تقریر المنظمة الأوروبیة السعودیة لحقوق الإنسان

رمز المدونة : #3299
تاریخ النشر : سه شنبه, 23 مرداد 1397 23:20
عدد الزياراة : 609
طبع الارسال الى الأصدقاء
سوف ترسل هذا الموضوع:
تقریر المنظمة الأوروبیة السعودیة لحقوق الإنسان
  • Reload التحديث
بزرگ یا کوچک بودن حروف اهمیت ندارد
الإرسال
حقوق الإنسان فی السعودیة 2017: إضطهاد وترهیب للشعب، وتکسیر للمجتمع المدنی

مقدمة

أحداث متسارعة شهدتها المملکة العربیة السعودیة فی 2017 طالت الجوانب الإقتصادیة والإجتماعیة والأمنیة والسیاسیة والدینیة، تلاصق معها اسم ولی العهد محمد بن سلمان. ففی 21 یونیو 2017 صدر أمر ملکی بتعیینه ولیّا للعهد ونائبا لرئیس مجلس الوزراء، لیضاف ذلک إلى رزمة مناصب أخرى یشغلها، حیث سبقها فی 23 ینایر 2015 تعیینه وزیرا للدفاع ورئیساً للدیوان الملکی ومستشاراً خاصاً للملک، وفی 29 ینایر 2015 کان قد صدر أمر ملکی بإنشاء مجلس الشؤون الاقتصادیة والتنمیة برئاسة محمد بن سلمان، ومجلس الشؤون السیاسیة والأمنیة الذی رأسه بدایة محمد بن نایف حتى إقالته فی 21 یونیو 2017 لیترأسه فیما بعد محمد بن سلمان.

فی أبریل 2016 أُعلن محمد بن سلمان عن “رؤیة 2030“، والتی قُدمت باعتبارها خطة تحول إقتصادی. کما أطلق فی أکتوبر 2017 مع إفتتاح مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، وعودا بالإصلاح الإقتصادی، کما قال أنه سیسعى إلى محاربة “التطرف” دون أن یکون هناک تعریف محدد لماهیة التطرف المقصود. شهدت البلاد خلال هذا العام توقف الحکومة عن إصرارها على حرمان النساء من قیادة السیارة، والسماح لهن بحضور مباریات کرة القدم، والسماح بإنشاء صالات سینما التی کانت ممنوعة فی البلاد.

فی 4 نوفمبر 2017 صدر أمر ملکی بتشکیل لجنة علیا برئاسة ولی العهد محمد بن سلمان، تهدف إلى مکافحة الفساد، وبدأت على إثر ذلک سلسلة من الإعتقالات طالت أمراء ومسؤولین. روّج محمد بن سلمان إلى أن هذه اللجنة جزء من خطته الإقتصادیة الإصلاحیة، وقال خلال مقابلة تلفزیونیة إنه إن لم تکن مکافحة الفساد على رأس السلطة فلا جدوى منها، مضیفاً أن أی أحد تتوفر ضده الأدلة الکافیة سیحاسب أکان وزیراً أم أمیراً. إلا أن ما قالت الحکومة أنه مکافحة للفساد، تضمن فی الواقع تجاوزات أساسیة وإنتهاکات متعددة، ولم یکن هناک معیاریة واضحة، إذ تشیر أدبیات مکافحة الفساد أن “المواجهة الشاملة للفساد تتضمن مؤسسات فعالة، وقوانین ملائمة، وإصلاحات لتحقیق الحکم السدید، وکذلک إشراک جمیع الجهات المعنیة صاحبة المصلحة فی العمل داخل الحکومة وخارجها”، وهذا غیر متوفر فی السعودیة. إضافة إلى ذلک ظهرت فی هذه الإعتقالات إنتقائیة واضحة، فبینما أعتقل بعض الأمراء والأثریاء، إلا أنه یوجد فی البلاد أعداد مضاعفة من أمراء وأثریاء آخرین یمارسون أعمالهم بنفس الأسالیب المالیة والإداریة، کما إنه لاتوجد سلطات مستقلة یمکنها التحقیق أو مقاضاة الملک أو ولی العهد.

لم ینتج عن تلک القرارات والخطوات تحسینا لحالة حقوق الإنسان المتردیة فی البلاد، بل إن عدد منها أوضح أن أصحاب القرار السیاسی فی البلاد لایولون لحقوق الإنسان أهمیة، وبعضها کان تدمیرا مباشرا للحریات والقوانین وللمجتمع المدنی.

تستعرض المنظمة الأوروبیة السعودیة لحقوق الإنسان حالة حقوق الإنسان فی السعودیة 2017، وهو العام الثالث من زمن العهد الجدید، وتقدم صورة أشمل للواقع الذی تمربه البلاد، بعیدا عن محاولات التجمیل والتضلیل الرسمیة، وذلک فی موضوعات: الإلتزامات الدولیة، المواقف الدولیة، القتل خارج نطاق القضاء، شروط المحاکمة العادلة، التعذیب، حقوق الطفل، حقوق المرأة، حریة الرأی والتعبیر والحق فی التجمع السلمی وإنشاء الجمعیات، إستخدام العنف المفرط، الحریة الدینیة، العنصریة، الحقوق الثقافیة، المدافعین عن حقوق الإنسان وإستخدام قوانین الإرهاب.

الإلتزامات الدولیة

منذ 2008 تصر السعودیة على رفض طلبات زیارات المقررین الخاصین المستقلین فی الأمم المتحدة، المعنیین بمختلف قضایا حقوق الإنسان، وبعد 9 سنوات من استمراریة الرفض، إستجابت السعودیة فی ینایر 2017 لطلب زیارة کان قد قدّمه المقرر الخاص المعنی بالفقر المدقع وحقوق الإنسان فیلیب ألستون، تلى ذلک زیارة للمقرر الخاص المعنی بحمایة وتعزیز حقوق الإنسان فی سیاق مکافحة الإرهاب بن أمرسون فی أبریل 2017، وفی کلتا الزیارتین لم توفر لهم الحکومة السعودیة الضمانات والتسهیلات اللازمة لأداء عملهم بشکل فعَّال، ومن ضمنها حریة التنقل وحریة النفاذ إلى السجون وحریة التواصل مع الإعلام والمجتمع المدنی وحریة النفاذ الکامل إلى جمیع المواد التوثیقیة المتصلة بولایتهم.

