جامو وکشمیر. وفی العدید من المناطق حیث تلقینا مؤشرات عن انتهاکات حادة، وحیث لا یزال طلب الوصول إلیها مرفوضاً، بدأ مکتبنا إجراء عملیات رصد عن بعد وإرسال بعثات تقصی حقائق إلى دول مجاروة، وهی موثقة فی تقاریر نعتزم نشرها علناً، کما سأعدُّ تقریراً إضافیاً فی هذا الشأن فی حزیران/یونیو.
میانمار
أصدرت فی الشهر الفائت تقریراً مثیراً للقلق حول مدى خطورة ووحشیة العملیات التی ارتکبتها قوات الأمن فی میانمار بحق شعب الروهینغا من الرجال والنساء والأطفال فی ولایة راخین. وبدأت هذه العملیات فی تشرین الأول/أکتوبر، بعد ورود تقاریر تفید عن اعتداء مهاجمین مسلحین على ثلاثة حواجز لحراس الحدود. وبما أن میانمار رفضت طلب مکتبنا بالوصول إلى المنطقة، فقد جمع تقریرنا معلوماته من بعثة تابعة لمکتبنا فی بنغلادیش، التی هرب إلیها قرابة 73 ألف لاجىء من الروهینغا. ووجدت البعثة دلائل حسیة وشهادات موثقة عن عملیات قتل جماعی، بما فی ذلک الرضَّع والأطفال وکبار السن غیر القادرین على الهرب، وعن إحراق قرى برمتها؛ وعملیات قتل بالرصاص؛ واعتقال جماعی؛ واغتصاب ممنهج وعنف جنسی؛ وتدمیر متعمد للغذاء ومصادر الطعام. ویبدو أن ما وصفته قوات الأمن "بعملیة مکافحة تمرد" کان یهدف فی الواقع إلى طرد شعب الروهینغا من میانمار کلیاً، کما قال المقرر الخاص المعنی بهذه المسألة.
ویبدو إلی أن وحشیة الانتهاکات التی أوردتها التقاریر فی موازاة خلفیة حادة وطویلة الأمد من الاضطهاد ترقى إلى احتمال ارتکاب جرائم ضد الإنسانیة، بما یستوجب التفات المحکمة الجنائیة الدولیة إلیها. لذلک، أحث المجلس على أن ینشىء لجنة تحقیق واحدة على الأقل للنظر فی أعمال العنف التی ارتُکبت بحق الروهینغا، لا سیما خلال العملیات الأمنیة منذ التاسع من تشرین الأول/أکتوبر 2016. وأکرِّر مجدداً طلبنا الدائم بفتح مکتب تابع للمفوضیة السامیة لحقوق الإنسان فی البلد.
حقوق الانسان فی ترکیا
فی ترکیا، تستمر القنابل وغیرها من الهجمات الإرهابیة الصادمة ضد المدنیین فی حصد الأرواح، وهو ما أدینه، وأنا أتفهم تماماً أن السلطات تعمل فی بیئة تملؤها التحدیات فی کثیر من النواحی. لکننی أخشى من أن الإجراءات المتخذة فی إطار حالة الطوارىء تبدو کأنها تستهدف من ینتقدون هذه السلطات ولیس الإرهاب. أما واقع أن آلاف الأشخاص طُردوا أو أوقفوا أو اعتُقلوا أو حوکموا عقب محاولة الانقلاب - بما فی ذلک العدید من النواب المنتخبین بشکل دیمقراطی والقضاة والصحافیین، فهو یثیر قلقاً جدیاً بشأن مدى الوفاء بضمانات المحاکمة وفق الأصول القانونیة.
ومن أجل مصداقیة الاستفتاء حول تعدیل الدستور المرتقب فی نیسان/أبریل، سیکون من الضروری بشکل خاص ضمان حیِّز من النقاش المفتوح الخالی من الترهیب. ولا تزال أوضاع حقوق الإنسان فی جنوب شرق ترکیا مثیرة جداً للقلق. وبالرغم من عدم إمکانیة الوصول إلى المنطقة، إلا أن إجراءات الرصد عن بعد التی قام بها مکتبنا دلَّت على مؤشرات موثوقة بوقوع مئات القتلى، لافتة إلى إجراءات أمنیة متفاوتة فی الرد على هجمات العنف. وسیتم إصدار تقریر یفصِّل هذه المسألة وغیرها من المؤشرات حول انتهاکات خطیرة.
