فلسطین: مجلس حقوق الإنسان یدین الاستخدام المفرط للقوة من جانب إسرائیل ویقرر إرسال لجنة...
فلسطین: مجلس حقوق الإنسان یدین الاستخدام المفرط...
وأعلن المجلس فی قرار أصدره، عقب دورة استثنائیة لمناقشة الأوضاع فی فلسطین، إیفاد لجنة دولیة مستقلة، یعینها رئیس المجلس، للتحقیق على وجه السرعة فی جمیع الانتهاکات والتجاوزات المزعومة للقانون الإنسانی الدولی والقانون الدولی لحقوق الإنسان فی الأرض الفلسطینیة المحتلة، بما فی ذلک القدس الشرقیة وقطاع غزة المحتل.
ودعا القرار، الذی حظی بموافقة 29 عضوا وامتناع 14 آخرین ورفض الولایات المتحدة وأسترالیا، إلى الوقف الفوری لجمیع الهجمات والتحریض والعنف ضد المدنیین فی جمیع أنحاء الأرض الفلسطینیة المحتلة، بما فی ذلک القدس الشرقیة.
وطالب القرار إسرائیل، بوصفها سلطة الاحتلال، بأن توقف فورا وبشکل تام إغلاقها غیر القانونی لقطاع غزة المحتل، الذی یرقى إلى عقاب جماعی للمدنیین الفلسطینیین، من خلال فتح المعابر بشکل فوری ومستدام وغیر مشروط لتدفق المساعدات الإنسانیة والسلع التجاریة والأشخاص، خاصة أولئک الذین یحتاجون إلى عنایة طبیة عاجلة.
مفوض حقوق الإنسان یؤید إجراء تحقیق دولی فی الأحداث
وقبیل التصویت على القرار تحدث مفوض الأمم المتحدة السامی لحقوق الإنسان زید رعد الحسین، مشیرا إلى وجود القلیل من الأدلة على أی محاولة لتقلیل الخسائر من قبل إسرائیل یوم الاثنین، بالرغم من زعم رئیس الوزراء الإسرائیلی بنیامین نتنیاهو عکس ذلک.
وقال زید، "على الرغم من أن بعض المتظاهرین ألقوا قنابل المولوتوف، واستخدموا الحبال لإلقاء الحجارة، وأطلقوا طائرات ورقیة محترقة داخل إسرائیل، وحاولوا قطع أسلاک السیاج بین غزة وإسرائیل، إلا أن هذه الأعمال لوحدها لم تشکل تهدیدا وشیکا على الحیاة أو الإصابة القاتلة التی یمکن أن تبرر استخدام القوة الممیتة."
وتابع المفوض السامی قائلا إن سکان غزة یعیشون فی أحیاء فقیرة وسامة منذ الولادة وحتى الموت، محرومین من الکرامة. وأضاف أن حالة حقوق الإنسان فی الأراضی الفلسطینیة المحتلة استمرت فی التدهور، مع تسارع بناء المستوطنات مرة أخرى هذا العام، جنبا إلى جنب مع ارتفاع عنف المستوطنین، وعملیات هدم الممتلکات الخاصة، بما فی ذلک عملیات الهدم العقابی.
وأضاف أن عملیات القتل الناتجة عن الاستخدام غیر القانونی للقوة من قبل قوة الاحتلال – إسرائیل - قد تؤدی إلى عملیات قتل متعمدة، فی انتهاک جسیم لاتفاقیة جنیف الرابعة. وأید المفوض السامی دعوات العدید من الدول والمراقبین بإجراء تحقیق دولی ومستقل ونزیه، مشددا على ضرورة محاسبة المسئولین عن الانتهاکات فی نهایة المطاف، وإنهاء الاحتلال.
الفلسطینیون أرادوا فقط أن یعیشوا أحرارا
وتحدث فی الجلسة أیضا، المقرر الخاص المعنی بحالة حقوق الإنسان فی الأراضی الفلسطینیة المحتلة مایکل لینک، قائلا إن "الغالبیة العظمى من سکان غزة کانوا ملتزمین بعدم اللجوء إلى العنف خلال الأسابیع السبعة الماضیة، وهم مسلحون فقط بأقدم الطموحات وأکثرها إنسانیة: أن یعیشوا أحرارا فی أرض خاصة بهم."
وأشار السید لینک إلى أن ملیونی شخص فی غزة یقبعون تحت الاحتلال، معزولین عن العالم الخارجی بحصار جوی وبحری شامل، ویعیشون فی وضع صعب للغایة وصفته الأمم المتحدة بأنه غیر قابل للاستمرار وغیر صالح.
وقال السید لینک، "إسرائیل، کدولة احتلال، مضطرة إلى احترام حقوق الإنسان للفلسطینیین الذین یعیشون فی الأراضی المحتلة، بما فی ذلک الحق فی التجمع السلمی. وکرر السید لینک قلقه بشأن استخدام إسرائیل المفرط للقوة، مشیرا إلى أن "القتل المتعمد" و"التسبب فی معاناة شدیدة أو إصابات خطیرة" للمدنیین یشکل انتهاکا خطیرا لاتفاقیات جنیف و جریمة حرب بموجب نظام روما الأساسی.