قدم المقرران تقاریر حول الزیارة إلى مجلس حقوق الإنسان تضمنت ملاحظات وتوصیات، إلا أن الواقع یحکی عن عدم عنایة السعودیة بتلک الملاحظات والتوصیات. فعلى الرغم من إبداء إمرسون قلقه حول قانون مکافحة الإرهاب وإستخدامه ضد الناشطین والحقوقیین وغیرهم، وذلک فی بیان ختام زیارته فی 4 مایو 2017، قامت الحکومة السعودیة بتعدیلات على القانون فی نوفمبر 2017 تضمنت بنوداً جدیدةً تکرس تجریم التعبیر عن الرأی ومعاقبة منتقدی الملک وولی عهد، کما مضت الحکومة فی إستخدام هذا القانون والمحکمة الجزائیة المتخصصة لملاحقة ومحاکمة النشطاء والحقوقیین.

وعلى الرغم من حث المقرر الخاص بالفقر المدقع وحقوق الإنسان “ألستون” الحکومة السعودیة، بإشراک المواطنین فی القرارات التی إتخذتها على الصعید الإقتصادی، خصوصاً إذا ما أرید إنجاح خطة 2030، مضت الحکومة فی اعتقال إقتصادیین ورجال أعمال على خلفیة إنتقادهم للخطط والقرارات الإقتصادیة، وبینهم المحلل الإقتصادی عصام الزامل الذی أعتقل على ما یُعتقد لانتقاده رؤیة 2030 الاقتصادیة وقرار بیع حصة من شرکة آرامکو، وکذلک الصحفی جمیل فارسی الذی یُعتقد أیضا أنه اعتقل لإبداءه أراء إقتصادیة من ضمنها قرار بیع حصة من آرامکو أیضا.

إضافة إلى ذلک، استمرت الحکومة فی تجاهل إلتزاماتها الدولیة وخاصة آلیات مجلس حقوق الإنسان التی تشغل عضویته للمرة الرابعة، حیث لم تستجب للتوصیات التی رفعها عدد من المقررین الخاصین ولم تلتزم بتعهداتها.

کذلک أعرب المقرر الخاص المعنی بحالة المدافعین عن حقوق الإنسان میشیل فورست، فی 3 مارس 2017، عن مخاوفه الجدیة فیما یتعلق بحالة المدافعین عن حقوق الإنسان، حیث قال أنه ووفقا للمعلومات المتاحة منذ 2014، فإن هناک تزاید فی إستهداف السعودیة للمدافعین عن حقوق الإنسان. وفی 8 مارس 2017 قدم المفوض السامی لمجلس حقوق الإنسان زید بن رعد الحسین، تقریره السنوی الذی تطرق إلى مسألة عقوبة الإعدام، مشیرا إلى أن أربع دول فقط مسؤولة عن تسعین بالمئة من عملیات الإعدام، التی نفذت فی جمیع أنحاء العالم، ومن بین هذه الدول السعودیة.

وفی تقریر نشر فی 20 سبتمبر 2017، على هامش أعمال الدورة السادسة والثلاثین لمجلس حقوق الإنسان، أشار الأمین العام للأمم المتحدة إلى أن السعودیة إلى جانب 29 دولة، لا زالت تمارس أعمال ترهیب تتراوح بین حظر السفر وتجمید الأصول وصولا إلى الإحتجاز والتعذیب ضد أفراد وجماعات على خلفیة تعاونهم مع مؤسسات وآلیات الأمم المتحدة.

المواقف الدولیة

تعرضت السعودیة خلال 2017 تحت قبة مجلس حقوق الإنسان، لعدد من الإنتقادات الدولیة لانتهاکاتها لحقوق الإنسان، وذلک خلال الدورات العادیة لمجلس حقوق الإنسان، الدورة 34 والدورة 35 والدورة 36. فأثناء الدورة 34 مارس 2017 دعت جمهوریة التشیک الحکومة السعودیة إلى وقف عملیات الإعدام، فیما أبدت فرنسا مخاوفها العمیقة من إستخدام السعودیة لهذه العقوبة. بعثات الدول أمام مجلس حقوق الإنسان انتقدت أیضا استهداف السعودیة للمدافعین عن حقوق الإنسان، حیث أبدت بلجیکا قلقها من إستمرار إستجوابهم وإعتقالهم، فیما شددت آیسلندا على أهمیة حمایة المدافعین عن حقوق الإنسان إلى جانب إبداء قلقها من إستمرار التمییز ضد المرأة.

وفی یونیو 2017 فی الدورة الخامسة والثلاثین لمجلس حقوق الإنسان، طالبتها سویسرا بالوقف الفوری لعملیات الإعدام التی تطال أطفالا، وطالبتها النرویج بحمایة المدافعین عن حقوق الإنسان.

وفی الدورة السادسة والثلاثین فی سبتمبر 2017، نددت آیسلندا بإعدامات السعودیة، التی وصلت إلى 350 إعداماً منذ حصولها على عضویة مجلس حقوق الإنسان للمرة الأولى فی 2006، فیما حذرات سویسرا من إستخدام الخطط الإقتصادیة لمزید من تقیید المجتمع المدنی.

فی یولیو 2017 ‏أبدت کندا قلقها من تصاعد العنف شرق السعودیة، وذلک على خلفیة الهجوم العسکری على مدینة العوامیة، وأکدت أن على الحکومة الإلتزام بالقانون الدولی وخاصة فیما یتعلق بأحکام الإعدام التی صدرت على ١٤ شابا.

القتل خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفیة

مضت الحکومة السعودیة بتنفیذ أحکام القتل، متجاهلة القرارات الأممیة والإنتقادات، فلقد قطعت 146 رأساً خلال 2017، ما بین مواطنین وأجانب، بلغت أعداد السعودیین 90 والبقیة 56 من الأجانب. 60 شخصا من العدد الإجمالی أتهم بجرائم مخدرات، التی لا تعد فی القانون الدولی من الجرائم الأشد خطورة، فی الوقت الذی تزعم السعودیة فی تصریحاتها الرسمیة أنها لاتصدر عقوبة الإعدام إلا فی “أشد الجرائم خطورة”.