إنقاذ أشخاص من الغرق فی البحر
وفی حین أقرُّ بالجهود الجبارة التی بذلتها العدید من الجهات الفاعلة فی منطقة المتوسط لإنقاذ أشخاص من الغرق فی البحر، أنا قلق جداً بشأن الدعوات المتزایدة داخل الاتحاد الأوروبی لإنشاء مراکز تهیئة خارج القارة أو مخیمات فی شمال أفریقیا وأماکن أخرى، وإشراک جهات خارجیة فی قضایا الهجرة مع قلیل من الاعتبار لحقوق الإنسان. على سبیل المثال، قد یکون المهاجرون الذین قُبض علیهم فی البحر من قبل خفر السواحل اللیبی أو وکالات مماثلة عرضة للمزید من العنف. وأکرِّر مجدداً أهمیة الالتزام بالمبدأ القائم على ضرورة عدم إعادة الأشخاص إلى دول قد یواجهون فیها التعذیب أو الاضطهاد أو التهدید لحیاتهم. ورحَّب العدید من الأشخاص العادیین فی أوروبا بالمهاجرین وأعربوا عن دعمهم لهم، لکن القادة السیاسیین یبرهنون بشکل متزاید عن عدم مبالاة قاسیة بمصیرهم. وأشعر بالقلق خصوصاً إزاء روایات عامة بشعة یبدو أنها تهدف عمداً إلى إثارة الخوف والذعر العام، بوصفها هؤلاء الأشخاص الضعفاء على أنهم قوم غزاة مجرمون.
التجانس العرقی
فی الأسبوع الماضی، أعلن رئیس وزراء المجر، وفق التقاریر، أن "التجانس العرقی" هو مفتاح للنجاح الاقتصادی. لا یوجد مجتمع متجانس، على الأقل فی کل أوروبا الوسطى، وهذه المفاهیم السامة حول ما یسمى بالنقاء العرقی تعیدنا إلى الوراء إلى حقبة عانى خلالها الکثیر من الناس بوحشیة، بما یشمل المجریین. فی الأمس، أقرَّ البرلمان المجری مشروع قانون یفرض نقل کل المهاجرین إلى منطقة خارج السیاج الحدودی للبلاد، ما سیؤدی إلى احتجاز کل طالبی اللجوء فی المنطقة نفسها طوال مدة إجراءات اللجوء المطبقة فی البلاد، وهذا ما لا یرقى إلى مستوى المعاییر الدولیة. وکما هی الحال فی بولندا، واصلت الحکومة المجریة تقویض المجتمع المدنی والقضاة وتعزیز نفوذ الحکومة على الإعلام. وفی کلا البلدین، حدَّت التغییرات التشریعیة من استقلال المحاکم الدستوریة. وفی دول أعضاء أخرى فی الاتحاد الأوروبی، بما فی ذلک المملکة المتحدة وفرنسا، قوبلت المعاهد القضائیة التی جرت العادة على احترامها بشکل کبیر بانتقاد عمیق، وتعرضت فی بعض الحالات للانتهاک. وأنا قلق بشأن میل مستقبلی فی هذا الاتجاه الذی قد یشکل خطراً على استقلالیتها فی العمل.
جنوب السودان
أشعر بالأسف إزاء العنف والتدمیر فی جنوب السودان الذی یتوسع فیه انتشار الجوع. وکما ذکرنی نائب الرئیس الأول فی الأسبوع الماضی، لقد تأسست الدولة من دون رغبة بقیام حقوق للإنسان، لکن تمَّ التخلی عن هذه الفکرة مع وجود سکان ینتمون إلى المزید من القبائل، فی خضم حصار تتسع رقعته أکثر فأکثر فی البلاد، ومع الضرر الذی أصابهم جراء الأعمال الوحشیة وتورطهم فی الصراع. وتورطت قوات المعارضة – بما فی ذلک الجیش الوطنی – على نحو متکرر بجرائم حرب مزعومة شملت عملیات قتل واغتصاب وعنف جنسی وابتزاز وحالات اختفاء ونهب وحرق منازل. ومن الضروری إجراء المساءلة المناسبة لهذه الجرائم. ویقلقنی القمع الصارم لحریة التعبیر وعملیات التوقیف التعسفی والاعتقال من دون محاکمة، ومن دون السماح بتدخل بعثة الأمم المتحدة فی جنوب السودان. وأُطلقت تهدیدات بحق ممثلی المجتمع المدنی الذین اجتمعوا ببعثة مجلس الأمن فی مقرنا فی جوبا فی أیلول/سبتمبر الماضی.
جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة
لقد أعدَّ مکتبنا أخیراً تقریراً عن عدد من الانتهاکات الحادة لحقوق الإنسان فی إقلیمی کاسای ولومانی فی جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة. وأثنی على مبادرة الحکومة سریعاً إلى بدء إجراءات التحقیق والمساءلة بشأن بعض مزاعم القتل المنسوبة إلى قوات من الجنود وتقدیم المساعدة إلى مکتبنا. وعلى ضوء التقاریر المتکررة عن حدوث انتهاکات خطیرة واکتشاف ثلاث مقابر جماعیة إضافیة أخیراً، أحث المجلس على إنشاء لجنة تقصی حقائق للنظر فی هذه المزاعم. وسیرصد مکتبنا عن کثب التطورات القضائیة فی ما یتعلق بأعمال ارتکبتها قوات الأمن والتی أدَّت إلى مقتل أکثر من مئة شخص فی أیلول/سبتمبر وکانون الأول/دیسمبر. ولم یتحقق أی تقدم ملموس فی سیاق الاتفاق السیاسی الذی أُبرم فی 31 کانون الأول/دیسمبر والذی جاء نتیجة الوساطة الجدیرة بالثناء التی قام بها مجلس الأساقفة الوطنی.
بوروندی
فی بوروندی، أشعر بالقلق من أن الحیِّز الدیمقراطی قد قُضی علیه الآن فعلیاً. إذ تشیر التقاریر باستمرار إلى ارتکاب قوات الأمن ومیلیشیا إیمبونیراکور انتهاکات وإساءات فادحة لحقوق الإنسان، بما فی ذلک المزاعم المتزایدة بشأن حالات الاختفاء القسری والتعذیب والاعتقالات الجماعیة التعسفیة. ویشکل القرار الأخیر بالإفراج عن 2500 معتقل إشارة إیجابیة، لکن لا یزال مئات الأشخاص یقبعون فی السجن بسبب معارضتهم الفعلیة أو المفترضة للحکومة. وعقب إصدار تقریر بعثة الأمم المتحدة للتحقیق المستقل بشأن بوروندی فی أیلول/سبتمبر 2016، أوقفت حکومة بوروندی تعاونها مع مکتبنا فی بوروندی بما علَّق الاستعراض الجاری لمذکرة التفاهم التی تجمعنا.
الأراضی الفلسطینیة المحتلة
فی الأراضی الفلسطینیة المحتلة، بعد مرور نصف قرن على الاحتلال الإسرائیلی، ومع الإذلال الذی یتعرَّض له شعب آخر بفعل هذا الاحتلال، یتفشى تراکم الإحباط على نطاق واسع، فیما اتساع رقعة التمییز یحرم الفلسطینیین حقوقهم الأساسیة. لقد دعوت مراراً إلى إنهاء الاعتقال المطول من دون محاکمة لعدد کبیر من المعتقلین. وبالرغم من قرار مجلس الأمن 2334، إلا أن الحکومة الإسرائیلیة سمحت ببناء أکثر من 5500 وحدة استیطانیة جدیدة فی الأراضی الفلسطینیة المحتلة منذ بدایة السنة. وأقرَّ الکنیست فی الشهر الفائت قانوناً "یضفی الشرعیة" بموجب القانون الإسرائیلی على بؤر استیطانیة بُنیت على أراض یملکها فلسطینیون. ویرقى ذلک إلى مستوى مصادرة للممتلکات الخاصة ویشکل انتهاکاً للقانون الدولی. ویستمر حصار إسرائیل لغزة، والذی یرقى إلى مستوى عقاب جماعی، فی حرمان السکان من الحصول حتى على السلع والخدمات الأساسیة. وفی حین أکرِّر تحذیری بشأن الصورایخ غیر الموجهة التی تطلقها جماعات فلسطینیة مسلحة بشکل متقطع من مناطق مأهولة بالسکان باتجاه مناطق یسکنها مدنیون فی إسرائیل – وهی انتهاکات للقانون الإنسانی الدولی – أشعر بالقلق على نحو مشابه من أن ردود إسرائیل لا ترقى فی کثیر من الأحیان إلى مبادىء التمییز والتناسب والتحوط. ولا یمکن لسیاسات مماثلة أن تضع الأرضیة الصلبة للسلام والأمن اللذین لکل الإسرائیلیین وکل الفلسطینیین الحق بتوقعهما. وفی دولة فلسطین، یشعر مکتبنا بالقلق أیضاً إزاء زیادة استخدام السلطة الفلسطینیة وسلطات غزة للاعتقال الإداری والتعسفی، مع زیادة المزاعم بشأن التعذیب وسوء المعاملة فی الضفة الغربیة وغزة بحق المعارضین السیاسیین والصحافیین والناشطین. وفی غزة، تواصل المحاکم إصدار أحکام بالإعدام وتُنفَّذ الإعدامات فی ظل انتهاک للسیاسة الفلسطینیة. وسوف تحصلون على إحاطة شاملة أکثر فی هذا الشأن لاحقاً خلال هذه الجلسة.
