البحرین: یجب ألا یصدِّق الملک على التعدیل الدستوری الذی یجیز محاکمة المدنیین أمام محاکم...
البحرین: یجب ألا یصدِّق الملک على التعدیل...
وجاءت دعوة المنظمة بعد أن صوَّت مجلس الشورى البحرینی (أحد غرفتی "المجلس الوطنی" (البرلمان) بالإجماع، یوم 5 مارس/آذار 2017، لصالح تعدیل المادة 105(ب) من الدستور، وکان مجلس النواب (أحد غرفتی "المجلس الوطنی" (البرلمان) قد صوَّت لصالح التعدیل یوم 21 فبرایر/شباط 2017. وقد أُحیل التعدیل إلى الملک للتصدیق علیه، ویمکن أن یکون التصدیق وشیکاً.
وتشعر منظمة العفو الدولیة بالقلق العمیق من أن الغرض من تعدیل المادة 105(ب) من الدستور هو السماح للمحاکم العسکریة بمحاکمة المدنیین، حیث ألغى البند الذی کان یقصر اختصاص المحاکم العسکریة على محاکمة أفراد الجیش والأمن. وتعارض منظمة العفو الدولیة بشکل مطلق محاکمة المدنیین أمام محاکم عسکریة، لأن هذا یتناقض مع المتطلبات الأساسیة ُحاکم الشخص أمام القانون الدولی ومعاییر المحاکمة العادلة، بما فی ذلک الحق فی أن ی محکمة مختصة ومستقلة ونزیهة.
وفی 2011 ،عندما کانت البحرین تخضع للأحکام العرفیة، أصدرت المحاکم العسکریة ضد عشرات من نشطاء المعارضة ونشطاء حقوق إلانسان والمعلمین والأطباء أحکاما والممرضین والممرضات، بتهمة المشارکة فی مظاهرات، أو معالجة المتظاهرین المصابین، منظمة العفو الدولیة بیان للتداول العام التاریخ: 7 مارس/آذار 2017 وغیر ذلک من الأنشطة غیر العنیفة، وذلک فی محاکمات فادحة الجور.
وطبقا المحاکم العسکریة على الجرائم العسکریة التی تقع للدستور الحالی، "یقتصر اختصاص من أفراد قوة الدفاع والحرس الوطنی والأمن العام، ولا یمتد إلى غیرهم إلا عند إعلان الأحکام العرفیة".
إلا إن التعدیل الجدید لا ینص صراحة على أن اختصاص المحاکم العسکریة یقتصر ُ على الجرائم التی یرتکبها أفراد الجیش، حیث جاء نصه کالتالی: "ینظم القانون القضاء العسکری، ویبین اختصاصاته فی کل من قوة دفاع البحرین والحرس الوطنی وقوات األمن العام".
ولیس من الواضح من نص التعدیل طبیعة القضایا التی ستنظر أمام المحاکم العسکریةالا ان المذکرة الشارحة، التی أعدتها لجنة الشؤون التشریعیة والقانونیة بالحکومة، والمرفقة بالتعدیل المقترح، تنص على أن إنشاء القضاء العسکری "یهدف بصورة أساسیة إلى الحفاظ على خصوصیة الأجهزة العسکریة وسریة المعلومات فیها.
وأن التعدیل أصبح ضروریا تمر به المنطقة العربیة ککل من أزمات وتداعیات تنذر بتهدید أمن المجتمع وکیانه".
کما تنص المذکرة على أن "یمتد اختصاص المحاکم العسکریة لیشمل الجرائم التی یحددها القانون، وبما یحقق الحفاظ على سالمة وهیبة ومصالح کافة الأجهزة العسکریة فی المملکة خاصة قوة دفاع البحرین، باعتبارها المنوط بها الدفاع عن الوطن وحمایته والمحافظة على سیادته وسالمة أراضیه وأمنه". وقد ذکر وزیر العدل البحرینی أن " حاکمون أمام القضاء العسکری المعتدین الذین یقومون بأعمال إرهاب وعنف مسلح" سوف یحاکمون أمام القضاء العسکری بالنظر إلى "أفعالهم القتالیة واعتداءاتهم المسلحة".
ومن ثم، شعور بالقلق من أن التعدیل الجدید، والمذکرة الشارحة له، ًیتسمان بصیاغة ملتبسة وقد تستخدم فی تقدیم أی منتقد یعتبر تهدیدا للأمن الوطنی البحرین .
أو "استقاللها وسیادتها وسالمة أراضیها" إلى المحاکمة أمام محاکم عسکریة، بما فی ذلک محاکمة نشطاء سلمیین بتهم ملفقة کما حدث فی الماضی.
وبالإضافة إلى ذلک، فإذا کان إنشاء المحاکم العسکریة یهدف إلى "الحفاظ ... على سریة المعلومات"، فإن ذلک قد یمهد الطریق إلجراء محاکمات مغلقة، ولحرمان المتهمین من الحق فی الاستعانة بمحامین من اختیارهم، ولغیر ذلک من انتهاکات الحق فی محاکمة عادلة.
أن المحاکم العسکریة تسر ع إجراءات المحاکمة، مما یزید من انتهاک حق المتهمین فی محاکمة عادلة.
فقد جاء فی المذکرة الشارحة أن المحاکم العسکری تستطیع التعامل مع الجرائم بشکل "أکثر مرونة وسرعة... تحقیقا ومعاملة فی أقصر وقت".
کما ذکر وزیر العدل أن "القضاء العسکری هو الأکثر قدرة على تفهم الأعمال العسکریة... وطبیعة الاعتداء على مدنیین... کما إن السرعة والحزم واإلنصاف متوفرة فی القضاء العسکری".
خلفیة
خلال فترة فرض الأحکام العرفیة فی عام 2011 ،حاکمت المحاکم العسکریة، بتهم ملَّفقة عشرات من نشطاء المعارضة ونشطاء حقوق الإنسان السلمیین، وکذلک من الممرضین والممرضات والأطباء و المعلمین بالسجن بسبب دورهم القیادی أو مشارکتهم فی الانتفاضة فی البحرین .
وذلک خلال محاکمات فادحة الجور، حیث قبلت "اعترافات" منتزعة تحت وطأة التعذیب باعتبارها أدلة. وبعد رفع حالة الطوارئ، أعادت محاکم مدنیة محاکمة هؤلاء الذین سبقت محاکمتهم أمام محاکم عسکریة. ولا یزال بعض الذین صدرت ضدهم أحکام فی عداد سجناء الرأی، من بینهم د. علی العکری، المقرر الإفراج عنه یوم 10 مارس/آذار 2017 ،و11 من نشطاء المعارضة یقضون أحکاما 15 سنة والسجن المؤبد.
و تعتبر المحاکمات أمام محاکم عسکریة مخالفة للمتطلبات الأساسیة للقانون الدولی ومعاییر المحاکمة العادلة، حسبما أقرتها المادة 14 من "العهد الدولی الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة"، الذی انضمت إلیه البحرین کدولة طرف.
ومن هذه المتطلبات الحق فی أن یحاکم الشخص أمام محکمة مختصة ومستقلة ونزیهة منشأة وفقا للقانون، والحق فی استئناف الحکم أمام محکمة أعلى .
و لا یعرف حتى الآن طریقة ومعاییر تعیین قضاة المحاکم العسکریة،وما إذا کانت هناک عملیة استئناف، وما هی الإجرءات التی ستتبع فی حالة وجود استئناف .
مصدر:منظمة العفو الدولیة