إضافة إلى ذلک، فی یولیو 2017، قتلت السعودیة أربعة أشخاص وجهت لهم تهما تتعلق بالمشارکة فی المظاهرات، وتهماً بالعنف، وهم أمجد المعیبد ویوسف المشیخص وزاهر البصری ومهدی الصایغ. هذه الإعدامات نفذت على الرغم من أنهم أکدوا أمام القضاء تعرضهم للتعذیب لإجبارهم على أقوال معینة، ولکن القضاء تجاهل شکاواهم بشکل تام، وأصدر أقواله بناء على أقوال ثُبتت بالتعذیب والإکراه.

إلى جانب الذین اعدمتهم، استمرت السعودیة بإصدار وتصدیق أحکام الإعدام، وعلى الرغم من منهجیة التعتیم التی تتبعها السعودیة فی إجراءات القضاء، أحصت المنظمة حتى یولیو 2017، 47 متهماً یواجهون خطر الإعدام، بینهم على الأقل 8 أطفال، والمعتقل من ذوی الإعاقة منیر آل آدم الذی طالبت اللجنة المعنیة بحقوق الأشخاص ذوی الإعاقة فی الأمم المتحدة الحکومة السعودیة بتعلیق حکم إعدامه ولکن الردود السعودیة اتسمت بالتهرب وبتقدیم حجج تعجیزیة.

وفی 12 دیسمبر 2017 صادقت المحکمة الجزائیة المتخصصة على أحکام إعدام بحق 12 معتقلا بتهمة التجسس لإیران، وقد قامت المنظمة بتحلیل للحکم، أکد إفتقاد محاکمتهم لأبسط شروط المحاکمة العادلة، وتعرضهم للتعذیب بغیة إجبارهم على المصادقة على أقوال مزیفة قام المحققون بکتابتها بأنفسهم، فضلاً عن أن کثیر من التهم الموجهة لهم لیس لها علاقة بالتجسس.

کما أحصت المنظمة، إستمرار الحکومة السعودیة بإصدار وتنفیذ المئآت من أحکام الإعدام بحق متهمین بجرائم مخدرات، غیر الجسیمة فی القانون الدولی، ومنها حالة المعتقل الأردنی حسین أبو الخیر المتهم بتهریب المخدرات والذی صدر بحقه حکم إعدم نهائی فی نوفمبر 2017 قد ینفذ فی أی لحظة رغما عن إفادته أمام القضاء بتعرضه للتعذیب.

کما نفذت السعودیة عددا من حالات القتل فی الشوارع، فی عملیات ذات صلة بهجومها العسکری على العوامیة الذی بدأ فی 10 مایو 2017.

شروط المحاکمة العادلة

تفتقد المحاکمات فی السعودیة لشروط المحاکمة العادلة، فلا تزال الحکومة تحرم المعتقلین من أغلب حقوقهم منذ لحظة الإعتقال وحتى إنتهاء المحاکمات، ورغم الحرمان الواسع من کثیر من الحقوق الهامة والأساسیة، إلا أن المحاکم تستمر بإصدار أحکام بالإعدام، بغض النظر عن الظروف والإنتهاکات التی تعرض لها الضحایا، حتى لو کانت تعذیبا وإکراها على أقوال محددة. ففی یولیو 2017 صادقت المحکمة الجزائیة المتخصصة على أحکام إعدام بحق معتقلین متهمین بالتجسس على الرغم من النقص الحاد فی حقوق ما قبل المحاکمة الذی وثقته المنظمة، حیث لم یحصل بعض المعتقلون على حقهم بالاستعانة بمحامین إلا بعد إنعقاد أول جلسة، ولم یتمکن المحامون فیما بعد، من تأدیة دورهم حتى فی حدوده الدنیا، للدفاع عن موکلیهم، وبعض المتهمین جرت محاکمته بدون محامٍ، وبعضهم لم یقدم حتى مذکرة دفاع.

کذلک لاتتوفر ظروف صحیة ملائمة لبعض المعتقلین، مایؤثر بدوره على حالة السجین بشکل عام وعلى دفاعه عن نفسه، وفی بعض الأحیان تحرم الحکومة السعودیة بعض المعتقلین من حقهم فی الحصول على علاج، مما یهدد حیاتهم، فبحسب المعلومات، عانى الباحث والأکادیمی الدکتور مصطفى الحسن، الذی أعتقل ضمن حملة إعتقالات سبتمبر 2017، ظروفاً صحیة سیئة داخل السجن بسبب إصابته بمرض السرطان وحرمانه من الحصول على العلاج اللازم.

وفی ینایر 2017 أصدرت المحکمة الجزائیة المتخصصة حکما إبتدائیاً بالإعدام على المعتقل حیدر آل لیف، بعد محاکمة افتقرت إلى شروط العدالة، حیث وضع فی السجن الإنفرادی وتعرض للتعذیب ولم یستطع الإستعانة بمحام إلا بعد إنقعاد ثلاثة جلسات من المحاکمة.

إلى جانب ذلک، فإن توثیق المنظمة حول الإعدامات التی نفذت بحق المتهمین بقضایا مخدرات، أوضح إفتقداها لشروط العدالة، مثل الحق فی الإستعانة بمحام منذ لحظة الإعتقال، والحق فی الإتصال بالعالم الخارجی، إضافة إلى الحق فی النظر المنصف فی القضایا وإفتراض البراءة، وحق الأجانب فی الإستعانة بمترجم.

التعذیب

على الرغم من تصدیق السعودیة على إتفاقیة مناهضة التعذیب وغیره من ضروب المعاملة القاسیة فی1997، لا زالت السجون السعودیة تشهد حالات تعذیب تهدف للإجبار على إعترافات محددة. وبحسب توثیق المنظمة فإن أحکام إعدام صدرت من قبل المحکمة الجزائیة المتخصصة إستندت إلى إعترافات أنتزعت تحت التعذیب. ففی مایو 2017 صادق القضاء السعودی على أحکام إعدام بحق 14 سجینا بینهم قاصرین، على الرغم من أن عدد منهم أخبروا القاضی بتعرضهم للتعذیب وضروب المعاملة القاسیة والإکراه من أجل انتزاع إعترافات، لکن القضاء لم یکترث بمزاعم التعذیب أو بمطالب المعتقلین بمسائلة المحققین.