الصراع فی العراق
یستمر الصراع فی العراق فی التسبب بوقوع عدد کبیر من الإصابات والخسائر فی الأرواح بین المدنیین. ویتلقى مکتبنا وبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق تقاریر یومیة عن الأعمال الوحشیة التی یرتکبها تنظیم داعش ضد المدنیین، بما فی ذلک ضد محاولات السکان للهروب من مناطق تقع تحت سیطرة تنظیم داعش. وفی مناطق استعادتها القوات الحکومیة من تنظیم داعش، تمَّ تحدید 20 موقعاً على الأقل لمقابر جماعیة منذ تشرین الأول/أکتوبر 2016، وعلى ضوء الجرائم الجسیمة التی ارتُکبت فی العراق، بما فی ذلک جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانیة، أحث على أن یتم جمع وتوثیق کل هذه الدلائل عن الانتهاکات المحتملة. وفی ما یتعلق بالعملیات المنفذة فی الموصل، تبذل الحکومة العراقیة جهوداً للالتزام بمبادىء القانون الإنسانی الدولی.
وأحث الحکومة على متابعة رصد سلوک قوات الأمن العراقیة. ومن الضروری أیضاً أن تعدِّل الحکومة القانون الجنائی کی تضمن أن المحاکم المحلیة تحظى بالاختصاص فی ما یتعلق بالجرائم الدولیة. کما أشجع أیضاً على الحوار المسهب داخل المجتمعات وفی ما بینها لإعادة بناء الثقة المتبادلة ودعم المصالحة الوطنیة. ویبدی مکتبنا حماسة لمساعدة الحکومة فی بناء معاهد القضاء الوطنیة ما یمکن أن یذلِّل القضایا الأکثر تحدیاً التی تواجهها، بما فی ذلک الحاجة إلى إعادة إحیاء إنفاذ القانون وسیادة القانون فی المناطق التی جرت استعادتها من تنظیم داعش.
مصر
فی مصر، یجری کم أفواه المدافعین عن حقوق الإنسان والصحافیین والإعلامیین المهنیین بشکل منهجی من خلال الاعتقالات والمحاکمات وحظر السفر والأوامر بإغلاق المقرات وإجراءات عقابیة مالیة صارمة. ویؤسفنی بشکل خاص الإقفال الإلزامی الأخیر الذی طال مرکزاً یُشهد له برعایته للضحایا والناجین من التعذیب والعنف. وأسفر العنف المتزاید ضد الأهداف العسکریة والمدنیة فی سیناء من قبل جماعات مسلحة مرتبطة بتنظیم داعش والاشتباکات مع قوات الأمن عن مئات الإصابات بین صفوف المدنیین وأثار تهجیراً مقلقاً من المنطقة. وتلقى مکتبنا تقاریر عن مزاعم بشأن حالات اختفاء قسری وأعمال تعذیب وسوء معاملة للمعتقلین. وأحث السلطات على الاعتراف بهذا الأمر، ففی کل الدول التی تواجه تحدیات أمنیة وتطرفاً عنیفاً، إن حرمان الأشخاص من حقوقهم لن یجعل الدولة أکثر أماناً، بل فی مزید من حال عدم الاستقرار.
البحرین
فی البحرین، فرضت الحکومة المزید من القیود على المجتمع المدنی والجماعات السیاسیة منذ حزیران/یونیو 2016، بما فی ذلک الترهیب والاعتقالات وعملیات الاستجواب وحظر السفر والأوامر بإقفال مقرات. وأکرِّر أن هذا القمع لن یقضی على المظالم التی یتعرض لها السکان؛ بل سیزیدها. وأشعر بقلق بالغ إزاء الزیادة فی مستویات انتهاکات حقوق الإنسان فی المملکة. وأناشد حکومة البحرین اتخاذ إجراءات ملموسة لبناء الثقة، بما فی ذلک السماح لمکتبنا والمکلفین بولایات فی إطار الإجراءات الخاصة بالقیام بزیارات سریعاً.
