الهجمات ضد المدنیین و الأهداف المدنیة فی الیمن

أکد مکتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مقتل ثلاثة وثلاثین مدنیا وإصابة 25 آخرین فی قصف جوی من قوات التحالف ضرب فندقا فی محافظة صنعاء یوم الأربعاء الثالث والعشرین من الشهر الحالی.

وبعد جمع معلومات عن القصف، قالت لیز ثروسیل المتحدثة باسم المکتب إن الشهود أفادوا بوقوع قصفین متتالیین ما بین الساعة الثالثة والنصف والرابعة صباحا فی قریة بمنطقة أرحب.

وأضافت، فی مؤتمر صحفی فی جنیف، أن القصف الأول ضرب نقطة تفتیش یدیرها الحوثیون، دون وقوع إصابات. وبعد عدة دقائق، ضرب قصف آخر فندق "استراحة الشهاب" مما أدى إلى تدمیر الطابق الثانی وإلحاق أضرار بالغة ببقیة المبنى.

وذکر الشهود أن 67 شخصا کانوا فی الفندق عندما وقع القصف. ویقع الفندق على الطریق الرئیسی على بعد 10 أو 15 مترا من نقطة التفتیش.

وأشارت ثروسیل إلى حوادث أخرى سابقة، وقالت:

"الهجمات ضد المدنیین أو الأهداف المدنیة، محظورة وفق القانون الإنسانی الدولی الذی یحظر أیضا الهجمات العشوائیة وغیر المتناسبة. ونذکـّر التحالف، بواجبها لضمان الاحترام الکامل للقانون الإنسانی الدولی. وندعو السلطات المعنیة إلى إجراء تحقیقات ذات مصداقیة ومحایدة فی هذه الحادثة."

قضایا إنسانیة

کانت الجمهوریة الیمنیة قبل العام 2014 فی وجه تحدیات جمة على عدة أصعدة بما فیها شحة الغذاء والمیاه واتساع رقعة الفقر والفاقة وحالة رکود اقتصادی إلى جانب معدلات مرتفعة فی نمو السکان واختلالات حادة بین مناطق الحضر والریف وأمیة واسعة بین النساء. وجاء هذا الصراع لیزید الطین بلة, ففی تقدیرات نُشرت فی أکتوبر 2016 أشارت وکالات الأمم المتحدة إلى أنه منذ مارس 2015 حصدت الحرب أکثر من 7000 حیاة و ً فی مناطق 15 37000 مصاب.

ومن بین سکان الیمن البالغ عددهم 4.27 ملیون إنسان یعیش النصف منهم تقریبا متضررة من الصراع بصورة مباشرة, ویحتاج ما یقرب من 8.18 ملیون إلى شکل ما من المساعدات الإنسانیة بمن فیهم 3.10 ملیون طفل فی حاجة ماسة وشدیدة لهذه المساعدات.

فی نفس السیاق یعانی أکثر من 7 ملایین شخصا من انعدام الأمن الغذائی بشکل حاد, ویعانی 2 ملیون شخص من سوء التغذیة أو من المجاعة لا سیما فی مناطق الریف. ومن بین هؤلاء 3.1 ملیون طفل من بینهم 320000 17 یعانون من سوء التغذیة الحاد الوخیم. ومنذ ینایر 2014 دفع الصراع 27.3 ملیون إنسان إلى النزوح الداخلی فی بلد یفتقر إلى المخیمات لاستیعاب ضحایا النزوح.

ویصبح هؤلاء مشردون بالفعل فی ظل عدم وجود أقارب یقدمون لهم المساعدة. علاوة على ذلک فان اقتصاد البلد یتهاوى وتنهار الخدمات الأساسیة فیه/ على ضعفها، وبشکل متسارع.
ویتعذر على 14 ملیون یمنیا, منهم 3.8 ملیون طفل, الحصول على خدمات الرعایة الصحیة بسبب النقص المزمن والحاد للأدویة وانقطاع المرتبات اضافة الى الدمار الذی خلفه الصراع. کذلک وصل عدد الأطفال الذین لا یستطیعون الذهاب إلى المدارس الى أکثر من 3 ملیون طفل ومنذ اندلاع الصراع تسرب أکثر من 8.1 ملیون طفل من التعلیم. ولا تزال 1600 من المدارس موصدة الأبواب بسبب غیاب الأمن أو الأضرار المادیة التی لحقتها أو بفعل استخدامها کملاجئ للنازحین.
کذلک أثرت المخاوف المرتبطة 20 بالعنف وانعدام الأمن بصورة سلبیة على القدرة على إیصال المساعدات الانسانیة فی الیمن.

