لجوء السوریین إلى مصر: ازدهار مطاعم «الفراریج» لا یوقف حلم الهجرة لأوروبا
لجوء السوریین إلى مصر: ازدهار مطاعم «الفراریج»...
«یوجد شارع اسمه (18) فی منطقة جمال عبد الناصر فی شرق القاهرة تحول اسمه عملیا إلى (شارع سوریا) بعد أن انتشر فیه تجار الجملة السوریون المتخصصون فی القماش، أما مدینة السادس من اکتوبر الشهیرة فقد تحول اسمها عند البعض إلى (دمشق الصغیرة)، بعد أن انتشر فیها السوریون، هکذا یقول الشاب السوری احمد الذی یعمل سائق تاکسی فی القاهرة، فی إشارة إلى اتساع الوجود السوری فی مصر منذ بدایة الأزمة السوریة.
واعتبر أحمد أن «أوضاع السوریین فی مصر فی نعمة مقارنة بأحوالهم فی بلاد أخرى، وبعضهم یحقق أرباحا کبیرة، ویحصلون على رواتب تفوق بعض المصریین، ولذلک أصبحت بعض المحلات السوریة تفضل توظیف مصریین لتزید من الأرباح».
وأضاف «یوجد قرب جامع الحصری الشهیر فی مدینة السادس من اکتوبر، مطعم سوری یصل حجم مبیعاته یومیا إلى أکثر من مائة ألف فروج، وأغلب الزبائن من المصریین» ولکنه یقول بنبرة لا یخلو منها الأسى «ورغم أی نجاح للسوریین لا یوجد مثل بلدنا».
ولا تتوفر إحصائیات رسمیة حول العدد الکلی للاجئین السوریین فی مصر حالیا، وإن کان ثمة اتفاق على أنهم یبلغون أکثر من نصف ملیون شخص، وهذا أقل من رقم الملیون الذی کان بلغه قبل نحو ثلاثة أعوام. أما الرقم الرسمی للمسجلین لدى مفوضیة اللاجئین فیبلغ نحو 141 ألفا، وأغلب هؤلاء یتقاضون مساعدات مالیة تتراوح بین أربعمائة وألف وأربعمائة جنیه مصری (الدولار یساوی نحو تسعة جنیهات رسمیا).
ویفسر البعض رفض کثیرین تسجیل أسمائهم فی المفوضیة وحمل الورقة الصفراء التی تضمن لهم الإقامة الشرعیة فی مصر، بأنهم لا یریدون أن یعرف النظام بمکان وجودهم، خاصة أنهم قد یضطرون إلى العودة إلى سوریا فی المستقبل.
وحسب تصریحات للحکومة المصریة، فإنها فتحت حریة العمل أمام السوریین، وتتعامل معهم مثل المصریین فی الحصول على التعلیم والعلاج، ولکن کثیرین یشکون من صعوبة دخول اللاجئین إلى مصر ما دفع البعض الى التسلل عبر الحدود السودانیة للوصول إلى أسوان فی الجنوب باستخدام مهربین یحصلون على أربعمائة دولار من الشخص الواحد، وهو ما فعله شاب سوری فضل عدم ذکر اسمه. وقال «الدخول الرسمی أصبح بالغ الصعوبة بعد أن کانت التأشیرات غیر مطلوبة لدخول السوریین إلى مصر لسنوات طویلة، وحتى الذین یحصلون على إقامة لا یسمح لهم بالعودة للدخول إذا کانت فترة إقامتهم فی مصر أصبحت أقل من ستة شهور».
وأشار إلى أنه «رغم توافر فرص للعمل، یفضل کثیر من الشباب المغادرة إلى أوروبا عبر الهجرة غیر الشرعیة من السواحل المصریة واللیبیة مع صعوبتها وتکالیفها الباهظة، ولا یرون مستقبلهم فی المطاعم أو المحلات هنا».
وتعددت المصاعب أمام اللاجئین السوریین فی مصر حول الهجرة إلى اوروبا، بعد إغلاق الحدود المصریة اللیبیة خوفا من تسلل الإرهابیین، وفشل المفوضیة التابعة للأمم المتحدة فی توفیر حق اللجوء فی الخارج للسوریین، وبعضهم ینتظر منذ سنوات. وحسب بیان رسمی للمفوضیة فإنها نجحت فی منح حق اللجوء الى 39 سوریا فقط الى کندا فی شهر شباط/فبرایر الماضی، وهی مجرد مجموعة أولى فقط من ستمائة سوری نصفهم تقریبا من الأطفال ما زالوا ینتظرون اللحاق بالآخرین.
ویشکو کثیرون من أن المفوضیة منعت عنهم بعض المساعدات الطبیة والغذائیة والمالیة، وهو ما دفع البعض إلى التوجه إلى دول عربیة وإسلامیة لا تحتاج إلى تأشیرات مثل لیبیا والأردن وترکیا ومالیزیا والسودان.
وبالنسبة لکثیرین من السوریین فإنه رغم النجاح الاقتصادی وسط أجواء من التعایش والترحیب من المصریین رغم أجواء الأزمة المالیة التی تعیشها مصر، إلا أنهم لا یرون بدیلا فی النهایة من العودة الى الوطن، مهما طال الانتظار.