وإلى جانب إتفاقیة مناهضة التعذیب فإن السعودیة صادقت أیضا على إتفاقیة حقوق الطفل، إلا أن التعذیب والمعاملة القاسیة لم یستثن حتى الأطفال، وقد وثقت المنظمة حالات تعذیب 16 طفلا. فی 18 أغسطس 2017 إعتقلت الحکومة السعودیة الطفل محمد عبدالرزاق اللباد وعمره 16 عاما، وعُذب فی مرکز شرطة فی العوامیة بالضرب على الوجه، والضرب على أماکن متفرقة من الجسد بعصا خشبیة، ثم نقل إلى سجن المباحث فی الدمام المخصص للبالغین، ولم یعرض على محاکمة حتى نهایة 2017. وفی 6 یونیو 2017 اعتقل الطفل محمد عصام الفرج حینما کان عمره 15 سنة، وذلک بعد خروجه من صالة للعب البلیارد فی المدینة المنورة، حیث تعرض لسوء معاملة ولا زال معتقلا من دون أن یعرض على محاکمة.

إضافة إلى ذلک وثقت المنظمة تنفیذ أحکام إعدام خلال 2017 تم الحکم على الضحایا فیها وفق أقوال تحت التعذیب، بینها الإعدام الجماعی لزاهر البصری ویوسف المشیخص وأمجد المعیبد ومهدی الصائغ.

حقوق الطفل

فی مخالفة للتوصیات التی قدمتها لجنة حقوق الطفل خلال 2016 إلى السعودیة، إزدادت إنتهاکاتها خلال 2017 تجاه الأطفال. ففی 11 سبتمبر 2017 صادقت المحکمة على حکم الإعدام الصادر بحق القاصر عبد الکریم الحواج، بعد ان قضى 5 أشهر فی زنزانة إنفرادیة تعرض خلالها للتعذیب عبر ضربه بالعصی وأسلاک الکهرباء، والرکل بالأحذیة الثقیلة، وصعقه بالکهرباء، وربط یدیه إلى أعلى أکثر من 12 ساعة، ومنعه من الدخول إلى الحمام. کذلک مورس علیه التعذیب النفسی من خلال الإهانات اللفظیة والتهدید بقتل والدیه، والتهدید بنزع أظافره، على الرغم من تأکید لجنة حقوق الطفل فی الأمم المتحدة أن الحکم الصادر بحق الحواج إنتهاک للقوانین الدولیة.

وفی 5 مایو 2017 نقلت الحکومة السعودیة الطفل مرتجى قریریص إلى سجن مباحث الدمام السیء السمعة والمعروف بالتعذیب الشدید وسوء المعاملة والمخصص لمن بلغ سن 18 عاما، ولم یصدر بحقه حکم على الرغم من مرور أکثر من 3 سنوات على إعتقاله فی سبتمبر 2014.

إضافة إلى ذلک وبحسب توثیق المنظمة، فإن 7 أطفال على الأقل یواجهون خطر الإعدام، کما أن الحکومة السعودیة لاتستثنی الأطفال من نهج التعذیب الذی تستخدمه لإنتزاع إعترافات.

حقوق المرأة

فی 26 سبتمبر 2017 أصدر الملک سلمان بن عبد العزیز أمرا تتوقف بموجبه الحکومة السعودیة عن حرمان المرأة من قیادة السیارة، مع حلول یونیو 2018، لینهی عقودا کانت السعودیة هی البلد الوحید فی العالم الذی یمنع المرأة من القیادة. سبق ذلک عدد من القرارات، منها السماح للمراة بالحصول على الخدمات الحکومیة من دون موافقة ولی أمرها فی مایو 2017، مع شرط أن لا یکون هناک سند نظامی للطلب وفق الشریعة الإسلامیة. حاولت الحکومة السعودیة من خلال هذا الأمر تخفیف الضغوط المطالبة باحترام حقوق المرأة، خصوصا ضغوطات الحراک النسوی داخل البلاد، إلا أن هذا الأمر الملکی لم یمتد لیشمل إیقاف نظام ولایة الأمر، الذی یبقی المرأة تحت وصایة الرجل فی معظم معاملاتها.

فی یوینو 2017 دخلت الحملة التی تقوم بها الناشطات السعودیات للمطالبة بإسقاط ولایة الرجل على المرأة، عامها الثانی، کصورة بارزة على استمراریة المعاناة المستمرة للمرأة فی السعودیة.

إضافة إلى ذلک، لا زالت القوانین فی السعودیة غیر قادرة على حمایة النساء. ففی أکتوبر 2017 إختفت الشابة آمنة آل جعید، التی کانت قد خرجت من منزل والدها بسبب تعرضها للعنف، إلا أنها لم تلجأ إلى الجهات الرسمیة خوفا من الإنتقام.

کذلک یخشى على الأختین أشواق وأریج من الإعادة القسریة للسعودیة، بعد فرارهما من البلاد بسبب المعاملة الأسریة السیئة.

وفی أبریل 2017 أوقفت السلطات الفلبینیة، الفتاة دینا علی حینما کانت فی طریقها إلى أسترالیا، بعد طلب السفارة السعودیة ذلک، وأُجبرت على العودة إلى البلاد. وأکدت دینا فی مقطع فیدیو أنها ضحیة للعنف الأسری، وأنها تواجه خطر الموت فی حال تم إرجاعها للبلاد، وعلى الرغم من المخاوف، تم إعادتها للبلاد قسرا. عند وصولها إلى البلاد توجه عدد من النشطاء ومن أصدقاء دینا إلى المطار، بینهم آلاء العنزی (24 عاما)، حیث أشارت المعلومات إلى أنها اعتقلت لعدة أیام فی دار رعایة الفتیات فی مدینة الریاض.

إضافة إلى ذلک، إستمرت الحکومة السعودیة بسیاسة مضایقة المدافعات عن حقوق الإنسان، ففی یونیو 2017 أعتقلت المدافعة لجین الهذلول من مطار الدمام لمدة 3 أیام من دون أن توجه لها أی تهمة، وکانت قد أعتقلت فی العام 2014 بسبب مشارکتها فی حملة لکسر الحظر على قیادة السیارة.

کذلک تم إعتقال المهتمة بالدفاع عن حقوق المرأة مریم العتیبی فی 17 أبریل 2017 أثناء وجودها فی عملها، وسجنت مایقارب 100 یوم. إعتقالها ذو صلة بنظام الولایة الذی یمکن من خلاله لبعض أرباب الأسر التحکم بالمرأة فی جوانب مختلفة، فی ظل عدم وجود قوانین تحمیها أو تنصفها أو قضاء مستقل.