تسببت ضربات التحالف التی تقوده السعودیة فی وقوع قتلى وجرحى إلى جانب تدمیر مدارس ومرافق طبیة ومنشآت تجاریة فی کل المحافظات التی نفذمرکز المدنیین فی الصراع بحثهفیها, وفقا ً لتقاریر الأمم المتحدة یتحمل التحالف المسؤولیة نتائج وردت فی تقاریر منظمات أخرى دولیة ویمنیة, ووفقا عن 60 %من إصابات المدنیین منذ تدخله فی مارس 2015 .
وفی السیاق، أعلنت وزارة الصحة العامة والسکان الیمنیة أن عدد الشهداء الیمنیین والجرحى نتیجة العدوان السعودی الذین وصلوا للمستشفیات والمرافق الصحیة حتى 24 کانون الثانی 2016، بلغ 24 ألفاً و975 شهیداً وجریحاً، وقال الناطق الرسمی باسم الوزارة الدکتور تمیم الشامی: إن عدد الشهداء بلغ 7 آلاف وستة منهم ألف و368 طفلاً وألف و159 امرأة، بینما بلغ عدد الجرحى 16 ألفاً و509، منهم ألفان و239 طفلاً وألف و740 امرأة.

مقال الخبیر والباحث المغربی “مصطفى قطبی”

و فی هذا المجال کتب الخبیر والباحث المغربی “مصطفى قطبی” ، ان آل سعود یظنون بعدوانهم على الیمن ، أنهم یستطیعون إرکاع الشعب الیمنی من خلال استهداف بناه التحتیة وقتل أبنائه ، لکنّ حساباتهم خاطئة ، و ستنعکس نتائجها علیهم مباشرة ، إذ إن شعب الیمن أدرک جیداً حجم المخطط الذی یستهدفه فسارع إلى الانتفاض فی شتى أنحاء البلاد لیسدّ الطریق أمام هذا المخطط الصهیونی ؛ فالسعودیة تقود عملیة إبادة جماعیة حقیقیة للشعب الیمنی و بتواطؤ من الدول الغربیة و الدیکتاتوریات العربیة فی الشرق الأوسط بل إنها جریمة إبادة جماعیة بالتواطؤ مع مجلس الأمن الدولی !‏

وبالطبع، فإن عملیات الصمود والرد للجیش الیمنى واللجان الشعبیة على تحالف آل سعود ، تأتی فی سیاق الرد المنطقی على جرائم العدوان الهمجی، وقصف سلاحه الجوی لمناطق مختلفة فی الیمن، عبر استهداف المستشفیات والمدارس والمصانع والطرق والجسور والسدود… فإضافة إلى القصف المتواصل للبنى التحتیة المدنیة ولمؤسسات الدولة والذی أودى بحیاة آلاف الضحایا والذین معظمهم من المدنیین، فإن أحد الإجراءات المفروضة على الیمنیین منذ 26 آذار الماضی من العام المنقضی هو الحصار الجوی والبحری بإشراف الریاض والذی یعید إلى الأذهان الحصار الجوی البحری المماثل الذی تقوم به إسرائیل ضد 1.8 ملیون فلسطینی على قطاع غزة منذ عام 2007 إلى جانب أسالیب التعذیب والإجرام السعودی ضد الیمنیین. ‏

فی هذا المناخ تموج فی الیمن، وفیه تموج ساحات جماهیریة عربیة بالغضب والاحتجاج، منادیة بموقف وتدخل ومناصرة وحتى بوقف للعدوان على الیمن! وفی هذا المناخ أیضاً یستمر تأیید الغرب الإمبریالی للعدوان الصهیونی على الیمن ویتنامى ، مرسخاً توجهات وسیاسات وشروراً وفجوراً تبدیه قیادات غربیة على الخصوص .

