اللاجئون لیسوا "موارد سیاسیة" رداً على مقال البروفیسور ألکسندر بیتس
اللاجئون لیسوا "موارد سیاسیة" رداً على مقال...
یقدم بیتس وجهة نظر مقنعة، إذ یشیر إلى أن البحوث التی أجریت مؤخراً ترکز على الفوائد الاقتصادیة لإعادة توطین اللاجئین فی الدول الأوروبیة مع إهمال الفوائد السیاسیة لاستخدامهم فی دعم "التحولات الطویلة الأمد للسلام والدیمقراطیة فی بلادهم". ویرى بیتس أن تعزیز شبکات الشتات وتوفیر الموارد السیاسیة قد لا یثبت فقط أنه وسیلة أکثر نجاحاً بل وسیلة تغییر أقل تکلفة أیضاً لتشجیع التحولات الدیمقراطیة فی "الدول المضطربة" عن الجهود الحالیة الرامیة إلى التأثیر عن طریق المساعدات أو التدخل. ویمضی قائلاً أن الحکومات الدیمقراطیة الغربیة التی ترفض الاعتراف بهذه الإمکانیة، ستخسر الفرصة للوفاء بالتزاماتها فیما یخص السیاسة الخارجیة اللیبرالیة فی خضم انشغالها بتلبیة الاحتیاجات المادیة المباشرة للاجئین، بما فی ذلک الوضع القانونی وإعادة التوطین المؤقتة.
وعلى الرغم من أن هذا الاقتراح یبدو أنیقاً، إلا أنه ینطوی على العدید من نقاط الضعف. فهو على سبیل المثال، یتجاهل اللاجئین الذین یفضلون عدم الانخراط فی الحالة السیاسیة فی بلدانهم الأصلیة، ناهیک عن توقع عودتهم والمساهمة فی تغییر تلک الأوضاع. إضافة إلى ذلک، هناک الکثیر من اللاجئین ممن یسعون للنأی بأنفسهم عن الصدمات النفسیة الأخیرة التی تعرضوا لها، فیما یعمد آخرون إلى تبنی هویات جدیدة (بل أن البعض یرفض حتى تسمیتهم باللاجئین تماماً) لکی یبدؤا حیاة جدیدة فی مجتمعات جدیدة. علاوة على ما سبق، یُلاحظ أن الاقتراح یهمل اللاجئین الذین لا یسهل حشد شبکاتهم الاجتماعیة ومواردهم الشخصیة لدفع عملیة التغییر السیاسی فی دولهم الأصلیة، مثل هؤلاء الذین قد تکون أسرهم فی خطر التعرض لعواقب وخیمة، على سبیل المثال، أو أولئک الذین یعانون من التهمیش فی مجتمعاتهم الأصلیة بالفعل. وهکذا، فإن النظر إلى اللاجئین على أنهم "أدوات مفیدة" للتغییر السیاسی یقلل ضمنیاً من شأن أولئک الذین یفتقرون إلى الرغبة أو الوسائل اللازمة للمساعدة فی عملیة إعادة البناء.
مع ذلک، هناک مشکلات أعمق تعتری الأسس التی تقوم علیها هذه الحجة. فمحاولات تکییف اللاجئین مع أجندة الدول المضیفة یمثل إضعافاً للأساس الذی یقوم علیه نظام حمایة اللاجئین: وهو إدراک أن لدى الدول التزامات تجاه اللاجئین، ویتعین علیها تکییف أجنداتها لتلبیة هذه الالتزامات. وعلى وجه التحدید، ینبغی أن تقر سیاسات الدول بأن اللاجئین یحتاجون إلى الحمایة لأن حریاتهم الفردیة تحدیداً – بما فی ذلک الحریة فی تحدید تصرفاتهم السیاسیة – قد تم تجاوزها من قبل دولهم الأصلیة، ومن ثم غادروها وهم، على حد وصف اتفاقیة اللاجئین لعام 1951، "غیر قادرین [...] أو غیر راغبین فی الاستفادة من الحمایة التی توفرها [هذه] الدول". ومن ثم فإن الواجب الأساسی للدولة المستقبلة للاجئین هو استعادة الإرادة الشخصیة للاجئ: وهو شیء یسهل عرقلته، بدلاً من العمل على تحقیقه، عبر إعادة تأطیر اللاجئین بحیث یتماشى مع أهداف سیاستها الخارجیة.
تقریر حصری:، الجناح الإنسانی للأمم المتحدة، یسرح 170 موظفاً ویبدأ الإصلاح
والأمر الذی یدعو للأسى والأسف هو أن هذه لیست انتقادات افتراضیة. فقد تحمل اللاجئون، على مر التاریخ، تکلفة معاملتهم کموارد سیاسیة من قبل الدول المضیفة أو الدول المجاورة النافذة. وکما قال بن رولنس فی مقال له فی صحیفة نیویورک تایمز، فی العام الماضی، قرار کینیا إغلاق مخیم داداب- أضخم مخیم فی العالم- وإعادة قرابة 600,000 لاجئ صومالی قد یُرى على أنه محاولة للحصول على تنازلات سیاسیة من الجهات المانحة الغربیة وتعزیز عدم الاستقرار فی الصومال. ولکی نکون منصفین، یعترف بیتس بأن المحاولات السابقة لحشد اللاجئین لإحداث تغییر سیاسی، مثل اعتماد الولایات المتحدة على "اللاجئین المحاربین" فی هندوراس وباکستان، کانت ملیئة بالمشکلات، ویسعى للنأی بمقترحه عن مثل هذه النماذج من خلال التأکید على "المعارضة السیاسیة غیر العنیفة". ولکن فی حین أن الغایات المتوقعة للتحول الدیمقراطی والتغیر السیاسی تبدو أکثر دقة وسلمیة وشرعیة، إلا أنه من الصعب القول بأنها تبرر الوسائل، التی تخاطر على نحو مشابه بحجب رغبات اللاجئین وأهدافهم.
وختاماً، یرى بیتس أنه ینبغی على الدول "تمکین اللاجئین". ونحن نتفق معه فی ذلک. ولکن فکرة تأطیر اللاجئین على أنهم أدوات "مفیدة" للأجندة الدولیة تصب فی عکس ذلک تماماً. من أجل أن یتم تمکین اللاجئین حقاً، یجب أن نتفادى الخطاب القائل بأنهم یمکن أن یصحبوا "مواردنا". وإلا فسوف ننظر إلى اللاجئین على أنهم یمثلون قیمة بقدر ما یکونون مفیدین لمشروعات إعادة الإعمار التی نتبناها. وبموجب هذا التأطیر، وباستعارة عبارة فیل کول، یصبح "تمثیل اللاجئ محدد له".
مصدر: http://www.irinnews.org/ar
مصدر الصورة: https://www.iom.int/