کما اعتقلت الحکومة السعودیة فی أکتوبر 2017، السیدة عائشة المرزوق أثناء عودتها من السوید من محل لجوئها السیاسی.

بخصوص غالبیة القرارات التی أصدرتها السعودیة، وروجت لها فیما یخص المرأة، فإنه لاتوجد ضمانات لتنفیذها بالشکل الکافی، لأسباب عدیدة من بینها قلة النساء فی المراکز القیادیة، إضافة إلى التضییق المستمر على الناشطات الحقوقیات من خلال الإعتقال والمحاکمة والتهدید، ومنعهن من إنشاء منظمات حقوقیة، على الرغم من مضی أکثر من سنتین على إصدار نظام الجمعیات والمؤسسات الأهلیة.

حریة الرأی والتعبیر والحق فی التجمع السلمی وإنشاء الجمعیات

ضاعفت الحکومة السعودیة خلال 2017 من حدة التضییق على حریة الرأی والتعبیر، حیث شنت حملات إعتقال واسعة طالت شرائح مختلفة من المواطنین، ومطالبین بالإصلاح، ومدافعین عن الحقوق. فی الوقت الحالی، لاتوجد صعوبة فی السعودیة فی تجریم الآراء السلمیة والإصلاحیة، وذلک عبر مجموعة قوانین، تم صیاغتها بطرق فضفاضة، وتستخدم لتجریم التعبیر عن الرأی، وذلک مثل نظام مکافحة الإرهاب، الذی أضیفت له تعدیلات مؤخراً، لم تغیر من توجه السعودیة السیء فی استخدامه فی معاقبة أصحاب الرای.

إضافة إلى ذلک، لا زالت الحکومة السعودیة لاتتیح مجالاً للعمل الإعلامی المستقل فی داخل البلاد، وکل الإعلام فی الداخل یسیر وفق المحددات التی تفرضها الحکومة، کما تستمر بسیاسة حجب وإغلاق المواقع. ففی یولیو 2017 حجبت موقع (عرب 48)، کما لا زالت تحجب موقع منظمات حقوقیة بینها موقع المنظمة الأوروبیة السعودیة. وفی مایو 2017 وعلى خلفیة خلاف سیاسی بین السعودیة وقطر، أغلقت الحکومة السعودیة مواقع قناة الجزیرة القطریة ومنعت بثها کما أغلقت مواقع کافة الصحف القطریة.

فی ینایر 2017 أصدرت المحکمة الجزائیة المتخصصة، حکما بسجن الکاتب نذیر الماجد 7 سنوات واعتقلته على الفور بناء على تهم تتعلق بتعبیره عن رأیه، بینها “کتابات مؤیدة للمظاهر الاحتجاجیة فی محافظة القطیف، والمطالبة بإصلاحات سیاسیة ورفع التمییز”.

فی سبتمبر 2017، اعتقلت القوات السعودیة بشکل تعسفی 43 شخصا على الأقل، بحسب المصادر الأهلیة، بینهم رجال دین وأکادیمیین وکتاب وصحفیین. لم یوضح بشکل رسمی وقانونی ماهی التهم الموجهة لهم، إلا أن وسائل الإعلام الرسمیة إتهمتهم بالتجسس لصالح دولة أجنبیة، وذلک على إثرالخلاف الذی إستجد خلال 2017 مع قطر. وبحسب الإنطباعات الإجتماعیة، فإن الإعتقالات أسبابها متعددة، ومنها مواقف بعضهم من سیاسات الحکومة السعودیة الخارجیة أو الداخلیة، والبعض له إنتقادات للخطوات الإقتصادیة أو الإجتماعیة أو الدینیة، ومن بین المعتقلین الشاعر زیاد بن نحیت المزینی الحربی، الذی أشارت المعلومات إلى أنه أعتقل بسبب فیدیو انتقد فیه التغطیة الإعلامیّة الرسمیة السعودیة للأزمة الخلیجیّة. إضافة إلى ذلک إعتقلت الحکومة السعودیة عددا من الکتاب والصحفیین بینهم الإعلامی فهد السنیدی.

إلى جانب الإعتقالات مارست الحکومة السعودیة إنتهاکات بحق عائلات المعتقلین، ففی أکتوبر 2017، اعتقلت الحکومة السعودیة العباس حسن المالکی، نجل الشیخ حسن فرحان المالکی الذی کان قد أعتقل فی 11 سبتمبر 2017. المعلومات أشارت إلى أن إعتقال العباس جاءت على خلفیة تغریدات تحدث فیها عن إعتقال والده. و یعرف الشیخ المالکی فی المجتمع السعودی باهتمامه بأبحاث دینیة تختلف مع وجهة النظر الدینیة الرسمیة التی ترعاها الحکومة السعودیة. وفی أکتوبر 2017 أکد الدکتور عبد الله العودة نجل الشیخ سلمان العودة المعتقل، المقیم فی الولایات المتحدة، أن إخوته وبینهم أطفال قد منعوا من السفر خارج البلاد لأسباب غیر معروفة.

إضافة إلى ذلک، لا زالت الحکومة السعودیة تمنع تأسیس الجمعیات والمنظمات المستقلة، فمنذ بدایة 2017 تقدمت المدافعة عن حقوق الإنسان نسیمة السادة بطلب تأسیس جمعیة تحت إسم “نون” للدفاع عن حقوق المرأة إلا انها لم تتلق أی جواب. إضافة إلى ذلک استمر القضاء السعودیة بملاحقة وتجریم مواطنین على خلفیة تأسیس جمعیة حقوقیة وبینهم المدافعان عن حقوق الإنسان محمد العتیبی وعبد الله العطاوی.

إستخدام العنف المفرط

شهد 2017 عنفا حکومیا غیر مسبوق، بالنظر للعقود الأخیرة فی تاریخ السعودیة. ففی شهر مارس قامت الحکومة السعودیة بسلسلة من المداهمات داخل مدینة العوامیة، تحت حجة ملاحقة مطلوبین، استخدمت خلالها أنواع مختلفة من الأسلحة، وأدى العنف الحکومی وسط الأحیاء المدنیة، لقتل عدد من الأشخاص، بینهم الطفل ولید العریض الذی قنصته القوات العسکریة حین تواجده على باب منزله، واتهمته فی إعلامها الرسمی بإنه إرهابی ومطلوب، ولم تسلم جثمانه لأسرته، رغم مطالبتهم بإستعادته ودفنه فی مقبرة العوامیة، مسقط رأسه.