وفی هذا السیاق فقد أقر تحالف آل سعود بمشارکة أمیرکا وبریطانیا فی الحرب التی تستهدف الشعب الیمنی، وقال المتحدث باسم التحالف العمید أحمد عسیری: إنّ خبراء عسکریین أمیرکیین وبریطانیین یقدّمون النصح لقوات التحالف بشأن کیفیة تحسین عملیات القصف الجوی، مضیفاً: إن الخبراء یعکفون على إعداد تقاریر موسعة وتحسین آلیات العملیات، مشیراً إلى أنهم عقدوا ورشة عمل خلال الأیام القلیلة الماضیة فی مقر تحالف العدوان.
‏ ان المأساة التی تصنعها حرب الإبادة الجاریة فی الیمن التی یتزعمها بنو سعود، لا تکشف فقط عن وجه قبیح لعدوان وحشی تتلبسه رغبات هستیریة فی القتل والتدمیر، ولکنها تکشف أیضاً عن جانب لا یقل بشاعة هو وجود هذا الحشد الکبیر من أصحاب الضمائر المیتة والنفوس الخربة.

هؤلاء سواء کانوا سیاسیین أو إعلامیین أو غیرهم شرکاء فی الجریمة بالتأیید أو التبریر أو التحریض أو التضلیل أو حتى بالصمت .
وهذا هو الوجه القبیح للمأساة، غیر أنه فی أحلک لحظات الألم والمعاناة تظل هناک نقطة ضوء تبعث الأمل فی النفوس التی أضناها الظلم وأنهکتها عذابات شعب یتمسک بحقه فی أن یحتفظ بهویته وأن یکون له وطن مستقل وحر، لا یأتمر بأوامر السعودیة أو غیرها من الکیانات الوظیفیة.
والحق أن الدول التی تمثل الاستعمار القدیم ـ الجدید والتی ترى فی نفسها رسلا مبشرین ومبعوثین من العنایة الإلهیة للتبشیر بالدیمقراطیة وحقوق الإنسان وحمایة المدنیین وحریة التعبیر، أسقطت خیارها الأوحد والأخیر لإثبات حسن النیة والبرهنة على اتساق مواقفها السیاسیة والأخلاقیة حیال ملفات المنطقة، وبذلت قصارى الجهد لتوفیر غطاء سیاسی وعسکری ومادی وإعلامی مناسب لجرائم آل سعود بانحیازها لإرهابه وإجرامه لیس فی الیمن وإنما فی سوریة والعراق ولبنان…
فالشعب الیمنی یباد بنیران السعودیة وحلفائها تحت طائلة بند ما یوصف بعودة الشرعیة…، مقدمین للعالم بأسره صورة منقوصة ومجحفة، بل ومناقضة للحقیقة لیس لعدم تکافؤ الطرفین المتواجهین (النظام السعودی المعتدی والشعب الیمنی المعتدى علیه) فحسب، بل وإسقاط حق الشعب الیمنی فی دفع العدوان والظلم عن نفسه وأرضه، هذا إذا کان الاتفاق لا یزال معقوداً على أن مقاومة العدوان حق مشروع یمنحه میثاق الأمم المتحدة والقانون الدولی.

وإذا کان الشیء بالشیء یذکر ، فإنّ الأمم المتحدة فقدت کل شرعیتها وفشلت مرة جدیدة فی مهمتها کحامیة للقانون الدولی و للسلم العالمی ولم یعد وجودها مبرراً مثلما حل بعصبة الأمم التی ذهبت إلى مزبلة التاریخ من أجل السبب ذاته . فهی بقرار مجلس أمنها تقود الیمنیین إلى الموت إما جوعاً أو تحت تأثیر قصف دول التحالف السعودی .‏

إنّ مملکة تصب جام غضبها على الأبریاء ، فقررت إبادة مناطق بکاملها لإثبات نظریة نجاح عاصفة الحزم، بإظهار ”الحزم” اتجاه الأطفال والرضع والنساء على حین یهرب جنودهم من المواجهة المباشرة کما حدث ویحدث فی عدة مواقع سعودیة .

مصادر:

http://civiliansinconflict.org/uploads/files/publications/CIVIC_Report_Yemen_2016_Arabic.pdf
http://www.yamanyoon.com/?p=27929
http://www.un.org/arabic/news/story.asp?NewsID=29353#.WaEYtlSg_IU