على البحرین وقف المعاملة المهینة للمعتقلین
على البحرین وقف المعاملة المهینة للمعتقلین
قال أفراد أسر 12 معتقلا من النشطاء المعارضین أو الحقوقیین المعتقلین فی المبنى رقم 7 من سجن جو، للمنظمات الحقوقیة إن، بموجب إجراءات جدیدة، أصرت السلطات على تقیید أرجلهم، والکثیر منهم مسنون وفی حالة صحیة سیئة، کلما خرجوا من زنازینهم، بما فی ذلک أثناء زیارة أطباء. یقضی الرجال أحکاما بالسجن لمدد طویلة ترتبط بدورهم البارز والسلمی فی انتفاضة فبرایر/شباط 2011 المطالبة بالدیمقراطیة.
قال جو ستورک، نائب مدیرة قسم الشرق الأوسط فی هیومن رایتس ووتش: "تُستخدم هذه القوانین الجدیدة لإهانة وإذلال سجناء لا یُشکّلون خطر هروب واضح. یمکن للسلطات أن تتخذ تدابیر معقولة لمنع الهروب، لکن تکبیل المرضى العجزة، وکثیر منهم ضحایا تعذیب، یتخطى الاحتیاجات الأمنیة".
على السلطات الإفراج فورا ودون شرط على جمیع الأشخاص المحتجزین فقط بسبب ممارستهم لحقهم فی حریة التعبیر والتجمع السلمی.
فی 12 أبریل/نیسان 2017، بدأ المدافع عن حقوق الإنسان عبد الهادی الخواجة، أحد السجناء المحتجزین فی المبنى رقم 7، إضرابا عن الطعام احتجاجا على القوانین الجدیدة المفروضة على المدافعین عن حقوق الإنسان ونشطاء المعارضة وعموم نزلاء السجن، والتی یعتقدون أنها رد غیر متناسب على هروب مجموعة أخرى من السجناء – تتکون من 10 سجناء – من سجن جو فی 1 ینایر/کانون الثانی.
بالإضافة إلى تقیید الأرجل، الذی دفع المعتقلین إلى رفض حضور مواعید طبیة احتجاجا على ما اعتبروه معاملة مهینة، قلصت السلطات ساعات الزیارة ومدة المکالمات الهاتفیة مع ذویهم.
منذ حادثة الهروب، التی أسفرت عن مقتل عنصر من الشرطة، أبلغ أفراد أسر الناشطین الحقوقیین والمعارضین وعدد من السجناء الآخرین المنظمات الحقوقیة بتدهور معاملة السلطات لأقاربهم بشکل کبیر.
منذ مارس/آذار، دأبت السلطات على تکبیل سجناء المبنى رقم 7 عند مغادرتهم زنازینهم. هذا التکبیل غیر المبرر للمعتقلین مخالف للقاعدة 47 من قواعد ماندیلا، التی تنص على أن تُستخدم أدوات التقیید فقط کإجراء وقائی ضد الهروب أو لمنع السجناء من جرح أنفسهم أو آخرین. کما قال أفراد من أسر سجناء فی مبانی أخرى للمنظمات الحقوقیة إن أقاربهم صاروا یکبلون عند مغادرتهم زنازینهم بعد حادثة الهروب، وأن زنازینهم تُقفل معظم ساعات النهار. هذا یعنی بالنسبة للسجناء الذین لا یتوفرون على مرحاض فی زنازینهم أنهم یمنعون من الذهاب إلى المرحاض فی أوقات معینة.
قالت الآلیات الدولیة لحقوق الإنسان إن تقیید السجناء المسنین أو العجزة الذین لا یشکلون خطر هروب یمکن أن یشکل سوء معاملة. یبدو أن سلطات السجن راغبة فی الالتزام ببعض قواعد ماندیلا من خلال نقل مرضى یحتاجون علاجا متخصصا إلى مؤسسات متخصصة أو مستشفیات مدنیة. لکن الاستخدام غیر المتناسب للقیود المادیة مهین ویمنع المعتقلین من الوصول إلى الرعایة الصحیة التی یحتاجونها.
قال أفراد من عائلة الخواجة (56 عاما) للمنظمات الحقوقیة إنه کان على موعد مع طبیب عیون متخصص فی المستشفى العسکری التابع قوات الدفاع البحرینیة فی 12 مارس/آذار لمعالجة آلام فی الرأس ومشاکل فی الرؤیة. لکن إدارة السجن اشترطت علیه الخضوع لتفتیش بدنی وهو عارِ قبل الزیارة، وارتداء زی السجن، وتکبیل ساقیه وکاحلیه.
قالت عائلته إنه رفض هذه الشروط لأنها تنطوی على إذلال. کتب الخواجة لسلطات السجن فی مارس/آذار یطلب موعدا طبیا جدیدا والسماح له بالذهاب دون تفتیش أو تکبیل، لکنه لم تلق ردا حتى الآن. فی 12 أبریل/نیسان، بدأ إضرابا عن الطعام. أعربت عائلته عن قلقها إزاء تأثیر إضرابه عن الطعام على صحته المتدهورة أصلا، وقالت إنه رفض فی 15 أبریل/نیسان الخضوع لرعایة طبیة لمعالجة انخفاض مستوى السکر فی الدم احتجاجا على القوانین.
فی 20 أبریل/نیسان، بدأ الخواجة فی تناول السوائل اللازمة لتجنب فقدان الوعی ونقله إلى المستشفى، حیث کان یخشى أن یتعرض للإطعام القسری، کما حصل له خلال إضراب سابق عن الطعام. یعانی الخواجة من الإرهاق والهزال والدوار، وتراجع وزنه، وظل مستوى السکر فی دمه منخفضا.