الولایات المتحدة الأمیرکیة
فی الولایات المتحدة الأمیرکیة، أشعر بقلق إزاء طریقة تعامل الإدارة الجدیدة مع عدد من القضایا المعنیة بحقوق الإنسان. ثمة حاجة إلى قیادة أقوى وأکثر اتساقاً لمواجهة ما برز أخیراً من تمییز ومعاداة للسامیة وعنف ضد الأقلیات العرقیة والدینیة. وإن التشهیر بجماعات بأکملها مثل المکسیکیین والمسلمین والإدعاءات الکاذبة حول ارتکاب المهاجرین جرائم بمعدلات تفوق تلک التی یرتکبها المواطنون الأمیرکیون، کلها أمور ضارة وتحرِّض على إساءة المعاملة بدافع کراهیة الأجانب. وأشعر بالذعر إزاء محاولات الرئیس لترهیب أو تقویض الصحافیین والقضاة. کما أشعر بالقلق إزاء سیاسات جدیدة للهجرة تحظر استقبال الأشخاص من ست دول ذات غالبیة مسلمة لمدة 90 یوماً، بالإضافة إلى سیاسات تزید بشکل کبیر عدد المهاجرین المعرضین لخطر الترحیل الفوری – من دون أن تؤخذ بالاعتبار السنوات التی أمضوها فی الولایات المتحدة أو الجذور العائلیة. وهذه الأمور من شأنها أن تزید بشکل واسع اللجوء إلى الاعتقال، بما یشمل الأطفال. ویمکن أن ترقى عملیات الترحیل العاجلة إلى عملیات طرد وإعادة قسریة بشکل جماعی، بما یشکل انتهاکاً للقانون الدولی، إذا اتُخذت من دون ضمانات المحاکمة وفق الأصول القانونیة، بما فی ذلک التقییم الفردی. وأشعر بالقلق خصوصاً من التأثیر المحتمل لهذه التغییرات على الأطفال الذین یواجهون واقع کونهم قید الاعتقال أو قد یرون أسرهم مفککة.
وفی أجزاء عدیدة من أمیرکا الوسطى واللاتینیة، یواجه الأشخاص الذین یلتزمون بالدفاع عن الحقوق فی الأراضی والبیئة فی وجه الصناعات الاستخراجیة ومشاریع التنمیة خطراً محدقاً، بما فی ذلک القتل والهجمات العنیفة. ومن بین هؤلاء الأشخاص نذکر العدید من زعماء مجتمعات الشعوب الأصلیة الذین لا تزال حقوقهم المدنیة والسیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة تُنتهک بشکل کبیر فی أنحاء المنطقة، بالرغم من تبنی الإعلان الأمریکی بشأن حقوق الشعوب الأصلیة فی العام الماضی. ولا یجب تمویل مشاریع تنمیة من دون التداول والتشاور بشکل عام مع المجتمعات المتضررة منها مباشرة والمتحررة من الخوف. ویترک الانتشار الواسع للعنف الجنائی فی المنطقة، والذی یتضاعف جراء الشوائب التی تسود النظام القضائی والعملیات الأمنیة تأثیراً حاداً وممیتاً على إدارة السجون. ففی البرازیل، تسبب عنف العصابات بمقتل أکثر من مئة معتقل خلال مدة أسبوعین فی کانون الثانی/ینایر. وفی هایتی، توفی أکثر من 40 معتقلاً فی الشهرین الماضیین نتیجة سوء فی الرعایة الصحیة والتغذیة. وتعتبر مکافحة الاکتظاظ الحاد والأنظمة المستقلة للإدارة داخل السجون من بین أهم التوصیات المعنیة بحقوق الإنسان التی یجب طرحها بصورة ملحة.
قد یکون عام 2017 عاماً محوریاً فی کثیر من النواحی. فهل ستدفع الهجمات الوحشیة التی ترتکبها الجماعات الإرهابیة بالحکومات إلى الرد علیها بعملیات أمنیة من العیار الثقیل بشکل أکبر، بما یزید أرجحیة حدوث انتهاکات على حساب حقوق الإنسان؟ وهل سیواصل الشعبویون حصد المکافآت عما هو مخزَّن من الخوف وخیبة الأمل؟ وهل سیدفعون إلى جانب قادة آخرین من ذوی العقول الاستبدادیة بالنظام الدولی إلى حافة الهاویة؟ أم سیکون هناک ما یکفی من الأشخاص الذین یدرکون بوضوح وعمق ما هو على المحک – الذین یرون أن کل الحقوق القائمة على النظام عرضة للهجوم – ویعاکسون القوى النابذة التی تهدِّد بتحطیم المؤسسات الإقلیمیة والدولیة؟ وهل سیعملون على تعزیز القوى الجاذبة المرکزیة التی تحتاجها خطة عام 2030 بصورة ملحة، وذلک لوضع حد للفقر المدقع والعودة بالفائدة على کل المجتمعات؟