الإمارات: خمس سنوات مرّت على المصادقة على اتفاقیة مناهضة التعذیب و...
الإمارات: خمس سنوات مرّت على المصادقة على...
قبل خمس سنوات، تحدیداً فی 19 تموز\یولیو 2012، انضمت دولة الإمارات العربیة المتحدة إلى اتفاقیة مناهضة التعذیب ، وألزمت نفسها بموجب الاتفاقیة باتخاذ تدابیر فعّالة للوقایة من التعذیب ومقاضاة مرتکبیه وتعویض الضحایا، إضافة إلى الالتزام بالحظر المطلق لتلک الممارسة. بید أن السلطات لم تقم بما یجب لتنفیذ هذا الصک الدولی الأساسی لحقوق الإنسان بشکل فعّال؛ فممارسة التعذیب لا تزال سائدة وتشهد علیها الحالات العدیدة فی بیئة من الإفلات التام من العقاب للجناة. خلال الشهر القادم وعلى بعد أیام قلیلة تکون قد مرت أربع سنوات على استحقاق تقدیم الإمارات تقریرها إلى لجنة مناهضة التعذیب ، فی 19 آب\أغسطس 2017، المفترض فیه إبراز مدى امتثال البلاد للاتفاقیة.
قمع الحریات الأساسیة
تعرّضت الحقوق الأساسیة على مدى السنوات الماضیة لحملات قمع مستمرة؛ طالت المحامین والأساتذة و المدافعین عن حقوق الإنسان و حتى المنتقدین السلمیین لسیاسات الحکومة، جمیعاً دفعوا ضریبة ممارسة حقهم فی حریة التعبیر. ووسعت الدولة ترسانتها القانونیة لتحقیق هدفها فی وأد أی معارضة فی مهدها. فتراها تلجأ إلى قانون نظام مکافحة الجرائم المعلوماتیة الذی یجرّم التشهیر، وإلى قانون مکافحة الجرائم الإرهابیة الذی یعرّف العمل الإرهابی على أنه أی فعل یهدف إلى"معاداة الدولة". قامت السلطات فی العام الماضی بتعدیل قانون العقوبات لتشدید عقوبات "إهانة الرئیس" أو "الإضرار بسمعة الدولة". مجموعة الإمارات 94 التی ضمّت محامین وأکادیمیین ومنتقدین لسیاسة الحکومة، إضافة إلى رجل الاقتصاد والناشط ناصر بن غیث والمدافع البارز عن حقوق الإنسان أحمد منصور والصحفی الأردنی تیسیر سلمان، لا تمثل إلا النزر من ضحایا الحملة القمعیة على حریة التعبیر. أما عضویتها فی مجلس حقوق الإنسان، التی تفرض علیها احترام حقوق الإنسان الأساسیة، فلم تثنها عن مهاجمة المنتقدین السلمیین والانتقام منهم بطریقة منهجیة.
حقوق الإنسان، أی أفق؟
لازالت هناک العدید من الفرص أمام دولة الإمارات لإبداء حسن النیة وإجراء تغییرات ملموسة من أجل تحسین سجلها فی مجال حقوق الإنسان. ففی مطلع العام 2018، ستکون الإمارات على موعد مع الاستعراض الدوری الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان. وخلال هذه العملیة ستعلّق الدول الأعضاء فی الأمم المتحدة على حالة حقوق الإنسان فی البلاد وتقدّم لها التوصیات. ونأمل فی أن تتقبل دولة الإمارات العربیة جمیع التوصیات وتضمن تنفیذها بفعالیة.
وعن کیفیة الوفاء بالتزامها فی احترام معاییر حقوق الإنسان، یتعیّن على الإمارات الامتثال لقرارات الفریق العامل المعنی بمسألة الاحتجاز التعسفی الذی دعا خبراؤه إلى إطلاق سراح مجموعة الإمارات 94 المعتقلین منذ العام 2013، لاعتبار احتجازهم تعسفی. وفی الآونة الأخیرة، أصدر الفریق العامل قراراً آخراً بشأن قضیة محمد عز، وصف فیه احتجازه بالتعسفی على اعتبار أن ذلک کان على خلفیة ممارسته المشروعة لحقه الأساسی فی حریة التعبیر، إضافة إلى ما شاب محاکمته من انتهاکات ومخالفات.
من ناحیة أخرى، لم تستجب دولة الإمارات حتى الآن لأی من طلبات الزیارة الثمانیة التی تقدّمت بها الإجراءات الخاصة، والتی یرجع تاریخ البعض منها إلى العام 2005، لاسیما طلب المقرر الخاص المعنی بحالة المدافعین عن حقوق الإنسان ، والمقرر الخاص المعنی بتعزیز وحمایة الحق فی حریة الرأی والتعبیر والفریق العامل المعنی بمسألة الاحتجاز التعسفی.
ولإظهار التزامها الحقیقی بمعاییر حقوق الإنسان، ینبغی على دولة الإمارات التصدیق على العهد الدولی الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة ، کونه أبرز الصکوک الدولیة لحقوق الإنسان حیث صادق علیه 169 بلداً فی جمیع أنحاء العالم.