فی 10 مایو 2017 دخل العنف الحکومی فصلا تصعیدیا، حیث شنت القوات السعودیة حملة عسکریة فی مدینة العوامیة وماجاورها، والتی هی مسقط رأس المطالب بالعدالة الإجتماعیة الشیخ نمر باقر النمر الذی قتلته السعودیة فی 2 ینایر 2016على خلفیة نشاطه السلمی ومطالبه بإلإصلاح والتغییر. أدت الحملة العسکریة إلى خسائر جسیمة، أسفرت عن قتل وجرح عشرات المدنیین بینهم نساء وأطفال، کما أدت الحملة لتدمیر “حی المسورة” التاریخی الذی حث خبراء الأمم المتحدة الحکومة السعودیة على عدم هدمه.

وفی الوقت الذی قالت الحکومة أیضا إنها تهدف من وراء العملیة العسکریة ملاحقة مطلوبین، کان قتل وجرح المدنیین والذی لم یستثن الأطفال والنساء واحدا من مهمات القوات الحکومیة المتواجدة، ففی 12 یونیو 2017 فقط، تم إحصاء حوالی 30 إصابة، بینهم الطفل سجاد أبو عبدالله الذی مات متأثراً بجراحه فیما بعد. وإضافة للقتلى والجرحى، خلفت العملیة العسکریة تدمیرا فی أرجاء مختلفة من العوامیة إضافة إلى تشرید آلاف الأشخاص. وبالرغم من التدمیر الذی طال ممتلکات المواطنین جراء استخدام القوات السعودیة للمدافع وقذائف الأر بی جی على نطاق واسع، لم تقدم الحکومة تعویضات للمواطنین.

وفی الأول من یونیو 2017، أقدمت الحکومة السعودیة على تنفیذ عملیة قتل خارج نطاق القضاء، طالت مواطنان من المطلوبین، محمد الصویمل وفاضل عبدالله آل حمادة. کما لوحظ أثناء العملیة العسکریة أن الحکومة السعودیة قامت بقتل مواطنین مدنیین لیس لهم علاقة بالإحتجاجات أو بإستخدام السلاح، وبعضهم کان عابرا فی الطریق ماشیا أو فی سیارته، واتهمتهم فیما بعد فی صحفها الرسمیة بإنهم إرهابیین أو مطلوبین، وقد أحتجزت لدیها بعض الجثامین ولم تسلمهم لأسرهم.

الحریة الدینیة

استمرت الحکومة السعودیة خلال 2017 فی تطویق الحریات الدینیة. ففی سبتمبر 2017 قامت القوات الأمنیة بهدم وإزالة “مضائف حسینیة” فی بلدة القدیح، ویأتی ذلک بعد قیامها بهدم وجرف العدید من دور العبادة والمضائف الحسینیة فی بلدة العوامیة، أثناء عملیتها العسکریة، بالإضافة إلى اعتقالها أشخاص على خلفیة مشارکتهم بمواکب العزاء بینهم منشدین إسلامیین.

إضافة إلى ذلک تم تثبیت الحکم على الشاعر الفلسطینی أشرف فیاض المعتقل منذ ینایر 2014 بالسجن 8 سنوات، حیث کانت المحکمة قد تراجعت عن حکم الإعدام الذی صدر بحقه، وذلک على خلفیة تهم تتعلق بآراء فکریة وقصائد شعریة.

وفی فبرایر 2017 اعترف وزیر التعلیم السعودی أن المناهج الدراسیة الرسمیة تحتاج إلى إصلاح شامل، إذ أن التقاریر أکدت أنها تعزز الکراهیة والتعصب ضد کل من ینتمی إلى دین أو ممارسة فکریة مختلفة عن الرسمی، ولکن لاتزال المناهج ذاتها تُدرس، ولاتوجد أی قرارات لإیقافها أو تصحیحها.

العنصریة

إستمرت الحکومة السعودیة خلال 2017 بممارسات عنصریة ضد الأقلیات الدینیة والقبائل من خلال أجهزتها الرسمیة والمؤسسة الدینیة والتعلیمیة الرسمیة، ورجال دین موظفین حکومیین وغیرهم، وفی مارس 2017 وبمناسبة الیوم العالمی للقضاء على التمییز العنصری، أصدرت المنظمة الأوروبیة السعودیة بیانا وثقت فیه عددا من الممارسات الرسمیة العنصریة.

إضافة إلى ذلک إستمرت السیاسات السعودیة فی تکریس العنصریة بحق عدیمی الجنسیة من سکان البلاد “البدون”، من خلال المضی فی حرمانهم من حقوقهم الأساسیة بالجنسیة والعمل والتعیلم. کما تکرس السیاسات الرسمیة وخاصة مع الأزمة الإقتصادیة التی تعیشها البلاد، العنصریة ضد العامل الوافدین، إذ یتم فی بعض الأحیان تبریر الفقر الذی یعیشه المواطنون بسبب وجود العمال الأجانب، ما یؤدی بدوره لتنامی الکراهیة، وشهدت مواقع التواصل الإجتماعی خلال 2017 حملات عنصریة ضدهم، وکذلک لاتزال السعودیة تطبق نظام “الکفالة” الذی یمکن إعتباره الشکل العصری للعبودیة، خصوصا حینما یترافق ذلک مع غیاب أنظمة من شأنها حمایة العمال.

فی الرابع من أبریل 2017، شارکت امرأة سعودیة مقاطع فیدیو لنفسها وهی تمارس معاملة مهینة لعاملة منزلیة، ولایوجد فی السعودیة ما یوفر الحمایة الفعلیة لعاملات المنازل، بل فی بعض الأحیان یکون لجوئهن للشرطة أو غیرها، أکثر ضررا لهن، کأن یتم ترحیلهن قسراً وفقدانهن للوظیفة.