قال أحد أفراد عائلة الدکتور عبد الجلیل السنکیس (55 عاما)، الذی یحتاج عکازات أو کرسی متحرک لأنه یعانی من شلل الأطفال وفقر الدم المنجلی، للمنظمات الحقوقیة إنه رفض حضور مواعید طبیة، بما فی ذلک موعد فی 12 مارس/آذار مع متخصص فی أمراض الدم، وموعد فی أوائل شهر مارس/آذار لعلاج إصابة فی الکتف، بسبب إصرار سلطات السجن على تکبیله بالسلاسل أثناء نقله.
قال أفراد من عائلتی محمد حسن جواد (69 عاما) وحسن مشیمع (69 عاما) إنهما رفضا أیضا حضور مواعید طبیة أساسیة احتجاجا على إصرار السلطات على تکبیلهم وارتدائهم زی السجن أثناء ذهابهم لمواعیدهم. یعانی حسن مشیمع من مشاکل فی القلب، وأصیب سابقا بالسرطان ویحتاج إلى فحوصات منتظمة. وفقا لأسرته، فإنه یحتاج إلى مسح بتقنیة التصویر الطبقی بالإشعاع البوزیترونی (PET) کل 6 أشهر، وکان قد أجرى آخر مسح قبل أکثر من 8 أشهر.
قال حسین عبد الله، المدیر التنفیذی لمنظمة "أمریکیون من أجل الدیمقراطیة وحقوق الإنسان" فی البحرین: "لقد تدهورت صحة هؤلاء النشطاء البارزین فی مجال السیاسة وحقوق الإنسان أثناء احتجازهم التعسفی المطول منذ عام 2011. تکبیل سجناء الرأی هؤلاء لیس إجراء أمنیا شرعیا، والمقصود منه هو إهانتهم وإذلالهم. على المجتمع الدولی ألا ینسى المعتقلین لمدة طویلة بسبب الرأی، وعلیه أن یعمل على إنهاء اعتقالهم الجائر والعقابی".
منذ 1 مارس/آذار، قلصت إدارة السجن إلى النصف زیارات الأسر لجمیع السجناء، من ساعة واحدة إلى 30 دقیقة، مرة واحدة کل أسبوعین أو 3 أسابیع، وجمیع السجناء الآن مفصولون عن عائلاتهم بحاجز زجاجی أثناء الزیارات. ومنذ یونیو/حزیران 2016، تم تقلیص مدة المکالمات الهاتفیة مع أسرهم، والتی یسمح لهم بها نحو 3 مرات فی الأسبوع، من 40 دقیقة إلى 30 دقیقة مجتمعة. فی 20 مارس/آذار، أوقفت سلطات السجن تزوید المحتجزین بورق المرحاض.
فی 1 مارس/آذار، بدأ المعتقلون فی المبنى رقم 7 وآخرون مقاطعة الزیارات العائلیة احتجاجا على الأوضاع المتردیة التی یعانون منها.
قالت لین معلوف، مدیرة البحوث فی المکتب الإقلیمی لـ "منظمة العفو الدولیة" فی بیروت: "هؤلاء النشطاء المعارضون هم سجناء، ما کان ینبغی لهم أن یقضوا یوما واحدا فی السجن. على السلطات أن تکف فورا عن معاقبة نزلاء سجن جو بشکل جماعی وتعسفی بسبب هروب مجموعة من السجناء الآخرین، وعلیها إطلاق سراح جمیع سجناء الرأی دون تأخیر، وضمان معاملة جمیع السجناء معاملة إنسانیة، وحصولهم على العلاج اللازم الذی یحتاجونه".
تنص القاعدة 36 من قواعد ماندیلا على أنه یجب الحفاظ على الانضباط والنظام دون تجاوز الحد اللازم من القیود لضمان سلامة الاحتجاز وتسییر شؤون السجن بأمان وتحقیق حیاة مجتمعیة جیدة التنظیم. ولذلک فإن السلطات تستطیع اتخاذ خطوات لتقلیص خطر الهروب، لکن یجب أن تکون تدابیرها متناسبة، ولا تمس بکرامة السجناء، وینبغی ألا تفاقم المعاناة الکامنة فی الحرمان من الحریة. ینبغی التحقیق فی أی معاملة قاسیة أو لاإنسانیة أو مهینة متعمدة ضدّ السجناء، ومحاسبة المسؤولین عنها.
حُکم على 11 معتقلا – من بین 12 فی المبنى رقم 7 – فی محاکمات لا تستوفی المعاییر الدولیة للمحاکمة العادلة، وأدینوا بجرائم منها تورطهم المزعوم مع مجموعة کانت تهدف إلى تغییر النظام الملکی فی البحرین بنظام حکم جمهوری. علاوة على ذلک، تتألف الأدلة المقدمة ضدهم خلال محاکماتهم فقط من تصریحات علنیة مؤیدة لإصلاحات تقلص سلطة عائلة آل خلیفة الحاکمة، و "اعترافات" تم انتزاعها بالإکراه بینما کانوا رهن الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجی. أدین المعتقل الـ 12، الشیخ علی سلمان، الذی تم تخفیض عقوبته بالسجن من 9 إلى 4 سنوات فی 3 أبریل/نیسان، بسبب ممارسته لحقه فی حریة التعبیر السلمی، بعد محاکمة جائرة.
قالت "اللجنة البحرینیة المستقلة لتقصی الحقائق" فی تقریرها الصادر فی نوفمبر/تشرین الثانی 2011، إن السلطات أخضعت المجموعة إلى "ممارسات ممنهجة من سوء المعاملة"، بما فی ذلک التعذیب، بعد اعتقالهم فی بعض الحالات. لم توفر السلطات إعادة تأهیل بدنی أو نفسی للمعتقلین الذین تعرضوا للتعذیب.