وأضاف أن "محاولة الاقتراب من السیاج أو إلحاق الضرر به أو حتى عبوره، من قبل فرد غیر مسلح یواجه جنودا مدججین بالسلاح، لا یشکل تهدیدا للحیاة أو إصابة خطیرة من شأنها أن تبرر استخدام القوة الممیتة."
من جانبها، قالت سفیرة إسرائیل لدى الأمم المتحدة بجنیف أفیفا راز شیختر إن قرار مجلس حقوق الإنسان کان مدفوعا مرة أخرى بدوافع سیاسیة، مشیرة إلى إن بلادها قد انسحبت من غزة فی عام 2005، وأن حماس استغلت المدنیین فی حملة عنیفة ضد إسرائیل.
وبینما ألقت إسرائیل باللوم على السلطة الفلسطینیة لرفضها تحویل الرواتب والموارد إلى غزة، انتقدت عقد الدورة الاستثنائیة للمجلس، الأمر الذی یمثل نجاحا ومکافأة لحماس. وأشارت سفیرة إسرائیل إلى التزام بلادها بالدفاع عن شعبها وفق المبادئ المنصوص علیها فی القانون الدولی.
من جانبه، وصف سفیر دولة فلسطین إبراهیم خریشة إعلان الرئیس الأمریکی فتح السفارة الأمریکیة فی القدس بخرق لاتفاقیات جنیف وحقوق الإنسان. وأضاف أن الفلسطینیین أعربوا عن غضبهم یوم نقل السفارة واحتجوا على ذلک، وأن المتظاهرین کانوا یطالبون بالحریة وأرادوا أن یتحرروا من الاحتلال.
وفی إشارة إلى محاولة تزویر المعلومات، أکد السفیر الفلسطینی أن المتظاهرین فی الشوارع کانوا متظاهرین مدنیین وکانوا یحملون علم فلسطین ولم یستخدم أی منهم أی سلاح قاتل أو حریق. وقال خریشة إن إسرائیل قد استخدمت تبریرات عن وجود تهدید ضدها لمنع جلسات خاصة فی مختلف المحافل الأخرى.
بیان المجلس الحقوق الانسان
نستنکر العنف القاتل والمروّع الذی وقع فی غزّة البارحة، حیث قَتَلَت قوّات الأمن الإسرائیلیّة 58 فلسطینیًا وجرحت حوالى 1,360 متظاهرًا بالذخیرة الحیّة. ومن بین الجرحى، 155 شخصًا لا یزالون فی حالة حرجة. ومِن بین الذین فارقوا الحیاة، ستّة أطفال وعامل فی مجال الصحّة، کما أنّ 10 صحافیّین أُصیبوا بطلقات ناریّة. وقد رزح نظام العنایة الصحیّة المتداعی أصلاً فی غزّة تحت أعباء ثقیلة، فأمسى کلّ من یعانی إصابات خطیرة تهدّد حیاته یوجه أقبح السیناریوهات فی غیاب أَسِرَّة ملائمة وخدمات طبیّة مناسبة فی المستشفیات. ولا نزال نشهد حالات یمنع خلالها الإسرائیلیّون المتظاهرین الجرحى من مغادرة غزّة بحثًا عن علاج.
لقد ذکرنا مرارًا وتکرارًا قواعد استخدام القوّة بموجب القانون الدولیّ، ولکن یبدو أنّه یتمّ تجاهلها مرّة تلو الأخرى. کما یبدو أن الجمیع عرضة للقتل أو الجرح بالرصاص الحیّ: النساء، والأطفال، والصحافیّون، وأوّل المسعفین والمتفرّجون، المتواجدون حتّى مسافة 700 متر من السیاج.
اقترب عدد من المتظاهرین من السیاج، وقاموا برشق قوّات الأمن الإسرائیلیّة بالحجارة والزجاجات الحارقة، وأطلقوا فی السماء طیّارات ورقیّة مشبّعة بالبنزین. کما حاول البعض منهم إلحاق الضرر بالسیاج الذی یفصل غزّة عن إسرائیل. فی حین أشعل البعض الآخر الإطارات. فردّت القوّات الإسرائیلیّة بإطلاق الغاز المسیّل للدموع، والرصاصات المطاطیّة، وأنواع أخرى من الذخائر الحیّة، تسبّبت بإصابات مروّعة وإعاقات مدى الحیاة. نشدّد من جدید على أنّه لا یمکن استخدام القوّة الممیتة إلاّ کإجراء أخیر – ولیس کأوّل إجراء، وإن کان فی ذلک من تهدید قائم وداهم للأرواح. فمحاولة الاقتراب من السیاج، أو عبوره، أو إلحاق الضرر به لا ترقى إلى تهدید الأرواح أو التسبّب بإصابات خطیرة، ولا تکفی لتبریر استخدام الذخیرة الحیّة. والأمر سیّان بالنسبة إلى الحجارة والزجاجات الحارقة التی رُمیت عن بعد على قوّات الأمن المحمیّة تمامًا وراء مواقع دفاعیّة.