الحقوق الثقافیة

فی مارس 2017 استعرضت منظمات حقوقیة بینها المنظمة الأوروبیة السعودیة لحقوق الإنسان، خلال ندوة على هامش الدورة 34 لمجلس حقوق الإنسان، إنتهاک السعودیة للحریات الدینیة والثقافیة فی البلاد، من خلال عدم حمایة الأقلیات والتحریض علیها، إضافة إلى التحفظ على عدد من الآلیات والمعاهدات الدولیة التی تحمی هذه الحقوق.

وفی مایو 2017 أصدر عدد من خبراء الأمم المتحدة بیانا طالبوا فیه بوقف هدم حی المسورة التراثی الذی یقدر عمره بأکثر من 400 عام، وإعادة توطین السکان المحلیین. وإعتبرت المقررة الخاصة بالحقوق الثقافیة “کریمة بنون” أن عملیة التدمیر “تمحو آثار هذا التراث الثقافی التاریخی والمعیشی وتشکل انتهاکا واضحا لالتزامات السعودیة بموجب القانون الدولی لحقوق الإنسان”، إلا أن الحکومة السعودیة لم تستجب لنداء المقررین ومضت فی عملیة هدم الحی الأثری.

وفی دیسمبر 2017 أکد تقریر أممی أن الحکومة السعودیة، تندرج ضمن الجماعات التی تستند إلى الأصولیة والتطرف فی ممارساتها والتی تؤدی إلى إنتهاک حقوق المرأة، وخاصة حقوقها الثقافیة.

المدافعین عن حقوق الإنسان وإستخدام قوانین الإرهاب

کان 2017 سوداویا على المدافعین عن حقوق الإنسان والنشطاء والمطالبین بالإصلاح فی السعودیة، واستمر استهدافهم عبر القوانین المعیبة والقضاء الغیر مستقل والأجهزة القمعیة، ولم یسفر إقرار مجلس الوزراء فی نوفمبر 2017 تعدیلات جدیدة على قانون مکافحة الإرهاب، عن أی تحسین فی القانون، إذ مازال یستخدم ضد المتظاهرین والأطفال والمدافعین عن حقوق الإنسان، بل إنه یجرم حریة الرأی عبر إقرار عقوبة بین 5 إلى 10 سنوات لمن یصف الملک أو ولی العهد “بأی وصف یطعن بالدین أو العدالة” بصورة مباشرة أو غیر مباشرة، ویجرّم مجموعة واسعة من الأعمال السلمیة التی لا علاقة لها بالإرهاب.

فی نفس الشهر حکمت المحکمة الجزائیة المتخصصة على المدافعة عن حقوق الإنسان نعیمة المطرود بالسجن 6 سنوات على خلفیة نشاطها الحقوقی، بموجب قانون مکافحة الإرهاب، بتهم بینها المشارکة فی الإحتجاجات، ونشر آراء عبر تویتر تهاجم القضاء.

فی دیسمبر 2017 أطلقت الحکومة السعودیة سراح المدافع عن حقوق الإنسان سلیمان الرشودی الذی یبلغ من العمر 82 عاما بعد أن قضى 5 سنوات من 15 سنة کان قد حکم علیه بها بسبب عمله الحقوقی. إطلاق سراح الرشودی لم یساهم فی تقلیص إنتهاکات الحکومة السعودیة حیث إستمرت فی إستهداف الحقوقیین، ولایزال العدید منهم فی السجون، بأحکام مطولة، بینهم أعضاء جمعیة حسم، الذی تم سجنهم جمیعا، وکان آخرهم عبدالعزیز الشبیلی وعیسى الحامد اللذین اعتقلوا فی سبتمبر 2017، بعد محاکمة لم تتوفر فیها أدنى شروط العدالة، وعبر تهم لاتعتبر جرائم، وتندرج تحت التعبیر السلمی المشروع. وفی فبرایر 2017 حصل المدافع عن حقوق الإنسان ولید أبو الخیر الذی لا زال معتقلا بحکم 15 عاما بسبب عمله الحقوقی على جائزة “الجمعیة القانونیة لکندا العلیا”.

وفی 8 ینایر 2017 ، استدعت إدارة البحث الجنائی فی مکة المکرمة المدافع عن حقوق الإنسان عصام کوشک ، حیث تم إعتقاله والتحقیق معه على خلفیة نشره تغریدات تتعلق بقضایا حقوق الإنسان فی البلاد، وهو ینتظر حالیا صدور الحکم بحقه، وکان من ضمن اهتمامات عصام الواضحة فی تغریداته مکافحة الفساد.

وفی فبرایر 2017 تلقت المدافعة عن حقوق الإنسان سمر بدوی، استدعاء من قبل هیئة التحقیق والإدعاء العام فی مدینة جدة، وذلک ضمن سلسلة استهداف مستمر ومتواصل، على خلفیة عملها الحقوقی.

إضافة إلى ذلک استمرت خلال 2017 محاکمة المدافع عن حقوق الإنسان عیسى النخیفی، المعتقل منذ دیسمبر 2016، ومن المحتمل أن یصدر بحقه حکما قد یصل إلى السجن 20 عاما، نظراً لمطالبة الإدعاء العام بمعاملته بالأمر الملکی أ/44 الذی صدر خصیصا لمعاقبة (المشارک فی أعمال قتالیة خارج المملکة – أو الإنتماء للتیارات أو الجماعات الدینیة أو الفکریة المتطرفة أو المصنفة کمنظمات إرهابیة داخلیاً أو إقلیمیاً أو دولیاً، أو تأییدها أوتبنی فکرها أو منهجها بأی صورة کانت، أو الإفصاح عن التعاطف معها بأی وسیلة کانت، أو تقدیم أی من أشکال الدعم المادی أو المعنوی لها، أو التحریض على شیء من ذلک أو التشجیع علیه أو الترویج له بالقول أو الکتابة بأی طریقة).

فی 10 یولیو 2017 حکمت المحکمة الجزائیة المتخصصة ببراءة المدافع عن حقوق الإنسان الشیخ محمد الحبیب المتهم بقضایا تتعلق بالدفاع عن حقوق الإنسان والتعبیر عن الرأی وإنتقاده حکم الإعدام ضد الشیخ نمر النمر، إلا أن الحکم نقض لاحقا وحکم علیه بالسجن 7 سنوات.

