الأطفال السوریون اللاجئون فی لبنان معرضون لخطر عمالة الأطفال وخسارة فرصة التعلیم
الأطفال السوریون اللاجئون فی لبنان معرضون لخطر...
بقلم: هیدین هولدورسون
صورة لدیانا فی مدخل سهل البقاع، أکبر عدد من اللاجئین السوریین فی لبنان.
صورة خاصة بالیونیسف
© UNICEF/UN043231/Romenzi
إذا لم تلتحق بالمدرسة أبداً، فکیف تتخیل الصف المدرسی؟ هناک العدید من الأطفال السوریین الذین یعیشون فی لبنان لا یمکنهم سوى أن یحلموا بما هو شکل الصف من الداخل، إذ لم یحصلوا على أی تعلیم رسمی أبداً. تعرفوا على الضغوط الاقتصادیة التی تجبر هؤلاء الأطفال اللاجئین على التخلی عن المدارس ودخول سوق العمل.
بیروت، لبنان 30 کانون الثانی/ ینایر 2017 – معظم الناس لا یمکنهم أن یتخیلوا الحیاة دون تعلیم. أما دیانا فلا یمکنها تخیل الحیاة مع تعلیم. ولیس بوسعها سوى أن تتخیّل غرفة الصف، إذ أنها لم تدخل المدرسة أبداً.
وتقول، "أتخیل المدرسة بأنها جمیلة جداً، مع رسومات لبنات وأولاد على الجدران".
کان الوقت قد تجاوز الظهر، وکانت تجلس فی الظل جوار السقیفة التی تسکن فیها فی سهل البقاع فی لبنان. وهناک آلاف المستوطنات غیر الرسمیة الشبیهة بهذه المستوطنة فی لبنان.
تبلغ دیانا من العمر ثلاث عشرة سنة، وکان ینبغی أنها أتمت سنوات من الدراسة. ولکنها تمضی وقتها فی الحقول تعمل مقابل أجر زهید. وحالما تعود إلى البیت، قبل وقت قصیر من غروب الشمس، تساعد أمها بأعمال المنزل وترعى شقیقاتها.
شقیقاتها الأصغر منها سناً لا یتذکرن شیئاً سوى الحرب. بید أن دیانا تتذکر الحیاة العادیة قبل اندلاع الحرب.
وتقول، "لقد أمضیت هنا خمس سنوات. وقد أتینا إلى هنا کی نعمل إذ بات الوضع فی سوریا سیئاً جداً. لم ألتحق بالمدرسة أبداً فی سوریا، لذا لم أتعلم القراءة. وعندما وصلنا هنا لم أذهب للمدرسة أیضاً إذ علی أن أساعد أمی".
"أقطف البطاطا"
یضم سهل البقاع أکبر عدد من اللاجئین السوریین فی لبنان. وفی بعض القرى، یفوق عدد السوریین عدد السکان اللبنانیین. ویستضیف البلد أکبر عدد من اللاجئین بالنسبة لعدد السکان فی العالم، إذ یبلغ عددهم واحد من کل أربعة أشخاص فی البلد.
سهل البقاع هو منطقة زراعیة خصبة، لذا هناک طلب کبیر على الأیدی العاملة الرخیصة. وینتشر عمل الأطفال فی المنطقة. وثمة قیود على إمکانیة اللاجئین السوریین البالغین فی الوصول إلى سوق العمل فی لبنان، مما یجبر الأطفال فی العدید من الحالات أن یصبحوا کاسبی القوت فی أسرهم. ویتلقى الأطفال أجراً یقل عن أجر البالغین، ولا یُطلب منهم إظهار بطاقات هویة عند حواجز التفتیش، کما أن الاحتمال أقل بأن یعرفوا حقوقهم.
وتقول دیانا، "أنا أقطف البطاطا فی الحقل وتحت الشمس لأننا بحاجة لکل مال یمکننا کسبه".
یتسم العمل فی سهل البقاع بأنه موسمی، مما یؤثر بشدة على التحاق الأطفال بالمدارس. وحتى لو کان الأطفال مسجلین فی المدارس الحکومیة، فقد یتغیبوا عن الدراسة لفترات ممتدة، أو یترکوا الدراسة نهائیاً إذا ساء الوضع الاقتصادی لأسرهم.
دیانا تحصط المحصول فی حقل فی وادی البقاع، لبنان. یصعب على اللاجئین السوریین الوصول إلى سوق العمل فی لبنان، لذا غالبا ما یجبر الأطفال على أن یصبحوا المعیل.
ولا یقتصر الأمر على أن عدد الأطفال السوریین العاملین یتزاید، بل تتزاید أیضاً نسبة الأطفال اللبنانیین المنخرطین فی أسوإ أشکال عمالة الأطفال. وتواجه الأسر اللبنانیة الفقیرة التحدیات ذاتها التی تواجهها الأسر السوریة اللاجئة، ومعظمها استوطنت فی المناطق الأشد فقراً فی لبنان. ومع ذلک، یشکل الأطفال السوریون 3 من کل 4 أطفال یعیشون ویعملون فی الشوارع.
وتقول تانیا تشابیسات، ممثلة الیونیسف فی لبنان، "فی هذا السیاق، من الصعب جداً التصدی لعمل الأطفال. إذ غالباً ما یکون هذا العمل هو مصدر الرزق الوحید للأسرة السوریة، إضافة إلى الدعم الذی تحصل علیه من الوکالات المختلفة التابعة للأمم المتحدة ومن المنظمات غیر الحکومیة، ویمکن للأجر الذی یحصل علیه الأطفال أن یحقق فرقاً حاسماً فی بقاء الأسرة. وما یمکننا أن نقوم به هو التدخل فی الحالات القاسیة لعمل الأطفال، وأن نطالب بتقلیص ساعات العمل، وأخیراً ولیس آخراً، أن نجعل من الممکن للأسر السوریة أن ترسل أطفالها إلى المدارس بدلاً من إرسالهم إلى العمل فی المزارع وفی المواقع الإنشائیة".
باب ینغلق
إن تأثیر الأزمات المطولة مثل الأزمة التی تمر فیها الجمهوریة العربیة السوریة والبلدان المجاورة لا یقتصر على تعطیل تعلیم الأطفال وحیاتهم لفترة مؤقتة، بل یمکنه أن یغلق الباب أمام التعلیم مدى الحیاة.
إن قصة دیانا هی قصة أکثر من ملیونی طفل سوری یعیشون کلاجئین فی جمیع أنحاء الشرق الأوسط – وهم أطفال تحطمت آمالهم وطموحاتهم فی الحصول على تعلیم.
محمد هو طفل یبلغ من العمر 15 عاماً وترک المدرسة منذ ست سنوات، وهو یخشى أن الوقت بات متأخراً جداً له کی یعود إلى مقاعد الدراسة. ویقول، "کل سنة تمر تجعل الأمر أکثر صعوبة".