فی مایو 2017 اعتقلت الحکومة القطریة المدافع عن حقوق الإنسان محمد العتیبی من مطار الدوحة أثناء توجهه للسفر للنرویج بعد أن وافقت على منحه حق اللجوء السیاسی، وتم تسلیمه على الفور للحکومة السعودیة، التی وضعته مباشرة فی سجن مباحث الدمام. واجه العتیبی إلى جانب زمیله عبد الله العطاوی محاکمة بناء على تهم تتعلق بتأسیس جمعیة حقوقیة والدفاع عن حقوق الإنسان، وحکم علیهما بالسجن 21 عاما.

فی مایو 2017 اعتقلت قوات الأمن السعودیة المدافع عن حقوق الإنسان علی شعبان ونقلته إلى سجن القطیف العام، بینما کان فی طریقه إلى الصیدلیة مع ابنته. التقاریر أکدت أن اعتقاله واحتجازه مرتبطان بأنشطته على الإنترنت، حیث أن شعبان نشط فی مجال الحفاظ على البیئة ورفض مشاریع طمر البحر، کما أنه عرف بتعبیره عن رأیه فی قضایا حقوق المرأة وحریة التعبیر ومحاربة الفساد، ویقوم بإستمرار بالدفاع عن ضحایا الإنتهاکات، ویعتقد إن اعتقاله بسبب تعبیره عن رأیه فی قضیة الهجوم العسکری على العوامیة.

إلى جانب جهاز القضاء، إستمرت الحکومة السعودیة خلال العام 2017 بإستخدام أجهزة أخرى لملاحقة النشطاء والمدافعین عن حقوق الإنسان تحت حجة الإرهاب. من بین ذلک تحویل الناشط السیاسی خالد العمیر إلى (مرکز محمد بن نایف للمناصحة والرعایة) الذی تقول الحکومة السعودیة أنه “مؤسسة إصلاحیة مختصة بعملیات المعالجة الفکریة للمتطرفین”، على الرغم من أن التهم التی وجهت للعمیر تتعلق بالدعوة إلى مظاهرات نصرة لفلسطین.

خاتمة

حفل 2017 ببعض الإجراءات والقرارات الملفتة، وبغض النظر عن النقاش الدائر حولها، إلا أنها أکدت وجود إمکانیة حکم مطلقة، وأحادیة، ولها قدرة مفتوحة فی إصدار وتنفیذ قرارات، ولا أدل على ذلک حملة إعتقالات نوفمبر 2017 التی طالت عشرات الأمراء ورجال الأعمال والمسؤولین بحجة مکافحة الفساد تحت إشراف لجنة خاصة أنشأت بأمر ملکی برئاسة ولی العهد محمد بن سلمان، ومنحت صلاحیات متنوعة وواسعة، (ولها الحق فی اتخاذ أی إجراءات احترازیة تراها)، (ولها تقریر ماتراه محققاً للمصلحة العامة)، دون أن تکون هناک قیود أو قوانین ناظمة.

ولکن ورغم الإمکانیة المطلقة فی حکم البلاد، لم تتجه الحکومة نحو إحترام وتعزیز حقوق الإنسان، بل استخدمت القوة والصلاحیة والإمکانیة، فی تعزیز إمتهان حقوق الإنسان وکرامته، ومزید من الإضطهاد، فی تفرد مطلق بحکم البلاد، بعیداً عن سمات الحکم السدید، من قبیل: (الاحترام التام لحقوق الإنسان، وسیادة القانون، والمشارکة الفعالة، والشراکات متعددة الجهات الفاعلة، والتعددیة السیاسیة، والعملیات والمؤسسات الشفافة والخاضعة للمساءلة، ووجود قطاع عام کفء وفعال، والمشروعیة، والحصول على المعارف والمعلومات والتعلیم، والتمکین السیاسی للناس، والمساواة، والاستدامة، والمواقف والقیم التی تعزز المسؤولیة والتضامن والتسامح)، مازاد من الواقع البائس لحقوق الإنسان فی السعودیة بؤساً.

فی 2017 وبعیدا عن مساحیق التجمیل، التی تستخدمها الحکومة السعودیة، فقد مضت فی إنتهاک إلتزاماتها الدولیة وتطویق کل الآراء المعارضة، وملاحقة المطالبین بحقوق الإنسان والمدافعین عنها، إضافة إلى الإستمرار بالسیاسات التمییزیة بحق الأقلیات والعمال الأجانب وعدیمی الجنسیة. وفیما حاولت الحکومة السعودیة أن تظهر صورة جدیدة لتعاملها مع حقوق الإنسان من خلال السماح بزیارات لمقررین أممیین ومن خلال التصریحات الرسمیة، إلا أن ماجرى فی تلک الزیارات، لم یظهر نوایا حسنة للإستفادة من تلک الزیارات، من قبیل تضییق التحرکات وقلة توفیر المعلومات اللازمة.

ترى المنظمة الأوروبیة السعودیة لحقوق الإنسان، أن 2017 تفوق على السنوات القلیلة الماضیة فی حدة الإنتهاکات، وتشکلت فیه بشکل أوضح الأدوار القمعیة للدولة، وکان أبرز هذه الخطوات إنشاء جهازرئاسة أمن الدولة الذی أستحدث فی 21 یولیو 2017 فی إطار التغییرات التی قام بها ولی العهد محمد بن سلمان، وضم الجهاز المستحدث 5 هیئات، بینها المدیریة العامة للمباحث وقوات الأمن الخاصة وقوات الطوارئ الخاصة، والتی تعد الأکثر ضلوعا فی الاعتقالات وانتهاکات حقوق الإنسان.

تشدد المنظمة على أن أی قرارات أو تغییرات لا ترتبط بإعطاء الحقوق وحمایة المدافعین عن حقوق الإنسان وتعدیل القوانین والأنظمة الإداریة بما یحترم حقوق الإنسان، وضمان المحاکمات العادلة ووقف القتل خارج نطاق القضاء أو بإجراءات تعسفیة، وتمکین الشعب من المشارکة الفاعلة فی شؤونه، لایعوّل علیها فی إصلاح البلاد.

 

FacebookTwitterGoogle+نشر

“ تقریر المنظمة الأوروبیة السعودیة لحقوق الإنسان ”

التعليقات

bolditalicunderlinelinkunlinkparagraphhr
  • Reload التحديث
بزرگ یا کوچک بودن حروف اهمیت ندارد
الإرسال